امرأة من الزمن الأندلسي.....................د. حسن مدن

امرأة من الزمن الأندلسي.....................د. حسن مدن


03-24-2004, 07:39 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=8&msg=1080110369&rn=0


Post: #1
Title: امرأة من الزمن الأندلسي.....................د. حسن مدن
Author: Omar
Date: 03-24-2004, 07:39 AM

شيئ ما
امرأة من الزمن الأندلسي.....................د. حسن مدن
على سبيل المصادفة التقى شاعران، شاعر وشاعرة في جنة الانترنت، وهما “داخل اللجة، وسط المتاهة”. كان ذلك منذ أربع سنوات، ومن ساعتها اندفعا بعيدا نحو اللجة “باتجاه المزيد من التيه الآسر”. الشاعر هو ياسين عدنان من المغرب، والشاعرة هي بيلينا خواريث من اسبانيا، من الاندلس، وتحديدا من غرناطة. بين غرناطة والمغرب وصل لم ينقطع، حين سقطت غرناطة أو قبل ان تسقط بقليل هاجر عرب كثيرون صوب البحر، عبروا المضيق نحو المغرب تاركين شطرهم الثاني هناك: كيف نقسم الأحبة الى شطرين؟!

وإلى البحرين أتى الاثنان: ياسين عدنان وبيلينا خواريث ليشاركا شعراء البحرين احتفاليتهم بيوم الشعر العالمي التي اقيمت في العشرين من مارس/آذار الجاري في مركز الفنون، الاثنان قرآ شعرا، ياسين بالعربية وهي بالاسبانية، هكذا من دون ترجمة. بدت امرأة من غرناطة، كأنها من ذاك الشطر الثاني الذي خلفه الراحلون الى بلاد المغرب العربي عبر البحر تاركين قلوبهم هناك بعد ان غادر قصر الحمراء آخر ملوكه العرب، وللدهشة فإنها ألقت قصيدة عن الايام الاخيرة لأبي عبدالله الصغير ملك الاندلس العربي الاخير، كانت تهمس همساً وهي تلقي القصيدة، الشعر في الأصل كان همساً، وبدت بعينيها السوداوين وشعرها الأسود الكثيف المنسدل على كتفيها معنية بأمر هذا الملك الذي غادر المدينة باكياً في واحدة من ذرى اللحظات الدرامية في التاريخ.

لكن الشاعرة الاسبانية وزميلها المغربي لم يأتيا الى البحرين ليقرآ الشعر فقط وإنما ليدشنا مشروعاً شعرياً كبيراً تتولاه بيلينا خواريث بإعداد “انطولوجيا الشعر العربي المعاصر بالاسبانية” الذي تسهر الشاعرة عليه. هي التي “اكتشفت في لحظة تجل ان صوتها الشعري يصطخب بأصوات عميقة ورثتها عن زمن غابر، أصوات غامضة بلغة لا تفهمها، لكن الموسيقا والجرس كانا قريبين من روحها” كما يقول ياسين عدنان في تقديمه لها. قررت في البدء إعداد كراس عن الشعر العربي، لكن الحلم تفاقم ليتحول الى انطولوجيا، وهو مشروع يشق طريقه وسط صعوبات، “ولكن الشعراء يصدقون الأحلام عادة قبل غيرهم”.. والمؤمل ان يصبح هذا الحلم حقيقة يوماً ما، والمؤمل ان يكون قريباً.

كانت مدريد، العاصمة الاسبانية، قد اهتزت تحت تأثير الانفجارات وتطايرت فيها اشلاء جثث الأبرياء الذاهبين الى أعمالهم وجامعاتهم ومدارسهم في ذلك اليوم الدامي الذي سبق بقليل قدوم الشاعرة الاسبانية الى البحرين.. لكن ما حدث جعل الشاعرة اكثر انشداداً لهذا المشروع وأكثر تشبثاً به.

“نريد للشعر والكلام لياسين عدنان ان يفضح للآخر هشاشاتنا الانسانية، ويترجم له أحلامنا ورؤانا، ويبوح له بأسرارنا الصغيرة البيضاء.. نريد للشعر ان يدافع عنا وعن صورتنا”، تلك الصورة التي ترتسم في ذلك الزمن الاندلسي الجميل الذي أودع فيه العرب سرهم وسحرهم اللذين لا يمكن إلا ان يكونا نقيضين مع الإرهاب ومتضادين معه.