بكائية على جدار الصمت بقلم علي بلدو

بكائية على جدار الصمت بقلم علي بلدو


11-14-2019, 09:50 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1573764600&rn=0


Post: #1
Title: بكائية على جدار الصمت بقلم علي بلدو
Author: علي بلدو
Date: 11-14-2019, 09:50 PM

08:50 PM November, 14 2019

سودانيز اون لاين
علي بلدو-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



اقوال اخرى

بعد ان اعلن كفره بالميثولوجيا اليونانية و الغربية و التي راجت و ازدهرت في فترة الخمسينيات و الستينيات, و اتجه نحو التراث العربي منتخبا منه الدرر و النفائس’ امن امل دنقل بالعروبة و الحس القومي و بناصر العرب و الذي راى فيه الخلاص من كل شئ و الحل لكل شئ.
فكان البكاء بين يدي زرقاء اليمامة مجسدا فيه احساس الانسان العربي بالهزيمة و الذل و العار بعد نكسة 1967’ و اكد فيه ارتباطه العميق بوعي القاري و وجدانه و حسه و شعوره الداخلي و متنقلا معه بين الالم و الحزن و النواح.
و لعل العجيب انه ايضا خاض معركته الخاسرة ضد مرض السرطان اللعين ليهزم الشعر و يفوز الموت و تتماهى الاحداث في تراجيديا عجيبة.
نزل امل الى قلب الحركة الشعرية الادبية , بلا مواربة كصوت شعري يمتلك خصوصيته الفارقة , الحارقة, بلا تماس او تشابه مع اي من الاصوات الموجودة, خصوصا الراسخة في التجربة الشعرية الجديدة, لكنه في الوقت نفسه تماشى مع التوجه السائد في القصيدة العربية, فلا يسعى للانفلات او التجاوز الي افق غريب او مغاير’ فهو التمييز وسط الجوقة , لا الخروج عليها و هذه عبقرية لا تتاتى الا للقليل.
بدا صوته حارقا ينكاء الجراح التي يتم التواطؤ على اخفائها و اغماض العين عنها, و نبرته السياسية تلك ليست متشفية او تشهيرية او انتقامية شخصية, و كما انها ليست بالسطحية و لا المستمتعة بجلد الذات و ابتزاز القراء و نهب المشاعر’ بل كانت صرخة الضحية الموجعة و استغاثة من فاض به الكيل و بلغ به الزبى السيل و امتلك البصر و البصيرة الثاقبة و ان لم يمتلك من العمر الا بضع و اربعين’ قضى منها سنوات في غرفته 8 بمعهد ناصر للاورام بالقاهرة.
هو صوت شاعر القبيلة و العراف و النبي و الشاهد الذي راى كل شئ, و العبد البصير الحكيم.
صوت يستعير صدقيته و جذوره الحائرة و جروحه الغائرة من الوطن و الاصوات المحفورة الصارخة في التراث, منذ البسوس و زرقاء اليمامة و المتنبئ و سيف الدولة و المعتصم و الرشيد.
لقد انتمى امل للمهمشين و انتمى للهامش, و للمهدرين في ارجاء الارض و اطراف المعمورة, و الذين لا يتذكرهم اهل السلطان الا عند الازمات و المواقف الفاصلة, و هنا يتاتنى صوت الشاعر ال#################### و الذي ليس لديه ما يخسره. ’ و يملك ما لايمكن سلبه منه’ و هو صوته الجهوري الذي لا يحبس و لا يموت:

كنت لا احمل ا قلما بين ضلوعي
كنت لا احمل الا قلمي في يدي خمس مرايا
تعكس الضؤ الذي يسري من دمي
افتحوا الباب فما رد الحرس
افتحوا الباب فانا اطلب ظلا
قيل كلا
لقد تحمل امل الكثير بدا من مسئولية والدته و اخوته بعد رحيل والده و هو في سن العاشرة, هناك في قرية القلعة بمركز قفط بالقرب من قنا, و تحمل الرفض و الاستعداء السياسي معلقا على ما حدث, و عانى في مقتل القمر, و ذكر اقوااله الجديدة عن حرب البسوس, فبل ان ياتي عهده الاتي.
و ليغفو في غمرته الاخيرة في 1983 متحسرا على حلم لم يتحقق و يمضي بعيدا في بهاء عتمته.