Post: #1
Title: مقالات الكاتب النوبي حجاج أدول
Author: ولياب
Date: 12-31-2003, 07:17 PM
قريبي ولياب الثاني له أهتمامات نوبية كثيرة ورغم التحاقه الحديث بالمنتدي النوبي إلا أنه أبدى نشاطا ملحوظاً وحضوراً متميزاً وله مشاركات بسودان نت ، ولما كان له علاقه وطيدة بالكاتب النوبي حجاج أدول وعلى تواصل دائم معه ونظراً لتوقف التسجيل في ديار بكري لم يتمكن من الحصول على العضوية ، وبطلب منه ورغبة من الكاتب .... إليكم أسوق هذه المقالات .
==========================================================================
ثلاثة أدباء نوبيين في مصر. هم المؤثرين فكريا وادبيا وهم الذين يحركون القضايا النوبية بمساهماتهم الادبية ويلاقون ما لايوصف من المصاعب فاذا كان هؤلاء الثلاثة هم القوة الضاربة فان اديبنا الاستاذ حجاج حسن ادول يمثل .. بذاته .. وفكره .. وقلمة .. ثلث تلك القوة لان هذا النوبي الهميم الذي كتب الكثير والكثير عن النوبة .. والذي يطيب لي ان القبه برائد نقل الاطروحة الادبية النوبية الى الافاق الواسعة .
ولي ان ادعو احباؤنا النوبيين ومحبيهم ان يتابعوا مقالات استاذنا حجاج ادول في شتى المواقع عبر الانترنت ويتفاعلوا معها ايجابا لنعزز تلك القوة الضاربة من اعماق النوبة .. وسوف انقل لكم عبر هذا البوست بعض مقالاته تباعا
وليـــــWalyabــــــاب |
_________________ ولياب WELYAB
TOPIC: الدعوة إلى النوبيـة (1) ـ ------------------------------------------------------------------------------------- حجاج حسن أدّول مقال
الدعوة إلى النوبيـة انطلقت دعوة “الزنوجة” أول ما انطلقت من الشاعر والمفكر الزنجي ليوبولد سنجور وزملاؤه. وسبب إطلاق صيحة “الزنوجة"، أن العالم أهمل وهمّش بل واحتقر الجنس الزنجي، وتعالى على كل ما هو زنجي، وبالتالي على كل ما ينتجه الزنجي من منظومات حياتية وثقافية. احتقر العالم الغربي واستهجن حتى خِلقة الزنجي ووضعه في مرتبة الحيوانية! لذلك تحصن الزنجي داخل حصن الزنوجة، أي قابلوا الفعل الهجومي العنصري ضدهم برد فعل يساويه عنصرية. ولم تستمر صيحة الزنوجة طويلاً لأنها انطلقت تحت ظروف معينة، ولأنها كانت حائلاً بين الذات الزنجية والذات الإنسانية في مجملها. ولما بدأت العنصرية الغربية ضدهم تضعف، بدأت صيحة الزنوجة أيضا تضعف وتبهت وتتحول من التطرف إلى الوسطية، فصارت تعتز بنفسها وتعتز بتنويعات غيرها من شعوب. ونحن أيضاً، النوبيون. لأن مصر أهملتنا، ظلمتنا، أهانتنا بتهميشنا جانباً، تركتنا كمّا مهملاً لا يساوي في نظرهم، حتى وصل الأمر إلى الاضطهاد الواضح، تجسّدت واستفحلت عند النوبيين صيحة النوبية حدة على حدة بمعناها الانعزالي. سواء كانت هذه الانعزالية بوعي تام أو بوجدان يُحسْ منهم ولا يُعقل تمام العقل. وكلما زاد الظلم علينا من الغير مع ازدياد خوفنا من الاندثار، نزداد انكماشاً في صيحة النوبية الانعزالية التي تتشكك في كل أفعال