ياناس الرياض.. جعفر عباس ..الليلة قصدكم عديل كدا

المهم انه بالرغم من الطلوع والنزول الى المستشفى فانني اجد بعض الوقت للتجول في الرياض والالتقاء ببعض الاقارب والاصدقاء وزيارة الاسواق بحثا عن الفول المصلح،.. وفي المدينة العديد من المطاعم السودانية التي يخيل الىك ان مبانيها نُقلت من سواكن، ولكنها تبيع مأكولات شهية ترضي شخصا مثلي ذوقه في الطعام بلدي جدا.. هناك في الرياض احياء بأكملها يسيطر علىها السودانيون... تجد المئات منهم يتسكعون في الشوارع بعضهم بالعراقي والسفنجة وبعضهم بالجلابية والسفنجة وبعضهم بالبدلة والسفنجة.. الحالة واحدة والشارع امتداد للبيت والبيت جزء من "الحلة" التي يشكل السودانيون فيها اغلبية.. وفي مدينة كالرياض تدرك فداحة الفقد الذي لن يعوضه السودان،.. فبها على أقل تقدير نحو الف استاذ جامعي والف طبيب وثلاثة آلاف مهندس واربعة آلاف محاسب و569 صحفيا.. ونصف هؤلاء يعملون في وظائف لا علاقة بها بمؤهلاتهم وخبراتهم، بل انك تجد شخصا يحمل درجة فوق الجامعية بينما تفيد تأشيرة إقامته في السعودية الى أنه راعي أغنام، وتظل هذه المهنة (أو التهمة لأن فيها عنصر الانتحال) .. تظل "لابسة" في صاحبنا هذا، ولا يستطيع منها فكاكا حتى لو حصل على وظيفة تناسب مؤهلاته وخبراته وذلك بإيعاذ - فيما سمعت - من حكومتنا الرشيدة التي لا تريد بالمغتربين خيرا فتلاحق، ليس فقط جيوبهم، بل تحرص على حرمانهم من مهنهم الأصلية في المهاجر كما تحرم عيالهم من ثمرة نجاحهم الاكاديمي!

وليتذكر القارئ أن هناك مدنا اخرى ضخمة (متروبوليس) في السعودية مثل جدة والدمام والظهران وأبها وتضم آلاف السودانيين الحرفيين والمهنيين.. وعلى مسؤوليتي فان معظم هؤلاء لا يفكرون في العودة النهائية الى السودان إلا بعد ان يشيب الغراب، وتتحجب المطربة صباح بعد ان يفشل اطباء التجميل في العثور على جلد يصلح للشد في جسمها، علما بان النونة او الطفقة التي في فكها الأسفل هي في الأصل سُرَّتها أو صُرتها كما نقول في السودان!! ولأن بلدان الخليج والجزيرة العربية باتت تعاني من مشكلة توظيف مواطنيها فان فرص العمل باتت شحيحة امام العمالة المهاجرة، وفي كل مدن السعودية يقيم ابناء مختلف الأقالىم خاصة النوبيون من حلفاويين ومحس ودناقلة ما يسمى بــ"الجمعيات"، وهي مساكن جماعية يشترك في تحمل نفقات ايجارها وتوفير الطعام فيها ابناء كل منطقة، وهكذا انحرفت معظم تلك الجمعيات عن غاياتها النبيلة وصارت ملاذات آمنة لمحترفي العطالة والبطالة.. يلعبون الكنكان حتى قبيل الفجر وينامون حتى يوقظهم من يعد وجبة الغداء.. لتبدأ معركة جديدة تستخدم فيها الفاظ الدمار الشامل: صايمة.. خمسين... هبابة.. كيشة مقبوض بجوكرين.. أبو اللي عَلَّمك.. الجوكر بايظ!! (هذه مصطلحات كنكانية متداولة على نطاق واسع)..

ولا يستطيع هؤلاء العاطلون المزمنون العودة الى السودان لعدة اسباب من بينها حكاية "أودي وشي وين وأنا عامل فيها مغترب اربع سنوات"، ومنها انهم لا يملكون اقامات نظامية وسيتعرضون للحبس عند محاولتهم الخروج عبر مطار او ميناء.. ولكن السبب الذي يجعل اولئك العاطلين ومعهم عدد كبير من "العاملين" يحجمون عن زيارة السودان هو الخراج الذي يتعين علىهم سداده حتى يدخلوا وطنهم ثم يخرجون منه،.. ويخيل إلى«ان الشاعر كان يتحدث عن المغترب السوداني عندما قال: دخول الناس في الشبكات هين/ ولكن التأمل في الخروج!! وما أتعس الانسان عندما يتحول وطنه الى "شَبَكة"

الأخ أبوقوتة
لك التحية
هذه المشاكل التى ذكرتها يعانى منها السودانين فى معظم الدول العربية
مثل ليبيا ومصر ...وإن كانت السعودية الأوفر حظاعلى ما أظن
وكم اتمنى لو كانت هنالك إحصائية دقيقة لأحوال السودانين فى كل دول المهجر
وخصوصا هؤلاء الذين دخلوها عن طريق الحيطة القصيرة وأغلبهم لا يحملون غير شهادة لا إلاه إلا الله مما أضربهم كثيرا , نهايك عن ما تعانيه أسرهم وأطفالهم من طول غبابهم وإنقطاع أخبارهم
شكرا أخى أبو قوتة ( وتحياتى للأخ عادل منصور ؟)