قصيده جديده لمريد البرغوثى : منتصف الليل

قصيده جديده لمريد البرغوثى : منتصف الليل


05-26-2005, 09:32 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1117096371&rn=0


Post: #1
Title: قصيده جديده لمريد البرغوثى : منتصف الليل
Author: Hatim Elhassan
Date: 05-26-2005, 09:32 AM

(مقتطفات)

(1)
عَمّا قليل
تَخْرُجُ الشمسُ من غُرفةِ نَوْمِها
وببطءٍ مَلَكِيّ
تفكُّ الضِّمادَ السميكَ
عن حَواسِّ الكَوْنْ:

تُفيق البراعِمُ من بَنْجِ الشتاءْ
تثرثر،
سَكْرى بِلَوْنِها النبيذيّ

تَنْدَفِعُ الزُّهورُ
المنقوشةُ على صدر قَميص البنْتْ
قلبها يتعلم الرَّنينْ
خطاها تتعلم الالتفات
ومخدّتُها تشتاق لشَعرِها الهائِجْ

الماعز يحك الجدار
الضوء يحك أوراقَ الحُور
إذ تَقْلِبُها الرياح
يحك سرير النحاس
وخاصرة العروس
روح الكون تتخذ لها جسداً
من الحشائش والمُرّارِ والزيزان
من الهديل والندى
من نشاط البغل،
من شهوة الحصان
ومن تَوَلْدُنِ القرود في أقفاصها
ويَعلو الدبّورُ في ضَلالِ الجِهاتْ

تُطِلُّ أولى وُرَيْقاتِ البازِلاّء
واللِّفْت، وهندباء البراري

يقفز الحُبُّ الوحْشِيُّ بين وَلَدٍ وبِنْت
كارتطامِ وعْلَيْنِ في الرَّذاذْ،

يلعب المُهْرُ الأَحْمَرُ،
يَنْقَلِبُ على ظَهرهِ
يَحُكُّ صَهْوَتَهُ بالتُّرابْ
يرفسُ شَياطينَ لا يراها سِواه
ويَلْعَبْ!

ينطلق السَّيْلُ في مَجْراه
فيُلغي الفارِقَ بين الحَصى
والحَجَرِ الكريمْ

تستيقظ أوجاعُ العِظام!
تأخذ الجَدَّةُ شايَها إلى مُسْتَطيلِ الشَّمْسِ
قُرْبَ العَتَبَةْ

تتململُ الشُّرورٌ الصغيرة!
ويمارس الأولادُ مَكائِدَهُمْ
ضد الوَلَدِ الطيِّبْ

تمارس زهور الخبّاز فُجورَها العَلَنيّ في الشُّرُفاتْ

تتلفت الحِرْباءُ الصغيرةُ بعنقها
كعارضة أزياء فخور

يَخْرُجُ النَّمْلُ من مَخازنِهِ الذَّكِيَّة
والحَلَزوناتُ من قِلاعِها البيضاءْ
المقاهي تُخْرِجُ كراسيها
إلى الأرصِفَة

أراجيحُ الأولادِ النائمةُ مثلَ حِصانِ الحلوى
تَرْفَعُ ضِحْكاتِهِمْ إلى أبْعَدِ نافذةٍ مفتوحة

يُفَكِّرُ الزوجانِ مُبَكِّراً
في أسماءَ سخيفَةٍ للمولودْ

الأرملةُ التي صَبَرَتْ صَبْرَ الرَّماد
تَحْتَ زعفران الجمر
تبحثُ، فجأةً، عن مِرْآتِها
وتحتارُ طويلاً أمام خزانتها

