ابيي وموسم الهجرة الى الشمال -محمود الدقم-اليونان

ابيي وموسم الهجرة الى الشمال -محمود الدقم-اليونان


04-10-2004, 03:38 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=8&msg=1081574261&rn=0


Post: #1
Title: ابيي وموسم الهجرة الى الشمال -محمود الدقم-اليونان
Author: محمود الدقم
Date: 04-10-2004, 03:38 AM

بعدما كانت نسيا منسيا ولم يعد ذكرها الا في نشرة حالة الطقس احيانا قليلة. ها هي ابيي عادت من غبار الازمنة لتحتل حيزا قويا ليس على مستوى المشهد السياسي السوداني فحسب بل على طاولة انتخابات جورج بوش. ما اجمل هذه المدينة المتعبة التي ليس على اديمها الا الخضرة والقطاطي وتاريخ وجغرافيا لطالما وقفتا بتجلي يعربان ويؤكدان على حقيقة ساطعة عنوانها الرئيسي كردفانية ابيي.

لست معني باي حال من الاحوال ما يدور في نيفاشا الكينية لانها بصراحة بيان تاسيسي لانفصال الشمال عن الجنوب. ولست معنيا على الاقل في اللحظة الانية بتهافت التهافت بين وفدي الحكومة السودانية والحركة انما يمكن ايضا مناقشة الامر بهدوء وروية انطلاقا من صيغة تعايش رائعة تجسدت في الاطار التاريخي والجغرافي لهذه المدينة او الولاية بين قوميتي "المسيرية" التي حطت برحالها في ابيي قبل عشرات او لست مبالغا ان قلت قبل مئات من السنون. يوم كان اخوتنا في دينكا انقوك يعانون الويل والثبور من ابناء جلدتهم في الطرف الاخر من فيما اتفق على تسميته السودان النيلي.

مرة اخرى التاريخ لمن اراد ان يفهم في التاريخ يقول ان ابيي كردفانية عربية الجغرافيا. اعترف بصراحة بعروبة ابيي حكماء وعقلاء "دنيكا انقوك" اكثر من مرة قالوا انهم وجدو نعم الضيافة في ابيي من قبل سكان ابيي الاصليين فلماذا اذن النفخ في الكير؟ اين كانت حركة الجيش الشعبي بقيادة الدكتور قرنق طبعا طيلة الربع قرن الاخيرة يوما كان يناضل من اجل القضية التي اخضعت لجراحات تجميلية مرارا ومرارا من ماركسية ليينية تعفنت في موسكوا وبلغراد وبوخارست الى راسمالية مجهولة الهوى والهوية؟ لماذا لم يتم مناقشة اشكالية ابيي في مؤتمر المائدة المستديرة؟ لماذا لم تطرح الحركة ابيي في نقاشات مشاكوس؟ متى تنادت الحركة او حتى متى طرحت الحركة ملف ابيي للنقاش في اطار تاريخها الطويل؟

نعترف بان الانظمة الحاكمة في شمال البلاد كانت تستغل المسيرية للزج بهم في اتون معارك شوفينية ضد مواطنيين مثلهم من الدينكا لاسباب باتت معروفة للقاصي والداني. نعترف بان الحركة ايضا كانت تبتز "انقوك" في حرب داحس والغبراء ضد المسيرية من اجل تحقيق اجندة باتت معروفة للقاصي والداني
لكن. ما لا يمكن تجاهله الان وامس وغدا ان كل من المسيرية ودينكا انقوك تعرضا لبطش معين في منظ ومة اعدت باحكام وبالرغم من كل هذة الخساسات وتلك. كنا نجد ان حكماء المسيرية ودينكا انقوك وقفوا بالمرصاد لكل تلك المشاريع المشبوه لصالح العيش المشترك .

وتسالني عن نيفاشا واقول بنفس الهدوء هناك ضغوطات على الطرفين من قبل البنتاغون ومنظمات كانت تساعد الحركة الشعبية من اجل اقامة دويلة في الجنوب على اساس عرقي ديني على سبيل المثال فقط لا الحصر "منظمة التضامن المسيحية العالمية" بقيادة البارونه كوكس عضوة مجلس اللوردات البريطاني والسناتور جون انيدر الامين العام لهذه المنظمة حيث انها طرحت مشروع حمل اسم "تقسيم السودان الى ثلاثة دويلات كحل لتفكيك الدولة الاسلامية في الشمال" وطرح هذا المشروع في الواشنطن بوست في ١٩٩٣ ثم طرح مرة ثانية في اللوس انجلوس تايمز في العام ١٩٩٧ واخيرا مرر الى الكنغرس الاميريكي لاعتماده كمسودة نقاشية نهائية لتحقيق الوطن النهائي لابناء جنوب السودان؟

الان هذا المشروع هو الاجندة المطروحة في نيفاشا وعلى وفد الحكومة ان يقبل او لا يقبل لا واشنطن حسمت الامر لمصلحة الحركة الشعبية ليس من اجل اشول او خميس او سبت بل من اجل ال نفط والمصلحة الاميريكية في ظل تساقط مريع للجنود الامريكان في الفلوجة والبصرة والحلة وبغداد وتورا بورا وغندهار وكابول.


لكن ما ينبغي تسجيله هنا هو ان هناك صيغة تعايش مشتركة بين المسيرية ودنيكا انقوك وما لم يمكن التغاضي عنه على الاقل في اللحظة التاريخية الحاسمة الراهنة ان هناك جيل خلق ثمرة زواج ما بين المسيرية ودنيكا انقوك وما لم يمكن تطنيشه هو ان ابيي الرئة التي يتنفس بها المسيرية مثل ما هي الرئة التي يتنفس بها دنيكا انقوك لا يمكن في اي حال من الاحوال شطب تاريخ من العلاقات العفوية الرحمية الحميمية بين هذه الاثنييتين. تاريخ امتد في العمق الوجداني قبل ان يولد البرفسور فرانسيس دينق نفسه. ولا بقية قيادات الحركة ونتيجة لهذا التاريخ كانت اسواق السلام التي امست دوحة يتفيا تحتها ابناء القبيلتين منذ عام ١٩٩٢ ان لم تخني الذاكرة.

اي مشروع انفصالي مستقبلي لن يجلعنا كابناء مسيرية ان نتخلي عن ابيي بغض النظر ما اذا انتصرت البوشية في واشنطن دي سي او رحلت الى قعر الجحيم.

واخيرا ينغي ان يفهم لمن اراد ان يفهم حقيقة واحدة هي ان المسيرية لم تكن ولن تكن يوما من الايام يد او بندقية للايجار بيد الشمال او الشمالين او اي كائنا من كان كما ان دينكا انقوك على ما اعتقد لم يكونوا اداة في يد الحركة.

محمود الدقم - "كيان دار المسيرية باوروبا"

greece-athina