رؤية قانونية حول المادة 48 من قانون العقوبات بقلم محمد علي طه الملك

رؤية قانونية حول المادة 48 من قانون العقوبات بقلم محمد علي طه الملك


12-16-2019, 11:47 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1576536445&rn=1


Post: #1
Title: رؤية قانونية حول المادة 48 من قانون العقوبات بقلم محمد علي طه الملك
Author: محمد علي طه الملك
Date: 12-16-2019, 11:47 PM
Parent: #0

10:47 PM December, 16 2019

سودانيز اون لاين
محمد علي طه الملك -Amsterdam NL
مكتبتى
رابط مختصر




قانون العقوبات السوداني لسنة 1991 تبني موضوع تقادم العمر كسبب يعدل العقوبة المقررة في القانون للأفعال ذات العقوبات التعزيرية ، حيث نص في المادة 48 على الآتي :
( دون مساس بتطبيق العقوبات الحدية وأحكام القصاص يجوز للمحكمة بعد الإدانة اتخاذ التدابير الآتية بشأن الشيخ الذي بلغ السبعين من عمره متى رأت ذلك مناسبا

(أ) تسليم الشيخ لوليه أو شخص مؤتمن بعد التعهد بحسن رعايته.
(ب) تغريبة مدة لا تجاوز مدة السجن المقررة عقوبة لجريمته
(ج) إيداعه أحد مؤسسات الإصلاح والرعاية الاجتماعية لمدة لا تتجاوز سنتين).
قد لا يغرب على فطنة القارئ أن مشرعي نظام الإنقاذ تبنوا هذا النص لا من باب رعايتهم وأهتمامهم بحقوق كبار السن ، بقدر ما عنوا تأمين شيوخهم عندما يحل زمان محاسبتهم في يوم ما ، في تقديري هذا النص بعموميته يقع بالمخالفة لقواعد العدالة الشرعية التي لم تستثني شخص من عقوبة بسبب كبر السن وحده ، ما لم يكن مصحوبا ببينات تثبت عدم أهليته الشرعية ، وقد عرفت المادة 3 لفظ شخص مكلف بأنه الشخص الطبيعي البالغ العاقل ، ولعل الرئيس المخلوع لم يكن يعاني من مبطلات إدراكة ، ولم يدفع بذلك أمام المحكمة الموقرة ، لقد عامل القانون الصغير الذي لم يبلغ الحلم معاملة خاصة لكون إداركة لم ينضج بعد ، إذن فلسفة الشريعة والقانون ومبادئ العدالة تربط تعريفها للرشد ببلوغ الحلم دون اعتبار للعمر ما لم يبلغ الثامنة عشر ، على ضوء ذلك فإن مجرد بلوغ الشخص لسن السبعين يجب بحد ذاته ألا يكون سببا ما لم تصحبه دلائل أخرى تثبت ضعف إدارك الشخص لأفعالة ، وهي حالة يمكن اثباتها بسهولة بالنسبة لمن بلغ سنا متقدما وهي حالة صحية عقلية معروفة بلفظ (الخرف) ، إذن في تقديري كان على المحكمة الموقرة التثبت من بلوغ المتهم مرحلة الخرف العقلية ، وهي مما يمكن اثباتها بالتقارير الطبية وشهادة الشهود.
ثانيا : سلطة المحكمة جوازية في الأخذ بهذا النص ، بمعنى أن النص ليس من النصوص القطعية الملزمة ، حيث الخيار متروك لتقدير المحكمة ، ومن الواضح أن ترك الخيار جوازيا للمحكمة لا يفهم منه سوى أن مجرد الاعتماد على بلوغ سن السبعين ليس كافيا بذاته كما يبدو من الوهلة الأولى ، فقد يكون الشخص في السبعين أكثر وعيا وإداركا من شاب في سن العشرين ، لذلك كان من حق المحكمة إعمالا لمبدأ العدالة والوجدان السليم ، واستنادا على سلطتها الجوازية التحقق من سلامة ادارك المتهم قبل أن تتبني تطبيق نص المادة 48 اعتمادا على شهادة التسنين وحدها ودون مبررات تقدم بها الدفاع ، ولعل عدم وجود سوابق تطبيقية لهذه الحالة يعد مبررا كافيا يصلح أن يكون مدخلا لهيئة الاتهام ، لكي تتقدم بطعن حول العقوبة يؤسس لسابقة تفسر وتضع معايير عادلة لمفهوم هذا النص .