أمّا أنت!
أنت برسغك المقَيَّدِ إلى رُسْغِ اللَّعْنَة
تتابع، مُكْرَهاً، ما يفعلُهُ خنزيرُ التاريخ
في مُتْحَفِ يومِكْ
كأنّ لكَ شَمساً تَخُصُّكَ دون العالَمِينْ
شَمساً لن تُضيئَك
إلا إذا رَكَلْتَها بِقَدَمِكْ
إلا إذا ضَرَبْتَها بالسَّوْطْ!
***
تأخُذُ مِن مَوقِدِكَ البارد إصبعَ فَحْمٍ
وبيدٍ قويّة،
تكتب على جِدارِكَ الأمْلَسْ:

- لا بد أن يكون لي يَوْمٌ
يُناديني باسمي!
- لا بُدَّ أن يَكونَ لي وَطَنٌ
غَيْرَ هذه الصَّفْحَة!

(2)

عَمّا قليل
تَخْرُجُ الشمسُ من غُرفةِ نَوْمِها
وببطءٍ مَلَكِيّ
تفكُّ الضِّمادَ السميكَ
عن حَواسِّ الكَوْنْ:

تُفيق البراعِمُ من بَنْجِ الشتاءْ
تثرثر،
سَكْرى بِلَوْنِها النبيذيّ

تَنْدَفِعُ الزُّهورُ
المنقوشةُ على صدر قَميص البنْتْ
قلبها يتعلم الرَّنينْ
خطاها تتعلم الالتفات
ومخدّتُها تشتاق لشَعرِها الهائِجْ

الماعز يحك الجدار
الضوء يحك أوراقَ الحُور
إذ تَقْلِبُها الرياح
يحك سرير النحاس
وخاصرة العروس
روح الكون تتخذ لها جسداً
من الحشائش والمُرّارِ والزيزان
من الهديل والندى
ومن نشاط البغل،
من شهوة الحصان
ومن تولدن القرود في أقفاصها
ويَعلو الدبّورُ
في ضَلالِ الجِهاتْ

تُطِلُّ أولى وُرَيْقاتِ البازِلاّء
واللِّفْت، وهندباء البراري

يقفز الحُبُّ الوحْشِيُّ بين وَلَدٍ وبِنْت
كارتطامِ وعْلَيْنِ في الرَّذاذْ،

يلعب المُهْرُ الأَحْمَرُ،
يَنْقَلِبُ على ظَهرهِ
يَحُكُّ صَهْوَتَهُ بالتُّرابْ
يرفسُ شَياطينَ لا يراها سِواه
ويَلْعَبْ!

ينطلق السَّيْلُ في مَجْراه
فيُلغي الفارِقَ بين الحَصى
والحَجَرِ الكريمْ

تستيقظ أوجاعُ العِظام!
تأخذ الجَدَّةُ شايَها
إلى مُسْتَطيلِ الشَّمْسِ
قُرْبَ العَتَبَةْ

تتململُ الشُّرورٌ الصغيرة!
ويمارس الأولادُ مَكائِدَهُمْ
ضد الوَلَدِ الطيِّبْ

تمارس زهور الخبّاز فُجورَها العَلَنيّ
في الشُّرُفاتْ

تتلفت الحِرْباءُ الصغيرةُ بعنقها
كعارضة أزياء فخور

يَخْرُجُ النَّمْلُ من مَخازنِهِ الذَّكِيَّة
والحَلَزوناتُ من قِلاعِها البيضاءْ
المقاهي تُخْرِجُ كراسيها
إلى الأرصِفَة

أراجيحُ الأولادِ النائمةُ مثلَ حِصانِ الحلوى
تَرْفَعُ ضِحْكاتِهِمْ
إلى أبْعَدِ نافذةٍ مفتوحة

يُفَكِّرُ الزوجانِ مُبَكِّراً
في أسماءَ سخيفَةٍ للمولودْ

الأرملةُ التي صَبَرَتْ صَبْرَ الرَّماد
تَحْتَ زعفران الجمر
تبحثُ، فجأةً، عن مِرْآتِها
وتحتارُ طويلاً أمام خزانتها