الغير ونواياهم. نوبية انغلاقية نتحصن فيها لنحمي أنفسنا من سهام المحن والكروب وضربات الخطوب. صيحة النوبية بهذا المفهوم السلبي حتى وإن كانت صيحة داخل نفوس النوبيين وليست معلنة، فهي تعمل في تنامي على تحويل جلدنا الأسمر إلى جدار حصين يحمينا من اللون القمحي الممثل للأغلبية, القاهر لنا والمتربص بنا. أن صيحة "النوبية" بمفهومها الانعزالي، حتى وان كانت رد فعل فهي خطيرة على الكل، على مصر كلها وعلى السودان، بل على أفريقيا كلها لأسباب يطول شرحها، فهي صيحة تدفع النوبيين إلى المغالاة في كل أفعالهم وردود أفعالهم، تستنفر فيهم النوازع والرغبات السفلية الكامنة في كل إنسان وتنفجر حين تأتيها الفرصة لتحطم الجسور مع الغير، فيبدأ العنف والحقد ومركبات النقص والرغبة في الانتقام والتدمير والشوفونية تسيطر عليه فتلوث أحلي ما فيه من رغبات ونوازع سامية، خاصة أن النوبي أصلا جُبل على هذا السمو. النوبية الانعزالية التي هي أصلا ضد الآخر ، تضر أولا بالنوبيين والنوبة ثم بعد ذلك تضر بمصر والسودان وأفريقيا كما أسلفت. لكن ليس معنى ذلك أنه مطلوب من النوبي وحده أن يعمل على حذف صيحة النوبية الانعزالية، أبدا، لأن هذه الصيحة هي رد فعل لاضطهاد واضح. المطلوب رفع هذا الاضطهاد عن النوبيين الذي هو الفعل الذي جلب رد الفعل المتمثل في صيحة "النوبية"، وعلى النوبيين بعد ذلك العمل بقوة وإصرار على بتر صيحة الانعزالية والعمل على بناء النوبية الإيجابية التي هي من الوطنية المصرية والوطنية السودانية، النوبية السامية والتي هي الوصل مع كل عطاءات البشر لا الفصل. حجاج حسن أدّول _________________ ولياب WELYAB
=============================================================================== TOPIC: أربعون عاماً على التهجير ــ2 ــ حجاج حسن ادول أديب نوبي مصري
تعددت النعوت التي أُطلِقَتْ على قرننا العشرين. والنوبة أطلقت نعتاً على هذا القرن الذي أوشك على الرحيل.. قرن الغرق. فمنذ بدايته عام 1902، عام بناء خزان أسوان، وتتوالى الإغراقات على النوبة. تعلية في 1912عام ثم تعلية في 1932. ثم السد العالي عام 1964، وكل إغراق بتهجير عَرْضي ينتقل النوبيون من قريتهم كلها ويبنون قرية أخرى على سفوح الجبال. وكلما زادت كمية المياه خلف الخزان، كلما أغرقت مساحات أكثر من الزراعات والنخيل والبيوت. أي أن الإغراقات كانت عديدة ومرّات التهجير العَرَضية الجانبية بالتالي.. عديدة. ثم كارثة تهجير السد العالي التي لم تبق ولم تذر. لذلك كان القرن العشرين لدينا هو قرن الغرق. بداية تهجير النوبيين كان في 18 أكتوبر 1963. وانتهى في يونيو 1964. وهذه الأيام تضربنا الذكرى الأربعون، ذكرى تهجيرنا الجنائزي إلى مقبرة كوم أمبو. نتذكر ونرقص رقصة "الوَرْجيد" النوبية. وهى تشبه كثيراً رقصة النائحات الفرعونية المنحوتة رسماً على جدران معابدنا المصرية. النوبة كانت نخلة مباركة عظيمة. أتى عليها من أتى