العوارة السياسية! بقلم ا د / علي بلدو

العوارة السياسية! بقلم ا د / علي بلدو


12-27-2019, 02:22 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1577452935&rn=0


Post: #1
Title: العوارة السياسية! بقلم ا د / علي بلدو
Author: علي بلدو
Date: 12-27-2019, 02:22 PM

01:22 PM December, 27 2019

سودانيز اون لاين
علي بلدو-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



خواطر طبيب


مصطلح (عوير) و ( عوارة) من المصطلحات الشائعة و الالفاظ الرائجة في المجتمع السوداني منذ القدم ’ و تم تخليدها في التراث الشعبي و الغناء العاطفي و الحماسي كذلك ’ كاغنية ( تمساح جزاير الكرد) و فيها:
من قومة الجهل ما هو العوير و هبيل
و الاسد ان نتر لا بيركز نمر لا فيل
كما ان كلمات من شاكلة 0 ( ما تتعاور) و ( بطٌل العوارة) يتم تداولها في اليوم الواحد الف مرة او تزيد في مختلف المناحي و شتى ضروب الحياة اليومية و تثُير ما تُثير و يكون لها حديثاً و الحديثُ عندنا ذُو شُجوْن!!
بل تجاوز الوصف العادي للانسان لدينا بذلك ليشمل النبات ايضاً ’ حيث يُعرف نوع من النباتات تنمو في الاطراف و في الاماكن الغريبة و لا ثمر لها ’ تعرف بالعوير و التي هي تسمية سودانية خالصة لم يسمع بها اي عالم نبات من الاحياء او الاموات.!
و على العموم فلسنا هنا بصدد الحديث عن العوارة بمعناها العريض ’ و لو شئنا لاستفضنا في ذلك و اسهبنا و نحنُ على ذلك لقادرون’ و لكن أود أن اشير الى نوع جديد و قاتل و خطير من انواع ( العوارات) و التي ضربت بأطنابها مجتمعنا السوداني في الصميم و اصابت و لم تُخطئ بسهمها و نبلها و مُحكم تصويبها الكثيرين و الكثيرات من ضحاياها’ ألا و هي ما يمكن تعريفه و توصيفه بالعوارة السياسية (عديييل كده)!
و هي مجموعة من السمات و الانماط و االسلوكيات التي تُميز شريحة واسعة من السياسين و القادة و الائمة و الزعماء لدينا قديما و حديثاً ’ و تجعل الناس في واد و ذلك ( السياسي العوير) في واد اخر’ نتيجة لفققدان مهارات التواصل و لغة الجسد و القدرة على الاقناع و الحوار و توصيل الفكرة و التاثير على الغير.
ليس هذا فحسب بل الاندماج و الانغماس في اشياء هامشية و معارك في غير مُعترك و بطولات مُزيفة و اوهام و احلام زائفة ’ و قُدرة عجيبة على عدم الفهم و الادراك للمجرى العام لللامور و تحليل الواقع بما يتماشى مع العقل و المنطق و الوجدان السليم و لا يُثير الدهشة لدى الرجل و المواطن العادي و يجعل الوطن يتألم من صنائع ابناءه الاذكياء و الحصيفين منهم و ( العوراء) على حد سواءْ!!

و للتدليل على ذلك فلا زال اهل الحكم عندنا يسمعوننا صباحاً و مساءً و غُدواً و رواحا’ حكايات التسامح و مد الايادي البيضاء و صهر الجميع في بوتقة واحدة و العفو و التناسي و يسكبون الدموع مدرارراً امام الشاشات و لا تزال اجساد الشهداء ندية رطبة تشكو الي ربها جور العباد ’ و معلقة ارواحها بين السماء و الارض بلا معرفة من قتلها و باي ذنب’ و دون قصاص او محاكمة او حتى اعتذار او دية!
كيف يُعقل ان تكون كل دول جوارنا على علاقة دبلوماسية و اقتصادية و عسكرية قوية للغاية مع اسرائيل ’ بينما نحنُ فقط ووحدنا في محيطنا الافريقي لا نزال متمسكين (بالعدو الاسرائيلي) و حكاية (كل الاقطار الا اسرائيل) لنحمل جوازات سفرنا للعالم كاكبر دليل على (عوارة) حكوماتنا المتعاقبة بما فيها حكومة سارقي الثورة الحاليين و الذين يشكلون امتدادً للعوارة الثورية لسابقتها العوارة الكيزانية!!
لازلنا نبني علاقاتنا الخارجية على حسن النية و سلامة الطوية و حُسن الاخلاق و حب الخير للاخرين في زمان المصالح المشتركة و التحالفات و اللوبي الخارجي و توازنات القُوى’ حتى اصبحنا الدرويش العربي و الافريقي بلا مُنازع الا من ههبنقة و ابو دلامة و سعدون المجنون و ابو جوالق ’ و لو كان النيسسابوري حياً لترك هؤلاء العوراء و خصص كتابه فقط لنا في بلادنا المنكوبة بالعوراء و الحمقى و المجانين!!
لازالت حكومتنا الفاضلة تعتقد ان الجميع خلفها و انها وان كانت الاخيرة زمانها ستأتي بما لم تستطعه الاوائلُ.
و لازال رئيس وزراءها المُوقر يملؤه الاعتقاد و يسود لديه الظن ’ بانه مُحًد الشعب و حادي ركبه الميمون الاوحد ’ و أنه قد جاءنا مُبرئاً من كل عيب و كأنه قد خُلق كما يشاء ’ و أن نساء السودان الجريح كلهن قد عجزن عن أن ياتين بمثله و لو كان بعضهن لبعض ظهيراً و عضددا.
هل هنالك عوارة اكثر من هذا و تلك’ دون شك ان العوارة السياسية هي آفة و متلازمة خاصة اصابتنا و كما اصابت حكومة ثورتنا الوليدة و التي لا تزال تواصل طقوس العوارة السياسية و الدروشة الحكومية في ابهى صورها و أنقى تجلياتها’ و كانها لم تسمع بمن قال:
لا يغرنك ما ترى من اناس ان تحت الصدور داءً دويا
فضْع السوط و ارفع السيف حتى لا ترى فوق ظهرها أمويا
فيا حكومة ثورتنا المجيدة ’ رجاءً ( بطلوا العوارة بتاعتكم دي) ’قبل ان ياتينا صبح الظلام مرة اخرى و اني لا اراه بعيدا بل قريبا ان كنتم فاعلين!