Post: #1
Title: الطريق العالي بقلم علي بلدو
Author: علي بلدو
Date: 11-24-2019, 05:13 PM
04:13 PM November, 24 2019 سودانيز اون لاين علي بلدو-السودان مكتبتى رابط مختصر
خواطر طبيب
ان ما نعرفه عن الروابط الموضوعية بين الفن من جهة, و بين مختلف جوانب الحياة من جهة اخرى’ هو ان الحياة تحمل كثيرا من الجوانب المثيرة و المحفزة, و من الوسائل و الطرائق ما يبيح لنا النظر و التامل و الاستغراق في التفكير اللامتناهئ’ و احيانا نصر على الاعتكاف طويلا عند ركن من اركانها ’ اما انسحابا او طلبا للمستحيل. هذا التساؤل لا يخفي تجاهل الحدوس غير الظواهرية’ و لا المعطيات الفلسفية و التاريخية’ خصوصا تلك المتعلقة بصراعات البلاد الدموية و انقلااباتها المتكررة و ثوراتها المزعومة و انتفاضاتها المسروقة و غيرها من المعضلات و الاحداث الجسام و التي لم تنل الى الان حظها من الدراسة المحايدة و لا تزال الكثير من اسئلتها حائرة و لديها مائة اجابة و كلها غير صحيحة. و الان العالم حولنا و بعد ما يقارب المائة عام من حربه العالمية ’ نراه يفيق من صدمته و ينهض للبناء و التعمير و التعافي’ بينما نحن لا نزال مصدومين منذ مئات السنين’ و نجتر الحديث الممجوج و النواح المشروخ و ندب الحظ العاثر و التحسر على الماضي و البكاء على الزمن الذي مضى و بعدها النوم في العسل و الشخير يصوت عال.
سيقال ان الصراخ و النواح لازمين تصعيدا للاحتجاج و الرفض و الادانة و الشجب و الاستنكار لما ال اليه حالنا’ و انتهى عليه مالنا’ و بما يتناسب مع ذروة الياس و الخيبة و الخسران المبين. سيقال ان العالم يعاني من ازمة اخلاقية و انحطاط عام في الذوق و التلقي’ و لكن لماذا نحن اقل سخطا على الفساد و المفسدين, و خصوصا ان عالم اليوم اصبح مليئا بالسارقين و بايدي عصابة من اللصوص المتانقين هم الاكثر لؤما ووقاحة على مدار التاريخ,و لكننا لا نزال نمارس الاحتجاج’ هذا ان كان ثمة احتجاج اصلا’ و ضاع في ذلك الشكل و المضمون’ و بالتالي ضاع الفن شكلا و مضمونا. و الحديث عن تغير الزمن و الحديث عن ما يسمى بالزمن الجميل ’ ما هو الا محض وهم امنا به و صنعناه لنمارس من خلاله الزيف و الضلال الفني ’ و الارهاب الفني علي جيل اليوم المغلوب على امره’ فالمقاصد المتعلقة بالقيم الاخلاقية لفن الامس ’ لا تختلف كثييرا عن فن اليوم’ و لكن يبقى السؤال هل ما درجنا على مناقشته و دراسته ’ و اقمنا حوله الندوات و الدراسات’ هل هو في الحقيقة فن اصلا ’ بالمعنى المفهوم و المتعارف عليه للفنون’ ام انه كان محض اختلاق و اكذوبة اجتماعية اخترعها قومنا و صدقناها و اقتنع بها الكثيرون’ و قدسناها حتى لا نحاول ذات يوم اكتشاف السر الذي يعلمه الجميع الا نحن.
|
|