وحاول نزع النخلة كلها من بيئتها الخاصة. انخلع معه الساق بما يحمله من جريد وسباطات بشر. بقى الجذر هناك يئن مولولاً. ذهبت اليد الحديدية غير الإنسانية لتنصب الساق بِبَشَرهـا في كوم أمبو. نخلة بدون جذور. لم تنتصب في الأرض الكاذبة، فثبتوها صناعياً بالأسمنت. من بعيد يخال للرائي أنها قائمة تعيش، إن اقترب سمع أنينها وهى تصارع الموت حنيناً إلى جذرها بالموطن الأصلي جنوب السد الغاشم. كل هذا والحكومات المتوالية تنظر وتسمع، تنظر وتسمع وتستمتع بالموت الذي يصعد من أسفل الساق إلى البشر المصلوبين في السباطات. حكومات تدعى احترام النوبة ويُظهرون تقديراً لتراثها بالكلام اللزج المنافق. لكنهم وهم القتلة يطالبون النخلة التي كسروها بأياديهم أن تعود وحدها! يضعون أمامها السدود الإدارية كي تعجز، ثم يقولون لها اقفزي أيتها العاجزة! أربعون عاماً مرت على تهجير هو مذبحة. مذبحة كالمذبحة التي أطاحت بحضارة الهنود الحمر. هناك ذُبِحوا بالسيوف الأسبانية ثم ببنادق الكاوبوي. والنوبة ذُبِحت بأسلوب أرق. ذُبِحت بالإغراق والتهجير. ذَبح بالبطيء. بدون إسالة دماء. تعدد الأساليب والذَبح واحد. فهل ننتظر نحن النوبيون خمسمائة عام ليفيق العالم ويعلم أن حضارة أخرى قد أبِيدت فيبكى عليها؟ لا. لن يكون هذا. نادينا مراراً وتكراراً في الصحف والمجلات، في الندوات وخلال المقابلات الشخصية مع المثقفين ومع المسئولين. أرسلنا مئات الشكاوى، الخ. لا الحكومة أصغت، وهذا أمر مفهوم، فقد أُسْمِعتَ إن ناديت حياً. لكن غير المفهوم، أن أغلب مثقفي مصر وعلمائها لم يبالوا! والأغرب أنهم لا يريدون أن يسمعونا ولا أن يتحاوروا معنا، أغلبهم يتهموننا لمجرد مطالبتنا بحفظ خصوصيتنا الثقافية. البعض يربط بين مطالبنا وصيحة الأقليات التي تستخدمها بعض الدول للاختراق الغير. لا يريدون أن يتعمقوا في الفهم ليعرفوا ويتأكدوا أننا نطالب بحقوق إنسانية وأننا الرابط الحقيقي لمصر بالسودان وسائر افريقيا جنوب الصحراء، وأننا حقيقة أصل مصر وأننا المحافظة الوحيدة التي ضحت لمصر. لا يريدون أن يتذكروا كيف أن الغرب والأمم المتحدة هم الذين ساهموا وقت عبد الناصر أكبر مساهمة في حفظ الآثار النوبية ومعابدها، وشكرهم عبد الناصر وأهدى معبداً كاملاً لأمريكا. فلماذا صمتوا وقتها ويشككون فينا الآن؟ أم أن كل ما كان وقت الحكم الناصري صحيح وماعداه مشبوه؟! فلن تهتم بنا الحكومة أبداً طالما نحن ضعفاء. لن تعطينا حقاً من حقوقنا كمواطنين طالما نحن نستجديها. فلتكن الذكرى الأربعينية هي نقطة تحول لنا. فقد آن الأوان أن ننتزع حقوقنا انتزاعاً. معنا الإعلام المصري الحر. معنا أبناء مصر الشرفاء الواعون المحبون للنوبة كقطاع مصري مسالم لا يبغى إلا حقوقاً إنسانية. معنا كل إنسان يقدر الإنسان ومطالبه الثقافية الحضارية.
نشر المقال بــ/ إيلاف النوبة.. أربعون عاماً على التهجير الأربعاء 24 ديسمبر 2003 16:07 _________________ ولياب
|