الثورة السودانية … تَكَمُّلُ عامِها ولم تَكْتَمِلْ أركانَها بقلم محمد عبدالله ابراهيم

الثورة السودانية … تَكَمُّلُ عامِها ولم تَكْتَمِلْ أركانَها بقلم محمد عبدالله ابراهيم


12-16-2019, 00:55 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1576454126&rn=0


Post: #1
Title: الثورة السودانية … تَكَمُّلُ عامِها ولم تَكْتَمِلْ أركانَها بقلم محمد عبدالله ابراهيم
Author: محمد عبدالله ابراهيم
Date: 12-16-2019, 00:55 AM

11:55 PM December, 15 2019

سودانيز اون لاين
محمد عبدالله ابراهيم-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




يُمر علينا ذكرى الثورة الشعبية السودانية المجيدة، والتى بدأت شرارتها الاولى في ١٣ ديسمبر ٢٠١٨م بمدينة الدمازين عاصمة ولاية النيل الازرق ومن ثم انطلقت في كل من مدينة سنار وعطبرة والقضارف، وتفجرت في الارض وانهال الناس افواجا عُلوا الهِمة تخشخش في الشوارع ينوبها العزيمة نحو الانتصار، هذه الثورة المهيبة التى ابهرت العالم ورع في تنظيمها وقيادتها جميع بنات وإبناء السودان الذين واجهوا ابشع انواع القمع والتعذيب من قبل النظام البائد مُتَحِدين ومتحدون، عالية هتافهم لا ترهبهم ذلة، فصدق عهدهم ووعدهم مع الثورة، ولم يبخلوا بقطرة دم من أجل هذا التراب، كما قدم الكثيرين حياتهم من أجل ان يحيا الوطن.
والثورة السودانية في مهد قيامها كانت ثورية مطلبية تطالب بتوفير ابسط مقومات الحياة والعيش الكريم في ظل تردي الاوضاع الاقتصادية والخدمية في الدولة ولا سيما تدهور معايش الناس ومتطلباتهم الحياتية، إلا انه سرعان ما تحول مطالب الشعب الى إسقاط النظام بإعتباره المسئول الاول والاخير عن تدهور احوال البلاد والعباد وتردي معايش الناس، وبجانب اسقاط النظام رفع الثوار شعارات جوهرية تمثل المطالب الاساسية للتغيير المنشودة وهو حرية .. سلام .. وعدالة، وتعتبر الرغبة الاكيدة لثورة الشعب السوداني نحو بناء السودان الجديد، كما عبر عنه الجماهير في السودان ولا سيما جماهير جمهورية النفق المعتصمين امام مقر القيادة العامة للجيش حيث حملوا لافتات كتبوا عليها "الشعب يريد بناء سودان جديد".
ولقد انتصرت الثورة وحقق السودانيين اولى اهدافهم وهو إسقاط النظام، إلا انه على الرغم من مرور عام على إسقاط النظام نجد ان اركان الثورة لم تكتمل بعد، والعديد من الاسباب التى ادت الى قيام الثورة لا تذال باقية عجز القائمين على أمر الحكم بعد اسقاط النظام ان يجدو لها الحل المناسب لتنزل بردا وسلاما على الشعب السوداني، وطيلة هذه السنة من عمر الثورة نلاحظ ان الوضع الاقتصادي في تعقيد متصاعد من متردي الى متردي جدا، الشئ الذي انعكس على حياة الناس وعدم المقدرة على توفير متطلباتهم واحتياجات الاسر اليومية من مأكل ومشرب وعلاج صحي، ولا سيما وسائل الترحال والتنقل، وهذا كله يعتبر من أمهات القضايا الذي يجب معالجتها بشكل ضروري وعاجل، ونحن ندرك ان التركة كبيرة وراء الثلاثون عاما من حكم النظام البائد، وان الصعوبة بمكان ان يتحقق التغيير بين عشية وضحاها، ولكن مع ذلك هنالك قرارات خاطئة واخرى اتت متأخرة واخطاء كبيرة ارتكبها القائمين على أمر الحكم بعد اسقاط النظام كان من الممكن اذا أحسنوا فيها التقديرات لكانت كفيلة بأن تجنب البلاد العديد من المشاكل، نذكر منها على سبيل المثال اخطاء التفاوض المارثوني مع المجلس العسكري والتأخير في تشكيل الحكومة الانتقالية والتى لم تكتمل بعد، التأخر في عدم حل النظام البائد وتصفية ومصادرت ممتلكاته، ترك العديد من قيادة النظام البائد يمارسون نشاطهم دون ملاحقتهم وسجنهم، الخلافات بين مكونات قوى الثورة والذي ليس لها اي قيمة وطنية، عدم تحقيق السلام …الخ، وعدم حسم وحزم هذه القضايا بصرامة ساعدت قوى الثورة المضادة واذيال النظام البائد ان يتحركوا بحرية وقوة عين ضد رغبة الثورة والعمل على خلق العديد من الازمات وافتعال المشاكل في الدولة ولا سيما ان العديد منهم لايذالون يعملون داخل اجهزة الدولة ويمتلكون المال لتنفيذ الانشطة التى تعقد وتأزم الواقع كما تعرقل سير العديد من الامور داخل الدولة، واذ ان الجميع تابع وشاهد تظاهرات ما يسمى بيوم الزحف الاخضر الذي قام به انصار النظام البائد، ولكم ان تسألوا من اين لهم التمويل والاعداد بهذا الشكل ومن ثم لكم الحكم.
*ويعتبر السلام من اركان الثورة الغائبة* وتحقيقه يعتبر صمام أمان الثورة وهو احد الطرق الذي تصحح اخطاء ومسار الثورة وتعيدها لتحقق اهدافها.
واذا ما اردنا ان نخرج السودان الى بر الأمان ونحقق للثورة اهدافها ورغبة الشعب السوداني في تحقيق التغيير وبناء سودان جديد، لا بد من *الاسراع في تحقيق سلام عادل وشامل ومستدام،* وبما ان الحكومة وحركات الكفاح المسلح في عملية تفاوضية تجري الان في جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان، *عليهم تقديم اجندة الوطن على كآفة الاجندات الاخرى* وان نحقق السلام للوطن اولاً يفضي الى *تحقيق مصالحة وطنية شاملة بين جميع المكونات عسكريين على مدنيين احزاب او حركات كفاح مسلح،* حتى نتمكن من تقوية علاقات الشركة بين الجميع من اجل ان نخرج بهذا الوطن الى بر الامان حرا دميقراطي يحكمه سلطة الشعب، ونعيد لوطننا الريادة والقيادة ليكون شامخا بين الامم، اجلالاً واكراماً لدماء شهدائنا البواسل الذي لم تجف، *كما قال الشاعر نازك في قصيدته قبر يتفجر*

ناديت أكداس الرمال : تفجرّي
لن تدفني جسدي النقيّ الثائرا

وهتفت يا روح الممات : تمزّقي
لن تحبسي قلبي الجريء الساخرا

وصرخت بالأرض الدنيئة : إرفعي
من قلب هذا الطين روحي الشاعرا

هذا فؤادي نابضا , هذا دمي
متفجّرا تحت التراب مشاعرا

بالأمس في هذا الظلام دفنتني
تحت الثرى ولففتني بصخوره

لم تسمعي دقّات قلبي في الدجى
وأشحت عن إحساسه وشعوره

لم تفهمي روحي وخلت سكونه
موتا ولم يبلغك رجع هديره

ووهمت أيتها الحياة فلم تري
في أدمعي غير الردى وفتوره


*محمد عبدالله ابراهيم*
*[email protected]*