أخي الفاضل لا يمكن الفرار من الأقدار !!

أخي الفاضل لا يمكن الفرار من الأقدار !!


10-30-2019, 12:27 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1572434829&rn=0


Post: #1
Title: أخي الفاضل لا يمكن الفرار من الأقدار !!
Author: عمر عيسى محمد أحمد
Date: 10-30-2019, 12:27 PM

12:27 PM October, 30 2019

سودانيز اون لاين
عمر عيسى محمد أحمد-أم درمان / السودان
مكتبتى
رابط مختصر



بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الفاضل لا يمكن الفرار من الأقدار !!

كانت تلك الأيام تشهد أعنف المظاهرات والمواجهات ضد نظام الفريق ( عبود ) في خمسينات القرن الماضي .. وهي تلك المظاهرات التي عمت كافة المدن السودانية والقرى والسهول .. وقد اشتركت في تلك المظاهرات كافة عناصر الشعب السوداني .. الصغار قبل الكبار .. والطلاب قبل الأساتذة .. والعمال قبل المشرفين والمسئولين .. والمرضى قبل الأطباء .. وحراس السجون قبل المساجين .. والقضاة قبل أصحاب القضايا .. وكانت تلك الانتفاضة العنيفة هي الأولى في تاريخ الدول العربية والأفريقية .. ولم تكن وليدة صدفة .. بل كانت نتيجة انفجار عنيف أسبابه ذلك الكبت الرهيب والكتم للأنفاس لست سنوات عجاف .

وفي ذات يوم من تلك الأيام النضالية العصيبة قرر طلاب الداخلية لأحدى المدارس الثانوية العليا بأم درمان الخروج كالعادة في مظاهرة ضد نظام الفريق عبود .. وكان عدد الطلاب في تلك الداخلية بالمئات والمئات .. وفي اللحظة الأخيرة لانطلاق المظاهرة صرح أحد الطلاب بأنه لا يستطيع المشاركة في تلك المظاهرة لأنه يحس بمرض وإرهاق شديد .. فنصححه الزملاء من الطلاب بأن يلتزم سريره ويرتاح .. حتى يعودوا إليه بعد انتهاء المظاهرة ويأخذوه للأطباء .. ثم خرجت تلك المظاهرة وطافت بشوارع أم درمان .. ثم واصلت حتى وصلت أمام القصر الجمهوري بالخرطوم .. وفي المساء حين عاد الطلاب للداخلة مرة أخرى وجدوا زميلهم ذلك المريض يبكي بحرقة ويشتكي .. ولما سألوه عن السبب قال : ( يا ليتني خرجت معكم في المظاهرة !! ) .. كنت نائماُ في سريري ثم فجأة مرت مظاهرة طلابية كبيرة بالقرب من مباني الداخلية .. ثم جاءت فرقة عسكرية وبدأت في إطلاق الغازات المسيلة للدموع ومطاردة الطلاب المشتركين في تلك المظاهرة .. وعند ذلك تسلق البعض من طلاب تلك المظاهرة لحائط الداخلية ثم هربوا للداخل .. وفي نفس الوقت تمكنوا من الهروب مرة أخرى لخارج الداخلية من الجانب الآخر .. وبنفس الطريقة تسلق البعض من العساكر خلفهم ودخلوا في عمق الداخلية وهم يظنون أن هؤلاء الهاربين يختفون في العنابر والغرف والمكاتب .. فبدئوا يبحثون عن الهاربين عنبراُ تلو عنبر .. ثم فجأة وجدوني راقداُ في أحد العنابر فصاح أحد العساكر قائلاُ : ( تعالوا هذا أحدهم راقد هنا ويدعي المرض !! ) .. ثم حكموا على بالجلد 20 جلده ثم نفذوا ذلك الحكم فوراُ .. وبعد أن أخذت جلدتي تخلصت من أيديهم بسرعة شديدة وهربت منهم ثم أخفيت نفسي في أحد الحمامات .. وبعد دقائق جاءت فرقة أخرى من العساكر وبدأت تفتش في تلك الحمامات .. حماماُ تلو حمام .. ثم وجدوني في أحد تلك الحمامات .. فصاح أحدهم قائلاُ : ( تعالوا هنا أحدهم يختبأ في الحمام .. ثم حكموا علي مرة أخرى بالحكم عشرين جلدة .. ونفذوا ذلك الحكم فوراُ رغم احتجاجاتي ولم يستمع أحد منهم لصيحاتي وأقوالي !!.. وبعد أن أخذت جلدتي تخلصت منهم وهربت ثم اختفيت في مكتب مشرف الداخلية .. وبعد دقائق قليلة جاءت فرقة أخرى تبحث عن الهاربين فوجدتني مختبئاُ في ذلك المكتب .. فصاح أحدهم قائلاُ : ( تعالوا يوجد أحدهم هنا مختبئ في هذا المكتب ! ) .. ثم حكموا علي بالجلدة 20 جلدة .. وكالعادة نفذوا الحكم فوراُ .. وعند ذلك انهارت قوتي ولا أدري ماذا حصل بعد ذلك حتى سمعت أصواتكم . فضحك الزملاء كثيراُ وقالوا له : ( مشاويرك وتضحياتك في هذا اليوم من أجل السودان كانت أكبر من تضحياتنا !.