ثلاثة مقاطع للذاكرة الأم

هوي لبلب كم في الخط
واحد
كضبا كاضب
سبعة
كضبا كاضب
طلاتشر
شد وأركب.

"أركبك الجن أنت مالك سمين كدي"..ونصل الميس ونحن نضحك.. سكج بكج ونط الكلب.. دسوسية وحضن سعدية الناشف "كقناية" وراء بيت الغنم..
عريس وعروس.. الطوطحانية وكمبلت.. وجدي سافر مكة.. الملاريا والطهور
.. الحصبةوكشكة الشتاء.. درس العصر وسكوكية.. والله أداني شلن حقي براي..و حندوكك..داردمة حاجةزينب وحلاوة قطن..نظرات رشاالبعيدةوفتحية ست الروضة..آأسد..باء بنت.. الولد جرى..المطر نزل وكبر الزرع..لعب الطين وقرصة سمية لمنال بنتهافي "وركها".. الرماضة
وبول الحيط..عثمان "أشول"ومرمى الحجار..النبلة وودبرك..وعشوشة فى
ضفيرةسلمى..علي "تليس"ورداء الدمورية..طابور الصباح ونحن جند الوطن
..حصةالفطور والحصة السابعة "دكوك"..البيوت البيوت..والطيش عند الله
بيعيش..الترتار وركوب العجلة مابتنسي.. كاسوري الخلا بعد الحصص..
فليق الطوب ولعب البلي..سيجارة الحمام وشبط تموت تخلي..الرحمتات
وحلاوة المولد..السيرة ودق الريحة..ومازال الليل طفلا يحبو..الحفلة وكسير الكراسي..لن ننسى أياما مضت يا بلدي يا حبوب..وأبوكم مين
"نميرى".

**********
سرنا خمس ساعات..قطعنا شوارع كثيرة..تسكعنا..غازلنا بعضهن..تشاجرنا
مع بعضهم..سألنا عنها قالوا لناأن الكشة قد أخذتها قبل قليل..جلسنا
قبالة النيل تحدثنا كثيرا.. وعندما غرقت المدينة في الليل ارتددنا
راجعين..وصلنا الى بيتها فى طرف الحلة..لم نجدها..قالوا لنا أنهم
أخذوها قبل قليل مع ثلة من الرجال..وكانت الأرض سكرانة! استيقظت المدينة مبكرا توضأت و صلت الفجر حاضرا.
عدناالى البيت و كنا متعكري المزاج..أكلنا بقايا "بوش" فاتر..
بدأت الشمس تخرج من فم البحر..نمنا دون أن نتحدث..و بدأ ضجيج الصباح يملأ المكان.
الساعة الثانية عشر ظهرا..وجدته استيقظ قبلي بلحظات كان ذلك واضحا
من عينيه النصف مغلقتين..أخرج من تحت "الفراش" أوراقا وقلماوصار
يرتب قصيدة لم تكتمل..كان واجما..قمت وصنعت لنا قهوة..القصيدة
أكتملت..لم تعجبني.. ولم تعجبه قهوتي.
الساعة الواحدة ظهرا جاءت حليمة الغسالة..أخرجنا لها ملابسنا القليلة..خرج هو دون أن يستأذن..جاء الساعةالثالثةعصرا..وجدني أحلق
ذقني..و حليمة نائمة.. و لم يجد الملابس على الحبل!
الساعة السادسةمساء خرجنا..حضرنا عرضا مسرحيا..كان مملا جدا..خرجنا
ونحن نلعن كل شئ..عرجنا علىحفلة عرس فارهة..جلسنا فى الخلف..لم
يقدموا لنا عشاءا..وجدنا عدداكبيرا من النساءالجميلات..بدن مغريات جدا..العروس كانت باهتةوكبيرة السن بعض الشئ..العريس بدا أصغر
ونحيفا بعض الشئ..الفنان كان يصرخ دون أن نفهم شيئا..الموسيقى كانت
جميلة وكذا البنت"المحجبة" بجوارنا..الساعة الحادية عشر مساء توقفت
الحفلة؛خرجنا وهو يقول لي"العرس أجمل من المسرحية". ثم ابتلعتنا المدينة بشوارعها الخالية.

