غناء بروميثيوس بقلم د.علي بلدو

غناء بروميثيوس بقلم د.علي بلدو


11-14-2019, 07:23 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1573712639&rn=1


Post: #1
Title: غناء بروميثيوس بقلم د.علي بلدو
Author: علي بلدو
Date: 11-14-2019, 07:23 AM
Parent: #0

06:23 AM November, 14 2019

سودانيز اون لاين
علي بلدو-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



اقوال اخرى


تحكي الاسطورة القديمة ان ملك التيتان(بروميثيوس) قد تم انزال العقوبة به على يد 0(زيوس) بسبب قيامه بتعليم الفن و الادب و العلم و الثقافة لبني البشر و اعطائهم شعلة النار و المعرفة و المتخذة شعارا للضياء و الاستنارة حتى اليوم, و تخبرنا القصة انه تم انقاذه على يد هرقل بعد ان عانى ما عانى , و نحن لا ندرى من سيتقذنا بعد كل هذا!!
و من ذلك الحين ارتبطت المعاناة بلابداع و صار معظم المبدعين يعانون من ويلات الحياة و يقضون عمرهم في (الجري و المساسقة)و الشلهتة, و يقضون نحبهم في هدؤ معدمين مرضى و في بيوت الايجار و الورثة بعد ان تخلى عنهم الجميع و تركوهم نهبا لعوادي الزمن و نوائب الدهر , و كانهم صاروا من سقط المتاع و الذي لا خير للمرء في حياته بعدها على حسب مذهب قطري بن الفجاءة.
فها هو التيجاني يوسف بشير يفصل من الدراسة بمكيدة و حقد , و يترك ليعمل في طرمبة البنزين ليصاب بذات الرئة و يحاول السفر لمصر لينجو بحياته و ابداعه و لكن تقف الامكانيات بينه و ذاك ليقول :
نضر الله وجهها مستودع الثقافة مصرا ما اراها تزداد الا بعدا علي و عسرا
و بعدها يخبو شبابه الغض في ذياك التيه الثقافي و هو لم يتجاوز الخامسة و العشرين , مملؤا بالحسرة و الاسى, ليعيش بعدها جلادوه عمرا و امدا طويلا و هم متخمون بالسحت و الربا , في مسلسل لا يزال يعرض الى الان!
و ها هو مصطفى بطران يتوفى مريضا في التاسعة و العشرين من العمر , و العملاق كرومة يلاقي ربه و هو ابن سبع و ثلاثون ربيعا بداء عضال , و يمضي بلبل السودان الصداح فضل المولى زنقار مقتولا بنصل الغدر و الخيانة في شرخ شبابه و ريعان صباه!
و تتمدد القائمة لتشمل مطربين كبار اثروا وجدان الشعب السوداني بجميل الاغنيات و عذب المعاني و حلو النغم و شجي اللحن , مضوا و هم مرضى و معدمين في عنابر الدرجة الثالثة بالمستشفيات الحكومية , و منهم من باع الااته الموسيقية ليقتات بثمنها و يقيم اوداه اياما معدودات و اخرين من دون ذلك اثروا المشي في الطرقات ليموتوا بردا و جوعا و الما, و منهم من قررر ان يضع حدا لحياته
على ان الغريب هو حالة انفصام الشخصية العجيب الذي يصيبنا عند ما يزف الناعي نباء رحيل مبدع فتجد الناس و المسئولين يهرعون لليكاء امام كاميرات التلفزيون و الفضائيات و عدسات المصورين , و تتبارى مطربات زمان الغفلة في لبس الاسود من ثياب و نظارات و اصطياد الاعلاميين و هم يبكون كما بكى اخوة يوسف عندما اتوا اباهم عشاء كاذبين.
في هذا المشهد يتجلى النفاق الاجتماعي في ابهى حلله و اجلى ملامحه و تتبدى مظاهر انحطاط القيم و انهيار هرم الاخلاق و انحدار قيمة المبدع في هذاه البلاد لنهمله حيا و نتاجر به ميتا و ننال ما ننال في حفلات نعيه و تابينه و حملات بناء منزل لاسرته و مركز لذكراه , فانى يافكون!