متوسط دخل الفرد في السودان نصف مليون ذبابة

متوسط دخل الفرد في السودان نصف مليون ذبابة


01-20-2004, 01:38 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=8&msg=1074602278&rn=1


Post: #1
Title: متوسط دخل الفرد في السودان نصف مليون ذبابة
Author: aosman
Date: 01-20-2004, 01:38 PM
Parent: #0


الراي العام - زاوية حادة
جعفر عباس
Email: [email protected]
ما المانع في ان يتولى العيال تربيتنا؟


تلقيت رسالة من الاستاذة نادية عثمان مختار التي تكتب في الزميلة "الخرطوم" انطلاقا من القاهرة، حول مقالي السابق عن تنشئة وتربية العيال، وفيه تقول ان العيال هم الذين يقومون بتربيتنا، فهم الذين يشبون في حلوقنا كلما قلنا شيئا، وكلما طلبنا منهم شيئا صاحوا: ليه؟ اقنعني!! وما الى ذلك من مفردات اللداحة، التي لا اعتبرها من "قلة الأدب"، ولكنني لا أرى بأسا في ان يقوم عيالنا بتربيتنا، ولنعترف بأن جيلنا "قام بروس"، يعنى تربى بالعون الذاتي، وعلى المستوى الشخصي فإنني اعترف بان والدي وأمي كانا يعتقدان أن فرويد هو قلب هجوم نادي المريخ، ولما قلت لهما ذات مرة انني على حق في أمر ما، وأن البروف التجاني الماحي قال كذا وكذا حول هذا الموضوع مما يعزز وجهة نظري، طلبا مني تفادي اي شيء مصدره ابو روف واستهجنا ان استشهد بكلام شخص "ماحي"، وكان شائعا في تلك الايام ان اهل ابوروف وبيت المال في ام درمان شيوعيون، وكان احد كبار العائلة قد اقنعني بان الشيوعيين - وبمنظور المحس والدناقلة- أحد بطون الشايقية، وكما ذكرت هنا من قبل، فقد منعني ابي من الاستماع الى اغاني ابراهيم عوض باعتبار انه شيوعي وشايقي، وكانت نتيجة كلامه بعكس ما اراد، فقد قلت لنفسي طالما ان الشايقية الشيوعيين ينتجون مبدعين من شاكلة ابراهيم عوض فلابد ان يكونوا متميزين، والتصقت بي تهمة الشيوعية بعدها عدة مرات كانت أولاها وأنا في نحو العاشرة عندما بصق "فكي" على وجهي في سياق معالجتي من حمى لازمتني لعدة ايام، فرددت البصقة بأحسن منها، فجاءت على أنفه مباشرة، وصدر اتهامي بالشيوعية تلك المرة من امي.. وكانت الثانية عندما مر "سيدي" ببلدتنا وتهافت الناس على التمسح بعرق حماره.. فقد وقف سيدي متوسطا حشدا من الناس ليوزع عليهم نصيبهم من البركة، وتولى احد شباب القرية انزال السرج من على ظهر الحمار المبارك، فتدافع الناس للفوز بقطرة من عرق الحمار في الموضع الذي كان عليه السرج، وفوجئت بأحدى قريباتي تمسح وجهي بيدها التي لمست بها ظهر الحمار، فأعربت عن تقززي وقرفي، فصاح سيدي: اتركوه فهو شيوعي، فتوسلت اليه قريبتي ان يعفو عني، وان يدعو لي بالهداية فرفع يديه متمتما بعبارات غامضة وطمأن قريبتي بأن الله "سيهديني"، ولكنني والى يومنا هذا ارفض التمسح بعرق الحمير، او حتى اللاند كروزرات التي حلت محل الحمير كركوبة لأهل البركات.

