السيد علي الميرغني: يا لحاق بعيد

السيد علي الميرغني: يا لحاق بعيد


04-27-2004, 09:35 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=8&msg=1083098121&rn=0


Post: #1
Title: السيد علي الميرغني: يا لحاق بعيد
Author: Ahmed Elmardi
Date: 04-27-2004, 09:35 PM

السيد علي الميرغني: يا لحاق بعيد

د. عبد الله علي إبراهيم

ومع ذلك
[email protected]

يثير اشفاقي ذلك الرهط من شباب الجلابة الذي يخلع عروبته وإسلاميته (أو الإسلاموعروبية كما يسمونها) ويعرض ‏بهويته الإفريقية "الخالصة" في عرصات البلد. وقلت إنهم يثيرون إشفاقي لا حنقي لأنهم ضحايا سياسات عربية ‏وإسلامية نزعت من وجدانهم تلك المعاني نزعاً وألجأتهم الى هوية إفريقية ظنوا بها خلاصهم من العروبة والإسلام ‏وما هو كذلك. فقد هدت كاهل هؤلاء الشباب سياسات للدولة في السودان جعلت هوية الجماعة العربية الإسلامية هي ‏هوية الدولة الوطنية التي تستوطنها هويات عديدة. وقد بلغت هذه السياسة ذروتها على يد الإنقاذ على أنها لم تستنها ‏أول مرة. وضاعف من جفاء هؤلاء الخلعاء للإسلاموعربية عروبة "الكفيل" التي عانوا منها في مواضع هجرتهم ‏ببلاد العرب التي حقنتهم بالمرارات. وترشح هذه المنطويات الآن على صفحات الإنترنت. وما يشفقني عليهم أنهم من ‏فرط ضيقهم بذلك كله نسوا انهم حين يهربون من الإسلاموعربية الى افريقيا فإنما يهربون الى هوية معطونة في ‏العروبة والإسلام كالعجوة والعسل. فاللسان العربي أوسع إنتشاراً في افريقيا من موطنه الباكر في آسيا. ومن الجهة ‏الأخرى لا يغلب الإسلام في قارة مثل أفريقيا. فمما يشفق على هؤلاء العارضين بهوية افريقية "خالصة" هو ‏إستعدادهم الذهني المحير لإسقاط العروبة والإسلام في توخيهم إفريقيا. وأتمنى ان تكون كلماتهم في هجاء ‏الإسلاموعربية هي كلمة قيلت في لحظة غضب‎.‎

‎ ‎

كنت عرضت مراراً على هؤلاء الخلعاء ارشيفاً لعناية جيلنا ومن سبقنا بهويتهم الإفريقية في سياق النضال ضد ‏الإستعمار وفي سبيل إستقلال إقتصادي وإجتماعي وثقافي للقارة. وزدت بأن عرضت عليهم حتى ما صدر بحق ‏افريقيا عن الدولة السودانية الموصومة بالتواطؤ مع العرب دون إفريقيا. وهو كثير ومشرف بكل المقاييس. واعدت ‏عليهم القول إننا حين لقينا إفريقيا لم نلقها جسداً واحداً بل جسدين متنازعين جداً حول خطة التحرر الوطني ومعاداة ‏الإستعمار. ثم عرََّجت على الحركة القومية الجنوبية، التي ترغب في إحتكار الصفة الإفريقية، وقلت إنها لم تعرف في ‏الغالب من إفريقيا سوى الرعيل الرجعي الإستعماري. وقد إضطرها الى ذلك نهجها الإنفصالي الذي حببها الى اشرار ‏إفريقيا لا أخيارها‎.‎

‎ ‎

وقد نبهتني مقالات قرأتها للدكتور محمد وقيع الله مؤخراً في "الصحافة" أن عناية الجلابة بإفريقيا وإفريقيا الشتات ‏كانت ايضاً شغل جماعة يقظة من ناشطي الحركات الإسلامية. ففي هذه المقالات، التي اتسمت بصبر شديد على ‏البحث، رصد وقيع الله تأثير دعاة من مسلمي السودان على تكوين المرحوم مالكوم إكس (1925-1965) الزعيم ‏المسلم بين الأميركان الأفارقة الذي بث العزة بالسواد والافريقانية بينهم بما لا يوازيه سوى المرحوم مارتن لوثر كنق. ‏فقد تربى مالكوم على يد المرحوم أليجا محمد، زعيم جماعة "أمة الإسلام" الذي تلقى بعض إسلامه من الشيخ ساتي ‏ماجد، الداعية الدنقلاوي الذي قدم الى أميركا في العام 1904، ثم تعرف مالكوم على الداعية السلفي السوداني احمد ‏حسون وتفقه على يديه. وحسون هو الذي غسل جثمان مالكوم بعد إغتياله وجهزه لتقاليد الرحيل المسلمة. وكان ‏مالكوم قد تعرف ايضاً على السيد أحمد صديق عثمان (الحلفاوي) الذي أبنه عند قبره. وقصة حوارات أحمد مع ‏مالكوم شيقة. وقد ترجم وقيع الله خطاباً أرسله مالكوم الى أحمد يسأل فيه عن تفسير بعض الآيات. ومنها "يوم ينفخ في ‏الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً". وقال وقيع الله إن مالكوم ربما استشعر في الآية تحيزاً ضد السواد وهو الذي ‏كان يبث العزة به في أهله. وقد جاء احمد بصيغ مختلفة لشراح الآية طمأنت ملكولم على دينه‎.‎

‎ ‎

وتصادف وأنا أقرأ مقالات وقيع الله النبيهة أن كنت أقلب صفحات كتاب الأستاذ عبدالرحمن مختار، عافاه الله وشفاه ‏ورده الى بلده، المعنون (خريف الفرح). ولم أكن مستعداً للمفاجأة التي عثرت بها فيه. فقد قال عبدالرحمن إن المرحوم ‏السيد علي استدعاه يوماً من العام 1960 وهو على أهبة السفر لأميركا. وتدارس السيد مع عبدالرحمن حركة الحقوق ‏المدنية التي قادها مارتن لوثر كنق وتزايد إعتناق السود للإسلام. وتنبأ السيد أن الإسلام سيبلغ مداه في أميركا ويغلب ‏في العام 2000، ولم يستبعد ان يسود عليها افريقي اميركي بالإنتخاب. كما طلب من عبدالرحمن أن ينتقي له كتباً عن ‏حركة السود هذه. وقد أفاض في الحديث عن مارتن لوثر كنق وزكى له تعدد الزوجات إذا كان جاداً في دعوته لتكاثر ‏السود في أميركا حتى يفاخر بهم الأمم. وقد سأل عبدالرحمن أن يلتقي بمارتن لوثر نيابة عنه وقد حمله رسالة له. ‏وقال عبدالرحمن إنه فعل وأحسن مارتن لوثر إستقباله ووعد أن يكون السودان أول بلد يزوره متى سنحت له الفرصة ‏لزيارة أفريقيا. وهل غادر الشعراء من متردم؟