|
صدقيني لا أعرف كيف ابكى
|
وجدت نفسى قرب نفسى.. هكذا كتب درويش لحظات وانا اتحسس نفسى فى هذا المعطف الثقيل,فى محطة للوقود على الحدود السويسرية الالمانية.......صوت مارسيل من داخل السيارة يغنى: وانا احاصركم وصدرى باب كل الناس.. لا أدرى لماذا انتابتنى رغبة جياشة بالبكاء..اقتربت منى ووضعت ذراعها على كتفى ضمتنى وقالت: مالك الا زال أحمد العربى يبكيك كماكان فى الماضى.......احتضنتها بيد مرتعشة ودلفنا داخل السيارة..ليس لدى رغبة فى الذهاب مجرد رغبة فى الجلوس على المقعد وشرب قهوة ساخنة والاستماع الى مارسيل يغنى ينشد يبكى...رجعت بى الايام الى مظاهرات الثمانينات في مدينة ودمدني وهروات الامن المركزى ...وجه زميلنا طه الذى اختطفه الموت باكرا.. حبيبتى التى رحلت باكرا الى عالم الصمت ...سيارات قليلة تمر عبر الطريق محطة الوقود فارغة الا منى ومنها ولازال مارسيل يغنى لاوقت للمنفى اسندت رأسى على كتفها ,احتضنتنى بحنان بالغ,مقبلة جبهتى,راحت تمسح ظهرى بيدها الناعمة,نظرت الى عيناى وسالتنى لازلت تخشى البكاء ابكى مرة..
صدقيني لا أعرف كيف ابكى نزفت دموعى كلها على زميلنا الشهيد وصديقنا عبد المنعم الذى اغتالوه فى وضوح النهار على قارعة الطريق حبيبتى التى رحلت باكرا الى عالم الصمت الرفاق الذين ذهبوا الى موتهم المجيد فى ولم يعودوا ابدا نزفت دموعى ولم يبقى شيئا!!! الا قلبا يبكى دما على كل شىء.. وارصفة بلامستقبلين وياسمين ورمت معاطفها الجبال وخبأتنى.......... يغرق الليل فى صمته اغوص بالمقعد ومن بعيد يلمع ضوء سيارة قادمة وفنجان القهوة يفرغ من محتواه.. اسلم نفسى للطريق ويأتيتى احمد العربى: تتركنى ضفاف النيل مبتعدة وابحث عن حدود اصابعى فارى العواصم كلها زبدا...
شقرور
|
|
|
|
|
|