أمّا أنت!
أنت برسغك المقَيَّدِ إلى رُسْغِ اللَّعْنَة
تتابع، مُكْرَهاً، ما يفعلُهُ خنزيرُ التاريخ
في مُتْحَفِ يومِكْ
كأنّ لكَ شَمساً تَخُصُّكَ دون العالَمِينْ
شَمساً لن تُضيئَك إلا إذا رَكَلْتَها بِقَدَمِكْ
إلا إذا ضَرَبْتَها بالسَّوْطْ!
***
تأخُذُ مِن مَوقِدِكَ البارد إصبعَ فَحْمٍ
وبيدٍ قويّة، تكتب على جِدارِكَ الأمْلَسْ:

- لا بد أن يكون لي يَوْمٌ
يُناديني باسمي!
- لا بُدَّ أن يَكونَ لي وَطَنٌ
غَيْرَ هذه الصَّفْحَة!

(3)

العاصفةُ تمدُّ يَدَها المُهَذَّبة
تُديرُ مِقبضَ بابِ الكَوْنْ
تَدْخُل علَيَّ كغريبٍ مُتَرَدِّد
ثم تَخَلْع أقْنِعَتها واحِداً واحداً:
ترمي البَرْقَ في الغابات
والعتمةَ في المَشاعِل
واليأسَ في السّفُن
والشيطانَ في حَوافرِ الخَيْلْ
والزُّرْقَةَ في شِفاهِ الحوذيّ
وترميني عارياً
في فَكِّ الليلة!

الريحٌ
تكاد تَخْلَعُ قُرونَ الوَعْل!

عَضَلاتُ المَوْج
تكاد تُزيحُ قَوْسَ اليابِسة!

البَحْرُ جِيادٌ من الفوسفور
تَضْرِبُها سِياطُ لا تُرى
فتَعْلِكُ الرَّذاذَ
والآفاق
والنّجوم
وتَعْلَقُ بِحَوافِرِها الطائرةِ
رائِحةُ الكبريتْ!

لا مَراكِبَ في ضِِيافَةِ البَحْر
الميناءُ قيشاني يَتَكَسَّرُ

لا شيء يحمي السّاحلَ مِن القَشعريرة
ولا حتى فِراءُ الزَّبَدْ

كُرْسِيّانْ... يفرّان أمامَ الريح،
يتراكضان على الرمل
كأنّهما أَعْرَجانِ في سِباقْ

عُتاةُ المُرَوِّضين لن يُغلِقوا فَكَّ هذهِ اللَّيْلَة!
ولن يُعيدوا المَوْجََ الفالِتَ
إلى أقفالِ الحُرّاسْ!

ألوذُ فوراً بتلكَ الدّار، حيث القٌبَّةُ المُسَيْطِرَة
والعقودُ الرَّحيمة
حيث الألْحِفَةُ السَّميكَة،
وصُوَرُ الجدود (المُتآكلةُ الحَوافّ،
رُغْمَ صلابة شواربهم)
ثابتة على الجُدران كأنها شُيِّدَتْ معها
وجَدّي، واهِماً أن الدّنيا بِخَيْر
يعبِّئُ غليونَهُ الريفيّ
لآخِرِ مَرَّةٍ،
قَبْلَ وصولِ الخُوَذْ
والجَرّافاتْ!

في أسنانِ الجَرّافَةِ
تَعْلَقُ عَباءَةُ جَدّي.

تتراجعُ الجرّافة أمتاراً/
تقذفُ حُمولَتَها مِن الأَنقاضْ/
وتعودُ لتملأَ ملعقتَها الهائِلةَ
بما لا يُشْبِعُها

عِشرينَ مَرَّةً،
تروحُ الجَرّافةُ وتَجئ/
وعباءةُ جَدّي عالِقةٌ بها!

بعد انحسار الغُبار
عن البيت الذي كان هنا
مُحَدِّقاً في الفَراغ "الجديد"
رأيتُهُ مرتدياً عباءَتَه!

