أكتوبر: سهد ليلة في سبتمبر 1963 (1-2) بقلم عبد الله علي إبراهيم

أكتوبر: سهد ليلة في سبتمبر 1963 (1-2) بقلم عبد الله علي إبراهيم


10-22-2019, 08:19 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1571771970&rn=0


Post: #1
Title: أكتوبر: سهد ليلة في سبتمبر 1963 (1-2) بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 10-22-2019, 08:19 PM

08:19 PM October, 22 2019

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر





(ظهرت فجأة على النت صورة جمعتني بلجنة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم دورة 1963-1964. وكان رئيسه المرحوم مجذوب البر عن الاتجاه الإسلامي وكنت سكرتيره عن الجبهة الديمقراطية. وهي اللجنة التي أوقف أعضاؤها لمدة عام عن الدراسة في سبتمبر 1963 لملابسات ترد في هذه الذكرى. وكنت كتبت مقالين حزّ في نفسي ضياع الصورة الدالة مني. وعادت الصورة من حيث لم أحتسب. والحمد لله. وستجدني في آخر الصف الأول من الصورة من اليسار. وحمدناهو ما جحدناهو. ومن لم يتعرف عليّ لزينة الشعر على رأسي صح عنده أنني لم أولد أصلعاً كم يعتقد بعض ذوي النيات السيئة)
احتفظت بالذِكر عن ثورة أكتوبر 1964 التي تركها لقائي في سبتمبر الماضي (2013؟) بالطلاب الذين يدرسون تاريخ ثورتنا بجامعة ويسكونسون بمدينة ماديسون إلى حين يأزف عيدها السنوي. ويقوم على الفصل الدكتور كليف تومسون الذي درّس بقانون جامعة الخرطوم أيام قيام الثورة وكتب يومياتها في مجلدين هما مقرره للفصل. وغرضه من الفصل، الذي انعقد لدورات ثلاث حتى تاريخه، أن يقف طلابه على ما بوسع مهنة القانون أن تقوم به من إحقاق الحق كما فعل ذلك جيل من القانونيين السودانيين في ثورة أكتوبر.
حضر اللقاء 8 طلاب من كلية القانون وتاسع شيخ من الطلاب الناضجين وتغيب اثنان أو نحوهما. وأقرب تجارب الطلاب من السودان طالبة سمحة اسمها جِل رعت صبيين سودانيين من "الأطفال الضائعين" حتى اجتازا إجراءات اللجوء. أما الطالب الشيخ فهو موسوعة أسفار. فقد قرر بعد عودته من الحرب الكورية في 1954 أن يرى العشر بلدان الأغزر سكاناً في العالم واستوفاها ما عدا البرازيل التي استعاض عنها بمكسيكو. وكان نقاش ثلاثة أو اربعة من الطلاب حفياً مشغولاً وأسئلتهم ذكية.
عرَّفهم كليف بي بقوله إنني ترشحت لرئاسة جمهورية السودان. وميزت قوله حين اتيحت لي الفرصة للحديث بقولي إنه لولا ثورة أكتوبر لما عرفت طريقي إلى هذا الترشيح. فقد كنا نريد أن نزيل ديكتاتورية عسكرية ككل طلاب الدنيا. ولو لم تسقط قبل تخرجي من جامعة الخرطوم لربما قلت "هذا نظام جابو الله ويشيلو الله" كما عبر زميلنا الدكتور العجب أحمد الطريفي في معرض اليأس من الإطاحة به. وكان يمكن لي أن اتخرج من غير أن أشهد الثورة لولا ملابسات سترد. ولو لم اشهد الثورة طالباً لربما تناقص اهتمامي بالسياسية. فقد كنت أحب أن أكون ضابطاً بالحكومة المحلية. ولربما أخذتني تلك الوظيفة الغراء قديماً عن الانشغال بالسياسة. ولكن أكتوبر لمن شهدها مصداق لأن التغيير يقع. وقد يكون أكثر عمقاً من مجرد استبدال نظام بنظام: تغيير في القاع.
قلت للطلاب كان من المفروض أن أتخرج في أبريل 1964. وستجدون ما أخرني على صفحة 7-8 من كتابكم المقرر بقلم أستاذكم مستر تومسون . فقد ورد فيه أن طلاب الجامعة نظموا في منتصف سبتمبر 1963 مظاهرة داوية في حفل التخريج المقام بميدان النخيل الزائف العتيق انسحبوا على إثرها منه. وقلت إنني كنت سكرتيراً للجنة الاتحاد التي نظمت الاحتجاج ممثلاً للجبهة الديمقراطية. وكان احتجاجنا المخصوص في هذه المناسبة هو قرار نظام نوفمبر ضم الجامعة إلى وزارة التربية والتعليم. واخترنا مناسبة التخريج لأنها وافقت انعقاد مؤتمر مديري الجامعات الأفريقية الأول. وقلنا سننتهز حضورهم الحفل لتكون ضربتنا للنظام أوجع. (للشفافية: كنت من ضمن الطلاب الذين أعانوا دكتور محمد إبراهيم الشوش، أستاذي، في التحضير لمؤتمر مدراء الجامعات ذلك).
وكان الاتحاد مجنوناً وعاقلاً. فعمم قراره بأن ننسحب بصمت ونغادر. ولكن ما بدا الانسحاب حتى تصاعدت الهتاف بسقوط "عصابة 17 نوفمبر وإلى الثكنات يا عساكر". ونظرت إلى بؤرة الهتاف ووجدت من لم أخطئ حماستهما: الرفيقين سراج اللبني وعبد المنعم عطية. وسارعت أذكرهما باتفاق الانسحاب الصامت ولكن لم يوجد في الأرض يومها من سيسكت صوت الحق من على لسانهما خاصة وقد اكتنفتهما حلقة كبيرة تكيل للعصابة كيلاً بالربع الكبير وتريهما الباب إلى الثكنات. وعلمت أن الخرق اتسع الخرق. وأخذت أفكر في يوم غد الذي ستأكلنا "الأحزاب" لخروجنا الشيوعي عن الخط. ناهيك عن الحكومة. ونمت أفكر.