ليس في الامر جديد

ليس في الامر جديد


01-08-2004, 09:24 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=8&msg=1073593471&rn=0


Post: #1
Title: ليس في الامر جديد
Author: Adil Isaac
Date: 01-08-2004, 09:24 PM

الراي العام

بقلم : محمد إبراهيم الشوش

الاتفاق الإطاري الذي تم بين الحكومة السودانية وتجمع المعارضة في الخارج ، والذي وقعه في جدة السيد نائب رئيس الجمهورية علي عثمان طه ، والسيد محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الوطني الديمقراطي ، في الرابع من ديسمبر 2003م ، يدخل في سلسلة متصلة الحلقات من الاتفاقات الثنائية ، بين الأحزاب والهيئات ، بحثا عن السند في عالم مضطرب ، ولبعضها أسماء مثل نداء الوطن ونداء جيبوتي ، لمن تستهويه التسميات والترقيم ، وهي اتفاقات قصيرة النفس قليلة التفاصيل ، غارقة في العموميات ، وقد انصرف المواطن السوداني عن متابعتها منذ زمن طويل ، دع عنك محاولة فهمها أو التفاعل معها سلباً أو إيجابا.

وكلها يعرب عن تطلعات الشعب السوداني ، في اعتماد المواطنة أساساً للحقوق والواجبات دون التفرقة بين المواطنين على أسس دينية أو عرقية أو حزبية ، وإقرار الديمقراطية التعددية بما يتضمنه ذلك من كفالة التداول السلمي عبر انتخابات حرة ، وسيادة حكم القانون واستقلال القضاء ، ولا مركزية الحكم في اطار وحدة السودان ، وضمان قومية الجيش والخدمة المدنية وإطلاق حرية العمل السياسي والجماهيري وتحقيق التعددية الحزبية ، ونبذ العنف ، وكفالة حرية التعبير والصحافة والعمل النقابي والمهني ، والإلتزام بالمواثيق الدولية لحقوق الانسان ، بما لا يتعارض مع المعتقدات والقيم والأعراف (ولا أدري أي معتقدات وقيم وأعراف يمكن أن تتعارض مع حقوق الإنسان) ، وانتهاج سياسة خارجية متوازنة تراعي العلاقة بين دول الجوار العربي الإفريقي ، وضمان استقلال اللجنة الوطنية للانتخابات وحيدتها ، وقومية لجنة مراجعة الدستور.

وقد تتساءل - إن لم تكن خبيرا بتعرجات السياسة السودانية وسيرها الحثيث في دائرة - اذا كان ذلك هو صلب كل هذه الاتفاقات الثنائية بين عمرو وزيد ، وشول ومادنج ، ممن دخل السياسة من أبوابها أو هبط عليها من السطوح ، وارثا أو مسلحا بالكلاشنكوف ، فلماذا كل هذه الضجة ؟ ولماذا لا يجلس كل هؤلاء وتتحقق الديمقراطية ويعم الوئام والسلام ؟ .

وفي اطار هذه الاتفاقية ما هو مبرر هذه الضجة الصغرى التي يثيرها نفر من الناقمين والذين يعتبرون الاتفاقية انتحارية تنذر بنهاية التجمع وضياع الآمال المعقودة عليها ، إلا أن يكون حالهم حال المغمى عليه داهرا ثم فتح عينيه فجأة فأبصر الحقيقة لأول مرة ، فلا شيء في هذه الاتفاقية يخرج عن المألوف.

ففي إطار الثقة الوجدانية المطلقة بحركة قرنق ، التي ترقي الى حد العصمة ، يمكن فهم موافقة التجمع ليس فقط على دعم اتفاقية لم يشارك فيها ، ولا يعرف خباياها ، بل دعم ملا تلا ذلك وما سيأتي إن شاء الله من اتفاق حول بقية النقاط ، هل سمعتم عن حزب سياسي يوافق على دعم أشياء لم تحدث بعد ، إلا أن يكون ذلك ما وعد به الله سبحانه وتعالى ؟

وبنفس القدر يمكن فهم موافقة قيادة التجمع ، على عدم تصفية القوات المسلحة والنظامية ، لأن اتفاقية مشاكوس تنعي بإصرار حركة قرنق على وجود جيشين ، فلا يجوز المطالبة بتصفية أحدهما مع ابقاء الآخر وتصفية جيش قرنق من المحرمات.

يبقى بعد ذلك ، اقحام الجمهورية الرئاسية ، وإثارة معركة حول ذلك الآن ضرب من السفسطة البيزنطية والاعداء على كل الأبواب.

ليس مستغربا أيضاً ، أن توافق قيادة التجمع على السياسة الاقتصادية ، المؤدية- هكذا بصراحة - الى رفع يد الدولة ومؤسساتها عن الأنشطة الانتاجية والتجارية والخدمية ، باعتبار ذلك ضرورة من ضرورات السوق الحرة ، وليس الأمر كذلك ، فحتى دول السوق الحرة لم ترفع يدها أبدا عن مساندة الضعيف والمريض والمحتاج والمعاق ، ومن لا مأوي له ، واسأل الذين دفعت بهم ظروف الحياة إلى الهجرة الى كندا أو فرنسا أو ألمانيا أوالنمسا أو هولندا أو الدنمارك ، وهي بلادما رفعت شعار الالتزام بالمشروع الإسلامي ، الذي يدعو إلى البر بالضعفاء والمحتاجين.

وافقت قيادة التجمع ، لأن أحزاب المعارضة لم تهتم بدراسة أوضاع المغلوبين في بلد انعدمت فيه الخدمات ، فلم تجهد نفسها بإعداد الاحصاءات والدراسات لأن كوادرها مشتتة في بلاد الغربة.

وحقيقة الأمر ، أن هذه الاتفاقية لا تقدم ولا تؤخر ، فلا هي شهادة ولادة أو وفاة الاتفاقية الثنائية الوحيدة يجري الإعداد لهافي مشاكوس ، لأن ظهرها قوي مانع ولأنه لا أحد يريد أن يقف أمام قطارها الهادر فيحرم من ملذاتها القادمة.