الطل و الرذاذ بقلم علي بلدو

الطل و الرذاذ بقلم علي بلدو


10-20-2019, 03:51 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1571583095&rn=0


Post: #1
Title: الطل و الرذاذ بقلم علي بلدو
Author: علي بلدو
Date: 10-20-2019, 03:51 PM

03:51 PM October, 20 2019

سودانيز اون لاين
علي بلدو-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



خواطر طبيب

من العلوم التي اثارت الناس و جعلتهم ينهلون منه بشغف متناهي و يحاولون ادخاله في كل شئ’ الفلسفة, و هو من العلوم التي يطلب منها باستمرار ان تبرر نفسها و لا يطلب من الشعر و الفن مثلا, هذا الامر.
و يدعي الناس بالحق حينا و بالباطل احيايين كثيرة انهم فلاسفة و ان فلانا فيلسوف’ و البعض يصفها بوصف الدونية , بعبارة ( ما تتفلسف علينا) و
لله الحمد و المنة ففي هذه البلاد الكثير جدا من الفلاسفة في كل منحى و من كل حدب و صوب, و لعل احدى مشاكلنا هي فلاسفتنا و فيلسوفاتنا هؤلاء و اولئك.
و لقد ووجه الفلاسفة في اغلب الفترات التاريخية التي ظهروا فيها و كتبوا وجادلوا, بمن يقف في طريقهم و بمن يحذر منهم و ينبش في مقالاتهم لكي يفسرها تفسيرا شائها و محرفا, و يقدمها للسلطات المحلية و اهل السلطان و مجامع فقهاء الدنيا ووجهاء القوم من الاصيلين و المتواليين, طالبا حماية المجتمع منها ومن شرورها, و يبكي على ذلك بدموع التماسيح, و كانه التيجاني بمن عنى:

و المجد اجدر بالشباب و انما بالناس موجدة على اصحابه
قيل اقتلوه بل احرقوه بل انسفوا لليم ناجس عظمه و اهابه
و لو كان فوق الموت من متلمس للمرء مد اليه من اسبابه

و في حقيقة الامر فان الناس لم يرسموا و لم يخططوا شيئا, و لكن الذي رسم و خطط و دبر كان نفرا من اولئك الذين وصفهم الفيلسوف العربي القديم يعقوب بن اسحق الكندي, في رسالته الفلسفية الى الخليفة المعتصم بالله, بانهم( ممن تتوج بتيجان الحق من غير استحقاق)و الذين يذبون عن كراسيهم المزورة التي نصبوها للترؤس و التجارة بالدين.فهل هناك ابشع من ذلك, بعيدا عن ادعاءات صراعات الايدلوجيا و الفكر, فالموضوع في النهاية ليس ااكثر من (بيزنس) لدى الجماعة ديل!

و لقد عانى الفلاسفة كثيرا في كل بقاع الارض و لا يزالون و عذبوا و قتلوا و صلبوا و لا ينفكون كذلك لليوم, و منهم من مات ببط بالنسيان و التناسي و المرض و الفاقة وو غلبة االدين و قهر الرجال و قلة المال, و منهم من انتحر و اضعا حد لحياة لم يرد ان يعيشها كقطرئ بن الفجاءة:
و مالا للمرء خير في حياة اذا ما عد من سقط المتاع
و قد وصل الامر بالبعض للتبرؤ علنا من وصف فيلسوف حتى لا يراق دمه مثل فونت نورديغن و الذي ارسل الناس و جعلهم يهتفون انه ترك الفلسفة في عصور الظلام في اوروبا حتى لا يقتل بتهمة التجديف.
و جاء صديقي الفيلسوف الماركسي الفرنسي التوسير ليقول ان الفلسفة لم تتعد مخولة لانتاج الحقائق, و ان الموضوع هو صراع طبقي يحركه الاقتصاد و نزاع الطبقات’ و حول بذلك الامر الي سياسي و جدلي و ثوري بدلا عن النظرة المحايدة و المعبرة عن الواقع بصورة اكثر صدقا.
و صار العلم عند البعض هو ما نعرف و اما الفلسفة فهي ما لا نعرف, و لعل الناس في هذه البلاد فلاسفة بالفطرة , في الشارع و في المقاهي و ملاعب الكرة, و لكن القليل منا يعرف , بل و يخاف ان يبوح بانه يعرف. و هذا ما يجعلنا نتمنى ان لا نعرف , و ننكر ما نعرف, و عزاءنا الوحيد انهم ايضا يعرفون!