**********
دخلناالجامعة معا..أحب مريم وأحببت سعاد..انتمينا لليسار معا..
تظاهرناوأعتقلنا..سكرنا وتشردنا معا.. فصلنا من الجامعة لمدة عام..
احتواه السوق الشعبى في "جركانة"ماءو"برد..برد"..واحتواني السوق
المركزىو"كوم الليمون بخمسمائة"..جاءته مريم فى السوق؛قدم لها كوزا
كبيرا من الماء البارد..كانت أنيقة كعادتها وباردة كالماء..و فارقته بعينين قطعتان من الصمت.جاءتني سعاد فىالسوق..بدت هادئة كعادتها..تضاحكنا بصدق..ودعتني بعد أن حشوت شنطتها الصغيرة
بالليمون..تاركة آثار أناملها فى يدي.
يعود فى المساء واجماوأكثرشحوبا..وأعود متعباوأقل تفاؤلا..لم تزره
مريم بعد ذلك..زارتني سعاد كثيراوترجع فى كل مرة بشنطة منتفخة
بالليمون..وصارت أناملها ذاكرةفىيدي..لم يزرنا أحدا غيرهما.رجعنا
الى الجامعة كانت معي سعاد..ولم تكن معه مريم.
ابتعد عنا الجميع عداسعادو"ماجدة" ست الشاي..التي كانت تغمرنا
بحنان الأم.. تملأنا بقهوتها المتينةو ضحكتها الصافية.سأل هوعن مريم
قيل له أنها تركت الجامعةوتزوجت قبل عام من أبن عمها الذي عاد من الخليج وتسكن الآن فى منزل من طابقين ولها طفلة جميلة.بعد ثلاثة أشهر
أبعدت ماجدة من الجامعة بحجة أن صاحب الكافتيريا رفض وجودها بجانبه
بوجب العقد المبرم..بعد طردهاجربت أشياء كثيرة لكنها لم تستطع اغلاق
خمسة أفواه..وذاكرة لرجل غاب بين الحياة والموت.بعد سنة ونصف ماتت
ماجدةاثر أزمة حادة ولم تكن تملك حق "البخاخ".ساعدنا أطفالها قدر
استطاعتنا ثم بدأت زياراتنا تقل حتى انقطعنا تماما.
تخرج ثلاثتنا من الجامعة و سافرت سعاد الى زويها.أبدلنا بيتنا المستأجر ببيت حاجة ستنا الدلالية وكنا نرى سعاد كل ثلاثة أشهر..تأتي
وتنثر عطرها على البيت..تطبخ لنا ونلتئم بحضورها..نضحك ونغني..
وغالبا ما يكون هو شاردا دائما..وتعود سعاد بذاكرة الأنامل تاركةلنا
فراغا كبيرا.
بعد أربعة أعوام رحل هو بلوترى..ودعته دون حزن..ورحلت أنا في حضن سعادزوجتي.
بعدعامين تلفنني وقال لي انه تزوج "جانيت" فرنسية مقيمة فى أمريكاو
له منها ولد سماه باسمي..وقالت له جانيت أنها لن تنجب له طفلا آخر..
قلت له أن سعاد أنجبت لي بنتا جميلة سميتها "شجن"..وأنني الآن أمتلك
"صاجا" للطعمية جوار دكان"عم سليمان" وصرت أكتب القصائد.. قرأت له واحدة؛بكى،ولم أسمع صوته بعدها.بعد عام أنجبت لي سعاد "ناجي"..بعد
ثلاثة أنجبت"مودة"..بعد خمسة سنوات ماتت سعاد فى حادث حركة..بعد أثنتي عشر عاما و نصف، عاد هو بشنطة صغيرة ولم يكن معه أحد.


أكتوبر2002

الى: أبو ساندرا وهو فى بلاد العرب؛؛ وعلاء سنهوري وهو فى بلاد الحلب.
ننتظركم، لنرحل نحن.

الأخ اسماعيل
اعجبني ذلك النص الرائع .. حروفك دافئة و معبرة و قلمك رشيق و أخآذ .. واصل الكتابة ولا تنقطع و اتحفنا بالمذيد.

الصاوي

الأخ إسماعيل

مقاطع مدهشة والله ومحتشدة بطعم الايام الشهية ورائحة الذكرى الزكية

شكرا عبيرا

شد انتباهى العنوان قليلا...ثم رايت توقيع صاحبى الصاوى فقلت اتاوق ... ولحسن الحظ...
حكى ممتع يا اسماعيل سهل و لذيذ رغم طيف الماساه الحايم ... وبالطبع صور من ماض يجد كل ما يشابهه فيه

هل لديك كتابات اخرى اسماعيل
لك الود على هذه الهديه الصباحيه (بالنسبه لى)

الاستاذ اسماعيل
نحنيها اليك الهامات
هذا الوحيح قد ادمعني وهوزز مكامن الوجع
وهبش شيئا ما بقعر الذاكرة يتقرفص بعيدا في الوجدان
ويرفع راسة عند اول رنة جرس للانتباه
وهو ايضا يقترب شيئا ما من هذا

Quote: فالمرافئ أنكشفت عن مجاريٍ باردة لدِماؤنا ترتهن لعراؤنا كل ما بالثلج تصحُوك ْ عويل" جامد وصباح يهيلنا بالضرب...، تِسنٌ لعنتها المنافي..، تذرٌ’ برجلة الكلام علي الحدود..، وتفوحُ دٌمعتنا صقيع...،

ولا ازيد باكثر مما عقب عصام
هل من مزيد
مع وارف حبي

تستحق القراءه

فووق
فعلا جديرة بالقراءة