الابداع و الضياع بقلم علي بلدو

الابداع و الضياع بقلم علي بلدو


01-16-2020, 08:11 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1579201900&rn=0


Post: #1
Title: الابداع و الضياع بقلم علي بلدو
Author: علي بلدو
Date: 01-16-2020, 08:11 PM

07:11 PM January, 16 2020

سودانيز اون لاين
علي بلدو-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



خواطر طبيب


يبدو المناخ الثقافي و الاجتماعي و السياسي معتما فيما يخص تنشيط الحركة الخلاقة و الابداعية و الارتقاء بالعلم و الاداب و الفنون , من ناحية اهمال االفنانين و المبدعين و الاقصاء و التطفيش للاخرين و حجب الميزانيات و الامكانات و تعرية المشهد الثقافي ليصبح قاعا بلقعا , الا من محاولات خجولة هنا و اخرى هناك.
يقول كولين مارتيندال ان الانتاج الابداعي يحدث و ينمو في سياقات اجتماعية مترابطة و منظمة و ممرتبة و ليس في سياق معزول , و كما ينمو في ظل الحرية و الانفتاح و ليس البطش و الانغلاق و الصيرورة الي نقطة التلاشي الثقافي و التي تعني دمارا و نهاية حتمية للامم.
و يجب ان نشير الى ان التغيير الحقيقي هو الذي يؤثر في الناس و المجتمع و ليس الفكرة او المنتوج الابداعي فقط.بل ان المجتمع الذي يحدث فيه الابداع هو المسئول عن الارتقاء بالفن و توفيرر ظروف الاستقرار و النمو و الازدهار.
و حين يكون الواقع الاجتماعي و السياسي محفزا ’ تزدهر الفنون الى ااقصى الاماد مثل ما حدث في مصر الفرعونية الاسرة الثامنة عشرة مثلا و نمو فن النحت, و لكن انهار ذلك بعد تدخل كهنة امون و الفراعيينن و ادى االى تقهقره و توقفه تماما فيما بعد.
و يجب على المبدع ان يكون قويا صلبا و مجالدا ليتحمل المساسقة و المجابدة في واقع طارد لكل جميل و جاذب لكل قبيح و منكر’ و يكون له شخصية خاصة و مقاومة و مجاوزة للضغوط و العقبات و ما اكثرها في هذه البلاد.

و نلاحظ في الاونة الاخيرة ان السلوك الابداعي اصبح ترفا لدى الكثير من المثقفاتية ’ يتزينون به و يتباهون به في سذاجة و عدم نضج مجتمعي’ و ادى ذلك الي تاكل المجتمع و مهددا مباشرا للامن الثقافي و ظهور انبياء الثقافة الكذبة و نبيات الضلال الفكري ليجوسوا خلال الديار زخرفا و غرورا.
يتصور كثير من الناس ان الابداع يختص بنوع معين من النشاط الهادف الى افراز استجابات معينة في مجال معين كالنحت و الرسم’ التلوين ’ الشعر و غيره’ او في مجال العلوم كالطب و الزراعة و الصيدلة و غيرها’ و ان كانت هذه الاوجه على قدر عال من الاهمية الا ان الابداع في بناء النفس و تطوير الذات لا يقل عنها اهمية و بل يتعداها باعتباره ذروة سنام العملية الابداعية في درجاتها العليا و مقاماتها الرفيعة, و تلك درجة سامية لو كانوا يعلمون
و كما ظن الكثيرون ان الذكاء ضروري للعملية الابداعية و هذا ليس صحيحا ’ فقد يكون الفررد ذكيا جدا و لكنه غير مبدع او العكس’ و قد ابدع الكثير من المبدعين و هم في درجات ذكاء دون الوسط و لا يزالون.

و اذا نظرنا لمبدعينا اليوم من ناحية الذكاء الاجتماعي ’ الفهم اللفظي’ التذكر ’ الاستبصار’ الاستدلال’ الجراة ’ المغامرة’ التفوق’ و غيرها من الصفات و القدرة على صب ذلك في قوالب جمالية مناسبة للسياق و مقبولة’ و منفعلا بالماضي و متماهيا مع الحاضر وكل تلك الاشياء ’ لوجدنا ان واقع حالنا اقرب للضياع منه للابداع الحقيقي.
ان كانت النار من مستصغر الشرر, فان نار ابداعنا لا تزال تواصل الدخان و و يتزايد السعال و القئ الثقافي ’ و لم يجد حداة ركبنا نارا ليبشروا بها ااهلهم و ساروا وراء سراب بقيعة حسبوه ابداعا ’ فوجدوه ضياعا و يا له من ضياع.