إتحاد طلاب جامعة الخرطوم والذكرى ال19 لاستشهاد الأستاذ محمود

أقام إتحاد طلاب جامعة الخرطوم ، قبيل العيد بأيام ، في قاعة القذافي بمباني الجامعة ، ندوة جامعة إحتفالاً بالذكرى ال19 لاستشهاد شهيد الفكر الوطن ، الأستاذ محمود محمد طه ، استهلها الأخ عبد الله فضل الله بقراءة الآيات الأواخر من سورة الزمر ، بالتلاوة الجمهورية ، وهي تلاوة متميزة بروحها الحية المؤثرة وبلحنها الطيب النفاذ ، ثم قُـدم عرض بالفيديو لأقوال الأستاذ بالمحكمة ، ثم تحدث الأخ عبد الله عن بعض ملامح الفكر الجمهوري فيما يتعلق بتطوير التشريع الإسلامي فيما يتصل بتشريع المعاملات ـ السياسة والإقتصاد والإجتماع ـ وذلك بالإنتقال من النصوص القرآنية المدنية ( التي قام عليها العمل في الرسالة الأولى من الإسلام ، والتي لا تشتمل على الديمقراطية ولا الإشتراكية ولا المساواة الإجتماعية ، والتي كانت تناسب إنسانية القرن السابع وماتلاه من القرون مماهي مثله ، وهي فروع القرآن ) إلى النصوص المكية التي أعتبرت يومئذ منسوخة ، وهي أصول القرآن ، وهي الآيات التي تشتمل على الديمقراطية ( وهي المساواة السياسية ) والإشتراكية ( وهي المساواة الإقتصادية ) والمساواة الإجتماعية ( وهي المساواة بين كل الناس ، من رجال ونساء ، في الدستور ، وأمام القانون ، وفي المجتمع ، دونما تمييز بسبب العقيدة أو العنصر أو الجنس ) .. ثم أنشد الأخ عبد الله قصيدة ( أنا أم درمان مضى أمسي بنحسي ) .. ثم تحدث الأخ الحاج وراق حديثاً مقتضباً ركز فيه على مآثر الأستاذ محمود ، وكان مما ذكره الحاج وراق أن الأستاذ ، بمواجهته للمشنقة بهذا الصمود والثبات بل والإبتسام في مواجهة الموت ، قد أنهى عهد المحاكمات الجائرة التي تحاكم الأفكار ، فلا يمكن بعد اليوم أن يحاكم إنسان على فكره بسم القانون في السودان ، ولم يكن إنهاء هذا العهد المظلم أمراً سهلاً ميسوراً كما قد يتبادر إلى بعض الأذهان ، بل كان الوصول إلى إنهاء مرحلة محاكمة الآراء والأفكار بسم الدولة وبسم القانون ، بحجة الردة ، أمراً عظيماً ، وغاية سامية ، تكاد تكون مستحيلة المنال في عهد قريب ، لولا أن قدم الأستاذ محمود نفسه فداء لها ، فتحققت باستشهاده .. وذكر الحاج وراق أن كثيراً من المفكرين العرب كانوا قد حاولوا الإجتهاد التجديدي المستنير في فهم الدين ، ولكن مؤسسات قوى السلفية والظلامية هاجمتهم واتهمتهم بالكفر وتوعدتهم بالقتل فاضطروا إلى التراجع عن أقوالهم ، وعندما جاء المفكر المصري نصر حامد أبو زيد ، وقدم إجتهاداته ، ونقده للخطاب الديني المعاصر ، واجهته قوى الظلام والسلفية بمؤسساتها ، واتهمته بالكفر وبالردة ، وطالبت بقتله وتطليق زوجته منه ، فأوشك أن يتراجع عن أقواله خوفاً من كيدهم لولا أنه تذكر ، كما أخبر بنفسه ، موقف المفكر السوداني الشجاع ، الأستاذ محمود طه ، الذي لم يكتف بالصمود في وجه قوى التكفير والإرهاب ، وإنما ابتسم على منصة المشنقة ساخراً من قاتليه ، فخجل المفكر المصري نصر أبو زيد من التراجع ، فثبت على أقواله ثم هاجر إلى خارج مصر قبل أن تطاله يد السلفيون .. وكان مما ذكره الحاج وراق أيضاً في تلك الندوة أن أحد تلاميذ الأستاذ محمود ، واسمه أبراهيم يوسف ، كان قد رأى رؤية منامية مفادها أن سيارة حمراء قد انقلبت وخرج ركابها سالمين ، وقد كان ذلك قبل انهيار الإتحاد السوفيتي ، فأخبر الأستاذ محمود برؤياه ، فقال الأستاذ أن السيارة الحمراء هي الشيوعية ـ الماركسية ـ فهي ستنهار ويخرج الناس منها سالمين .. ثم تحدث آخرون في تلك الندوة ، ثم فتح باب النقاش ، وقد كان النقاش ثراً ، ومنعشاً ، وقد طالب بعض الطلاب بعودة نشاط الجمهوريين ، وأعربوا عن تشوقهم لذلك ، ثم ختمت الندوة بالإنشاد ، وعموماً كانت الندوة طيبة جداً ، وقد علقت صور مكبرة للأستاذ محمود على منصات عالية ، ترى من الشارع ، وجدير بالذكر أن إتحاد طلاب جامعة الخرطوم ، الذي فازت بإدارته مؤخراً قوى التجمع الوطني ، قد ناضل نضالاً ، وبذل مجهوداً ، حتى استطاع أن ينتزع حقه في إقامة هذه الندوة ، وكانت عمادة الطلاب ، وهي جزء من إدارة الجامعة ، قد رفضت السماح بإقامة الندوة بحجة أن الأستاذ محمود هو رجل حكم عليه بالردة بواسطة محكمة ، وكأن عمادة الطلاب لم تسمع عن حكم المحكمة العليا الصادر عام 1986 الذي أبطل حكم الردة المهزلة .. غير أن الإتحاد أصر على إقامة الندوة وقد كان .

abu-eegan

شكرا لك