لعنة "صدام" !!!!

لعنة "صدام" !!!!


01-14-2004, 06:11 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=8&msg=1074100271&rn=1


Post: #1
Title: لعنة "صدام" !!!!
Author: خالد عويس
Date: 01-14-2004, 06:11 PM
Parent: #0

لعنة "صدام" !!
خالد عويس *

ليس عسيرا ملاحظة أن الثقافة العربية بشكل عام تعيش وضعا معقدا، يكثر فيه التنظير لجهة مشروعات هلامية، والانكفاء على يقينيات لا يدب إليها شك. ولعل أكثر وجوه الأزمة الثقافية قتامة وظلامية، "الهوس" المزمن بالشعارات و"الكاريزمات" السياسية. وترقى المسألة إلى درجة الخطورة البالغة على مستقبل الأجيال العربية، حين دراسة تعاطي غالبية مقدرة ممن يفترض فيهم الثقافة والوعي مع سقوط الطاغية العراقي صدام حسين !!
بعض، لم يفرزوا مواقفهم الداعية لجلاء "الاحتلال"، عن مرئياتهم تجاه نظام صدام الدموي. ربما كان هؤلاء معذورين، حين كان صدام في السلطة محسنا إليهم، ليتعاموا عن جرائمه، أو لم يتبلغوا بشكل أكيد، وان كان العذر، عذرا أقبح من ذنب التفافهم حوله، ومناصرتهم إياه، في زمن، أضحت التكنلوجيا، والوسائط الإعلامية الحديثة، فاضحة للمستور كله، وكاشفة عن الخبايا !!
أما أن يمارس هؤلاء دورهم التضليلي، بتصوير صدام وزمرته، على أنهم أبطال، لم ينجب التاريخ أمثالهم. والتغاضي عن كل جرائم صدام بحجة أنه كان "كاريزما قومية "، وأن على شعب العراق أن يحتمل كل الأذى في سبيل عيون الدور القومي لصدام ونظامه، فهذا ما يباعد المسافة، فعلا، يوما بعد آخر بينهم، وبين الشعب العراقي الذي أكتوى بظلامات صدام، وعربدته، وتسلطه. وللعراقيين الحق، كل الحق، في رفض وصاية هؤلاء، طالما أنهم شكلوا "درعا ثقافيا وإعلاميا " حاميا لصدام طيلة ثلاثين عاما. وأعطوا أنفسهم الحق في التحدث بلسان شعب العراق. وأسندوا النظام العراقي السابق بكل ما "يملك"، ليذهب إلى جيوبهم حلالا، في حين أن أطفال العراق، كانوا يتضورون جوعا، بسبب قسوة الأمريكيين، ولا مبالاة نظام مرفّه لا يتشارك مع شعبه الآلام.
أتعجب من بعض، آلوا على أنفسهم، بأن يضعوا ربطات أعناقهم بأناقة للذهاب إلى الاستوديوهات كل مساء، أو تسويد الصحف يوميا، بآراء يندي لها جبين كل حر في العالم، لما آل إليه الضمير الثقافي، في التنكر لحقوق الإنسان، والتغافل عن الديمقراطية، بدعوى "الغزو الأمريكي ". لكن هل هو "الغزو " المدان جمعيا فحسب. أم لعنة الديكتاتورية التي جعلت منهم يرون في "حلبجة" كلاما فارغا وأوهاما، وفي المذابح الشنيعة التي نفذّها الحكم البعثي، أكاذيب يروجها دعاة إسناد الاحتلال !!
إن الفرز المطلوب حاليا، هو فرز الخطاب الديمقراطي عن الخطاب المدافع عن الديكتاتوريات القروسطية، مصطلحات التخوين والشعوبية والردة القومية، عن خطابات مناصرة حقوق الإنسان وفضح المجرمين والمناداة بكرامة الإنسان واختياراته الحرة.
لا أجد نفسي إلا متعاطفا مع الشعب العراقي المكلوم إلى أقصى درجة. فمن جانب، لا زال يعاني آثار صدام، ومن ضمنها الاحتلال الذي ما كان بمقدوره إيجاد تبريرات إذا كان العراق محكوما بوساطة حكومة منتخبة تحترم شعبها، علاوة على آثار الدمار النفسي، والاقتصادي، والسياسي والمجتمعي الذي خلّفه الطاغية. ومن جانب آخر، يكتوي العراقيون بشكل " المناصرة" التي يبديها "معظم الأشقاء " بالدعاية والترويج للحقبة الديكتاتورية، والوصاية الممارسة على الشعب العراقي، وكأنه شعب " قاصر " يتنكب طريقه.
سيكون بمقدور العراقيين، التخلص من الاحتلال بالوسيلة التي يرونها مناسبة و"حكيمة"، لو كففنا عن حشر أنوفنا في شئونهم. ولو تفرغنا بعض الشيء لإنتاج خطاب ديمقراطي واضح، بغية منع تكرار الكارثة، وتجنيب شعوب أخرى التجربة المريرة التي مر فيها الشعب العراقي. وسيكون بوسعهم بناء "العراق الجديد" بعد مخاض تجربة ذاتية قاسية، نتاج السنوات المرّة لحكم صدام، لكنهم على أي حال، سيفلحون في حلحلة قضاياهم كافة بأنفسهم. والأولى أن يتفرغ هؤلاء المنافحون عن صدام لقضاياهم، وقضايا شعوب لا زالت تمر بأزمة غياب الرأي والرأي الآخر، وتختنق بالبيئات التي تفرخ الديكتاتوريات وتنظّر لها.








ايلاف الالكترونية