احضرت لي ابنها و هو يشتكي من بعض الاعراض و اوعزت لي انها لم تشاء ان تذهب به لمستشفى حكومي عشان (ما يجيبو خبرو) زي ما جابوا خبر ابيها و اختها من قبل سنوات خلون.و ذلك بعد اوهام نقل العلاج للاطراف كما يزعمون و التي جعلت المواطن المسكين و الاغبش يدفع ما تبقى من دم في المركز و في الاطراف معا و لا يحصل على علاج ناجع في ظل وزراء النظريات و مدراء الواسطة و المحسوبية, و التي جعلت مستشفيات المركز مناظر و مستشفيات الاطراف مقابر. كان يبدو عليها رقة الحال و تعلو وجهها ابتسامة ناصعة لامعة الاسنان و تسر الناظرين., و بدت بثوبها الابيض انها من ذلك النوع الذي تعلم العمل و الكد و الاجتهاد و عرق الجبين , تدلت من يديها مسبحة ظلت تواظب على تحريك حباتها حتى اثناء المقابلة و هي تقول برباطة جاش: (يا ولدي الذكر ده ياهو النافعنا و جايب لينا البركة) كان ابنها يعاني اشد المعاناة و هي تخفف عنه و تقول في ردها على سؤالي جول ابيه ان والده قد( طفش) منذ سنوات و ترك لها ابنها المريض و ثلاث بنات و لم يبن له اثر بعدها و الي اليوم. ’ و انها في سبيل تربية ابناءها الصغار بدات في العمل و بكل المهن حتى انها حملت قصعة المونة على ظهرها ذات مرة ضاق فيها الامر و كما عملت ببيع الشاي و الكسرة الى ان افتتحت مطعما خاصا بها تسترزق منه هي و اسرتها و كيف انها علمت بناتها حتى المرحلة الثانوية ثم تزوجن جميعهن (احسن عرس) كما قالت. و هنا استحضرني ذكر بعض نسوة المدينة و الذين ملاوا الدنيا ضجيجا و صخبا من تصريحاتهم الضاربة و ووقفاتهم الاحتجاجية المضحكة و معارضتهم الناعمة, حيث يشارك الابن و تعارض البنت و يمسك الاب العصا من النصف و يحاولن اقناعنا بانهن قد اتوا من السماء بينما باقي شعبنا المسكين قد جاء من الارض و بالتالي كما يقال البتجي من السماء تحملها الواطة ,الا ساء ما يحكمون و باطل ما يظنون. و تذكرت نساء الغفلة و اللاتي اختزلن الحرية في شرب السجائر و لبس البناطلين و التعري و الحقن بالنضال و الكفاح اشد الضرر بالشوفونية و النرجسية و حتى اكل اموال الناس بالباطل و العمالة و الارتزاق, ثم يدعين وصلا بالكفاح و هو منهن براء. لم تجعلني (حاجة حواء) استرسل بعيدا قبل ان تشكرني و تؤكد لي انها ستحضر للمقابلة بعد شهر و هو كما قالت ثلاثين صباحا, و فسرت لي ذلك بانها امية لا تقراء و لا تكتب و لكنها تعد الايام بالصباحات و تعلمت ذلك منذ طفشان زوجها و الى الان. و هنا ايضا و برغم ارادتي سرح خاطري بعيدا عن موعد اشراق صبحنا و ميقات انبلاج صباحنا و ميعاد قدوم غلسنا و غسقنا و الذي طالت في المسير اليه التناكر و التذاكر و العساكر و حتى السكاكر و هلم جرا!وكما تذكرت الذين طفشوا و هجوا من الساسة و القادة بسبب السخانة في الاجواء’ و ادمنوا حياة الغرب و فنادقه و فلله و بعد ذلك يتحدثون عن النضال و الكفاح و هم في ثرائهم يتقلبون بينما , امثال حواء المناضلة الحقيقية تعيش من عرق جبينها ’ كدرس لاولئك الارزقية و الموهومين. خرجت حاجة حواء بصحبة ابنها بعد نهاية المقابلة مثل النخلة هامة قامة و استقامة’ تمشي و كانها طود شامخ و بناء راسخ’ ضاحكة مستبشرة من نساء عينة( بابا قال ليكم) و ( بابا جاي) لتذكرهم بانهن من ورق و خشب اسن ’ اما هي فانها و بحق امراة و لكن من فولاذ.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة