ما لزياد والقبيــــــــــلة ؟!

زياد قاسم ، ابني الأوسط ، رافقني لسفارتنا صباح اليوم 26 – 5-2005 م ، بغرض استخراج شهادة جنسية ، ثم جواز سفر ، باعتبار أن زياد قد بلغ السن القانونية لفصله عن جواز والدته ، وأصبح يستحق أن يتحرك بمفرده ويسافر كيفما يشاء ومتى ما أراد ...
كنت حريصا على تعريف أبنائي على أصولهم ، وحدثتهم كثيرا عن حكاياتنا ، ورواياتنا ، وقصصنا ، ومعدننا ،، وتصورت أنهم بذلك يمكن أن يعوا أن لهم انتماء قبلي ، على الأقل من باب إثبات النسب ... لكن يبدو أن زياد لم يكن يهتم كثيرا ، فأجاب على سؤال سعادة مدير الجوازات حين سأله عن قبيلته ، بأنه من الجزيرة ،، ثم حين تكرر عليه السؤال ، قال أنه من معتوق ... فأعنت زيادا ( أي غششته ) وقلت لسعادة مدير الجوازات أننا ننتمي لقبيلة العركيين ... وقد ضحك مدير الجوازات على تردد زياد ، وجهله بقبيلته ، وكانت فرصة لنا نحن الجالسين لنرى ابتسامة سعادة المدير ، إذ أنه حين دخل مكتبه - وكنا نحن جلوسا قبله - دخل دون ابتسام أو سلام ...
ابني زياد خليط من قبائل شتى من سوداننا الواسع ، فوالده – أنا – أنحدر من أصول عركية ، لكن إحدى جداتي تنمتي إلى قبيلة الكواهلة ، وهي جدة أبي ، أم والده ،،، أما والدة زياد فإنها تنتمي إلى قبائل متعددة ، فوالدها جعلي ، وأمها بنت خال أبيها وهو جعلي ، لكنها تنتمي من ناحية أمها إلى قبيلة الفور ، فهي حفيدة السلطان علي دينار ، وجدتها نفيسة بنت السلطان ،،، ومن خلال حبي إلى البحث في أصول الناس ، فقد عرفت أن أم جدها لأمها محسية ، وقد تزوج جدها من أربعة نساء ، وكل واحدة تنتمي إلى قبيلة مختلفة ،،، أي أن أخوال زوجتي – أم زياد – تدخل في دمائهم قبائل شتى ...
لو كنت مكان زياد لترددت في ذكر اسم قبيلتي ، ولكنت رددت على أبي حين يلقنني اسم قبيلتي بقولي : أنا سوداني وبس ...
وسؤالي :
لماذا نصر على توريث أبنائنا هذا السؤال عن انتمائنا القبلي ،،، هل فعلا التزمنا بالنقاء القبلي ، أي هل قبائلنا لم تختلط ولم تنصهر بعد ؟؟
أعتقد أننا يجب أن نتجاوز هذا الأمر ،، ويكفينا أن نحدد انتماءنا الجغرافي ، وأن نورد اسمنا رباعيا ،،، وأن ننطلق نحو قولنا : أنا سوداني وبس ..

شكرا يا ود قاسم على البوست الظريف.. وأنا شديد الإعجاب بمثابرتك على الكتابة التعليمية في هذا المنبر..

تابعت بالأمس بعضا مما جاء في بوستك عن علاء الدين وعمر الفاروق..

العنصرية في السودان جزء من ثقافة سرية شائعة ويجب على المثقفين الذين يحترمون أمانة القلم العمل على إزالتها من عقول وقلوب السودانيين.. الغريبة لاحظت بعض أبناء المغتربين في الخليج والذين يدرسون هنا في أوروبا يحملون بعض المشاعر العنصرية فعرفت أن جذور الشعور العنصري قوية في المجتمع السوداني..


معرفة الجذور القبلية وغير ذلك لا بأس بها إذا لم تكن تحمل ظلالا عنصرية.. ولكن على كل حال فالسودانيون خليط بين مختلف القبائل والأجناس، وهذا يدل عليه لونهم وأشكالهم.. ونظرة إلى كتاب طبقات ود ضيف الله توضح مدى تداخل القبائل في زمن السلطنة الزرقاء..

وسلامي لزياد..

ولك التحايا..