رأيتُهُ مرتدياً نَفْسَ العباءة!
ليس مثلَها،
بل ذاتَها!
عانَقَني وظَلَّ صامتاً، مُحَدِّقاً،
كأنّ نَظْرَتَهْ
تأمرُ الأنقاضَ أن تَعودَ بيتاً عامراً!
تُعيدُ الستائرِ إلى زُجاج الشّبابيك/
وجَدَّتي إلى كُرسِيِّها
وأدويتِها المُلَوَّنَة
تعيد الملاءاتِ إلى الأَسِرَّةَ/
والأضواءَ إلى السقوف/َ
والصُّوَرَ إلى الجُدران/
كأنّ نظْرَتَه تُعيدُ المَقابِضَ إلى الأبواب
والشُّرُفاتِ إلى النجوم
كأنها تَحْمِلُنا ثانيةً لنُكْمِلَ العشاء/
كأنّ الكَوْنَ لم يَخْربْ!
كأنّ للسّماءَ عينين وأذنين!
واصَلَ التحديقَ في الفراغ
قلت:
ماذا سنفعلُ بعد ذهاب الجنود؟
ماذا سيفعلُ بعد ذهاب الجنود؟
كان يُكَوِّر كَفَّه ببطء
يُعيدُ عَزيمَةَ المُلاكِم إلى قَبْضَةِ يَدِهِ اليُمْنى،
إنها يَدُهُ ذاتُها،
يَدُهُ البرونزيةُ الخَشِنَة
يَدُهُ التي رَوَّضَتْ مُنْحَدَرَ العُلّيق
يَدُهُ التي رَتَّبَت الرَّيَّ كالرياضيّات
يَدُهُ التي ترفع الفأسَ هيّناً،
خَفيفاً، كالدُّعاء
يَدُهُ التي تفلقُ القُرْمِيَّةَ بِضَرْبَةٍ واحِدة
يَدُهُ المفتوحةُ للصَّفْح
يَدُهُ المُغْلَقَةُ على قِطَعِ الحلوى للأحفاد،
يَدُهُ المَبْتورَةُ
منذُ سِنين!

(4)

أيها الأعداءُ "شَيءٌ ما" يُثيرُ الشكَّ فيكُمْ!
كُلُّ ما في جَبَلِ الأوليمبِ من آلِهَةٍ
مَعَكُمْ!
تتلقّى الأمرَ مِن شَهْواتِكُمْ!
تَرْمي إذا تَرْمونَ والأرضُ كما شِئْتُمْ تدورْ!
نَصْرُكُمْ مِهْنَتُكُمْ
كلُّ حَرْبٍ ضِدَّنا تَرْفَعُكُمْ أَعلى وأَعلى
ثم ترمينا على أقْدارِنا
مثل سَرْوٍ في ظَلامِ المدفأة!
كلُّ ما تَبْنونَهُ يبقى ويَزْدادُ
وما نَبْنيهِ تَذْروهُ المَراثي
نحن للقَبْرِ، وأيديكمْ لِشمبانيا الظَّفَرْ
والذي في دَفترِ القتلِ لَدَيْكُمْ
ليس إلا ميِّتاً،
مُُتْ! فَيَموتْ!
أيها الأعداءُ صارَ الإنتصارْ
عادةً يوميةً كالخُبزِ في أَفْرانِكُمْ
فلماذا هذه الهستيريا؟ ولماذا لا نَراكُمْ راقِصِينْ؟
كَم مِن النَّصْرِ سَيَكْفيكُمْ لكي تَنْتَصِروا؟
أيها الأعداءُ، "شيءٌ ما" يُثيرُ الشكَّ فيكُمْ،
ما الذي يَجْعلُكُمْ، في ذُروةِ النَّصْرِ عَلَيْنا،
خائِفِين؟!