وأقول لنادية مختار انني لا أحس بأن اهلي قصروا في تربيتي، رغم عدم المامهم بنظريات التربية، وأنني تعرضت للضرب من اناس لا أعرفهم، لأنهم رأوا انني أتيت سلوكا خاطئا، ومن ثم كان ابناء وبنات جيلي يعملون الف حساب لكل شخص يكبرنا سنا، بعبارة اخرى كنا نعرف ان من حق المجتمع بأكمله ان يحاسبنا على اخطائنا، وفي نفس الوقت فإنني لا أعارض ان يقوم عيالي بتربيتي، بإرغامي بالتنازل عن مفاهيمي التربوية المتوارثة، وادراك ان الكون قد تغير وحقيقة الأمر هي انني اعتقد ان الاجيال التي جاءت بعدنا أكثر وعيا و"معرفة" من جيلنا عندما كنا في سنهم.. صحيح ان عودنا الاكاديمي في مراحل الطفولة والصبا الباكر، كان اقوى من عود عيالنا، ولكن معرفتنا بالاشياء التي من حولنا ودلالاتها كانت ضعيفة وسطحية كنا بلهاء الى حد كبير، وكانت امي مثلا تولى شؤون استحمامي في الطشت وأنا في نحو العاشرة وكان أقراني في البيوت الأخرى يتعرضون لنفس الحمام الاجباري، وتتناهى صيحاتهم الى الجيران كلما تسللت رغوة صابون «حبوبة فاطنة» الى عيونهم، أما عيال اليوم فإنهم يرفضون ان يتولى شخص "تحميمهم" بعد ان يبلغوا الخامسة كنا خمجانين ومتسخي الثياب والبدن، وكان متوسط دخل الفرد منا من الذباب نحو خمسة آلاف يوميا،كان ذلك في زمن كانت السلطات الصحية فيه ترش البيوت بالجمكسين القاتل للحشرات، وترش البرك بالمبيدات، وتعطي كل بيت حصته من الفنيك لتطهير المراحيض، نعم دخل الفرد في السودان من الذباب ارتفع اليوم الى نحو نصف مليون ذبابة يوميا بفضل التنمية الشاملة التي شهدتها البلاد، وبفضل تكاثر سكان المدن بنفس وتيرة تكاثر الذباب «عيني محسية وليست رباطابية!» ولكن اطفال اليوم لا يؤيدون مثل ابناء جيلنا تطبيع العلاقات مع الذباب، عيالنا يعرفون الرام والر وكانت على ايامنا من اسماء الخمور! هم يقيسون الاشياء بالكيلوبايت، بينما كنا نتعاطى كل ما هو "بايت" دون ان نعرف قياسه ووزنه.. كان تمام المعرفة بالجغرافيا على ايامنا ان نذهب في رحلات افتراضية الى القولد وريرة وعطبرة «حيث ركبت من هناك القاطرة»، ولكن عيالنا يعرفون الكثير عن مدريد وريال مدريد وتورا بورا، ولم يعودوا يوجعون رؤوسهم بمعرفة جغرافية الوطن، لأنها صارت تتبدل يوميا، فالقولد - مثلا - قد تكون في المحافظة الشمالية في سنة 2004م، ولكنها قد تتبع محافظة كسلا في العام الذي يليه وبعد "تقاسم السلطة" قد تصبح جزءا من حلايب أي بلا هوية او انتماء قاطع!

ويغيظني ابناء جيلي عندما يتحدثون عن طفولة جميلة وهمية! ما الذي كان جميلا في طفولتنا وقد كنا ننال الضرب بالكرابيج والخيذران في المدرسة، وبالبراطيش وسير المفحضة «المحفظة» في البيوت، وما زلت اكره مدينة الفاشر، وأؤيد منحها الحكم الذاتي، لأن اسمها ارتبط في ذهني بالمركوب الفاشري المرصع بالمسامير والذي كانت ضربة منه تسبب حبس البول لمدة اسبوع!! عيال وشباب اليوم نظيفون وفهمهم العام للأمور ينم عن وعي كان ينقص ابناء جيلي.. وإذا كانوا يعانون من الضعف الاكاديمي ولا يحفظ من كان منهم في سن الخامسة عشر جدول الضرب او لا يحسن كتابة كلمة "اجراءات"، فذلك لأن جيل الكبار خذلهم وألحقهم بنظام تعليمي مهلهل.. وبدأ تسييس المناهج المدرسية على عهد نميري وبعد ان كانت ، أسد صارت "أركان حرب"، وبعد ان كانت "ض" ترمز ل"ضرب" صارت ترمز ل"ضابط"، وفي السنة الاولى سال المدرس الولد وهو يشير الى صورة ضابط في كتاب القراءة: ض شنو؟ فقال: ض زول!! فنال عدة ضربات، مع انه كان على حق فالضابط في المقام الاول والاخير «زول»..!



Post: #2
Title: Re: متوسط دخل الفرد في السودان نصف مليون ذبابة
Author: Al-Shaygi
Date: 01-20-2004, 03:00 PM



الله يديك العافية يا عثمان

والله لي زمن ما ضحكت بالطريقة التي ضحكت بها اليوم حتى دمعت عيناي ولا أدري هل الدموع كانت من الضحك أم من شر البلية الذي يضحك..

فعلاً المقال جميل...

بس الشايقية مالهم ؟؟؟
وماله عليهم ...

ياي بلدنا وكلنا أكوان ...
وآخرون ينطقونها أهوان ...
...
...

Post: #3
Title: Re: متوسط دخل الفرد في السودان نصف مليون ذبابة
Author: ترهاقا
Date: 01-20-2004, 04:46 PM
Parent: #2

الاخ عثمان

فعلا رجعتنى لايام طفولتنا البائسة واللتى لم تخلو من إرهاب
وأى ارهاب تمشى المدرسة زى السايقنك للمشنقة مجلود مجلود
وكان مشيت البيت مضروب مضروب

والجمكسين بتاع الحشرات ده كانو يختوهو لينا فى راسنا
يقول ليك عشان القمل - يا ساتر

اطفال اليوم بالرغم من إتهامهم بالضعف الاكاديمى لكنهم
اكتر تفتيحة بس اقل خشونة
وتسلم