د. ياسر
سلام كتير ،،
أعتقد أنه يفيدنا كثيرا أن نبين للجيل الجديد أن العنصرية نفق لا يجب أن ندع ظلامه يطفئ نور إنسانيتنا ، فكثيرون يمكن أن يكونوا عنصريون عن جهل ، وبعضهم ربما يفهم أن له مصلحة في ممارسة العنصرية ،ولابد لنا أن نبين للناس خطورة هذا الأمر ، بالتنوير والحض على الالتزام بالقيم الإنسانية الرفيعة والفاضلة .. والمجتمع السوداني خطا في السابق خطوات مقدرة في اتجاه محو الصراعات العرقية لكن يبدو أن النعرات تشتعل من جديد ، وعلى المثقفين أن يتحملوا مسئزليتهم في إزالة كل فكر غريب يتهدد مجتمعنا ويسعى إلى تفكيكه ..
تقبل تحيات زياد ،

صــديقي ود قاســـم.. حبــابك
كل سنة و انت و الأســرة بخير..
و تحية خصوصية للإبن زياد..

لا أريد أن أدخل في تفاصيل..ربما لأسباب عديدة .. منها حمى المفردات الحايمة اليومين ديل..
لكني .. أدخل من مدخل مختلف جدا.. و هو احترامي الشديد لزياد حينما قال:

Quote: من الجزيرة..

و في ظني هو أذكي من السيد القنصل.. و القانون.. و النظام (نظام الجنسية السودانية)..
و اعتقد أن تردده في الإجابة .. يحوي اٍدانة ضمنية ..أو امتناع ضمني لصيغة طرح السؤال..
و هو من أجيال .. نتمنى أن نفسح لها المجال لتتعامل مع الأمور بطريقتها..لا بطريقتنا نحن .. وقطع شك ..على رأي المثل البسيط .. السايقة واصلة..

و مثلما سألت.. أسأل أيضا.. هل مفهومنا و تعريفنا للهوية .. بالضرورة يجب أن يكون فرمانا ملزما للأجيال الجديدة..جيل زياد و اللاحقين؟

أنا .. أحترم زياد.. و أقول له.. لا شئ يستحق.. فقط كن سودانيا..
و أعتذر له عن قانون جنسيتنا السوداني .. و عنته .. و الإصرار على مبدأ القبيلة كضمان للتأكد من الهوية..

و دمتم
كبر

العزيز كبر
لك التحية ، وتقبل تحيات زياد ..
يجب علينا وجوبا قاطعا أن نضخ في أبنائنا روح الوطنية والهوية الشاملة المرتبطة بالوطن كله ، فهناك واقع جديد ومتجدد ، وهذا الواقع لا يحتمل المفاهيم البالية والتلقين السمج ، علينا أن نبحث عن القيم الوطنية التي تضيئ شعلة الوطنية في دواخلنا ، ومنح هذه الشعلة الهواء اللازم المتوازن والذي يمنحها فرصة الاستمرار في الاتقاد ..ينبغي علينا أن بدلف إلى تربية وطنية حقيقية تتجاوز كل الذي أضرّ بنا في الماضي ، وتسعى إلى إيجاد الجديد الذي يناسب عصرنا الذي نعيشه ...

أبو طلال

إحجام زياد عن الإجابة أو إجابته بكلمة ( الجزيرة ) قادتني إلى أمور كثيرة.
منها أن جيل زياد و الأجيال التي تصغره سنا و الأجيال التي بعده سيكون فيها كل الخير .. لأنها أجيال لا تعرف غير السودان وطنا و قبيلة .. لا تعرف إلا مكان ولادتها أو سكنها .. ستندثر هذه الأشياء حتما و تنتهي عصبية القبيلة.
هل تذكر السؤال التقليدي القديم عند التقدم للزواج ؟ : من وين في الأهل ؟ عمدتكم منو ؟ منو شيخكم ؟
الآن السؤال إختلف تماما : شغال وين ؟ خريج شنو ؟ هل هو مقتدر يفتح بيت و يكون أسرة ؟ أخلاقياتو كيف ؟
و في الختام : هل تذكر هذه المقولة : إنتو رجال هوانات ساكت

العم ود قاسم
فاتني هذا الموضوع الشيق ، وهو كشأن كل ما تخطه يداك هنا وما تبثه من فكر نير يضئ للقارئ هذا المنبر فيحيل بعض جوانب الظلمات فيه إلى نور يشع تسامحاً وتسامياً ويجعلني أؤمن يقيناً أن الأمة بكل ما تواجهه من عقبات ومشاكل وصعوبات هي عزيزة ما بقي فيها من أبنائها رجال على شاكلة ود قاسم وهم في ظني كثر ولله الحمد.
أنا هنا لا أرفع الموضوع إلى صفحات المنتدى الأولى بل ما في الموضوع من عظة وحكمة وفكر وقدر هو الذي يجعله معلقاً في صفحات المنبر الأولى وساماً نعتز ونفتخر به. وحتماً سوف أعود لتناول الموضوع بالتعليق والتعقيب متى ما أمتلكت الكلمة والحرف الذي يمكنني من إضافة وتجويد هذا المقال على جودته وكماله.
لك الشكر ولك الزملاء الأكارم المتداخلين التقدير وعاطر الثناء