المنحوس بقلم علي بلدو

المنحوس بقلم علي بلدو


10-16-2019, 05:52 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1571244759&rn=0


Post: #1
Title: المنحوس بقلم علي بلدو
Author: علي بلدو
Date: 10-16-2019, 05:52 PM

05:52 PM October, 16 2019

سودانيز اون لاين
علي بلدو-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



خواطر طبيب


تقترح مباحث و مساعي ما بعد الحداثة طرقا جديدة للتعبير ,بل تطرح فكرة التعددية الثقافية و قبول الاخر ثقافيا ’ بدلا عن سياسة المحق و السحق التي نمارسها احيانا كثيرة تجاه هذه الثقافة او تلك في بلادنا’ مما احدث بونا شاسعا بين الناس و ضاعف من التنافر و التباعد بين مكونات المجتمع و جعلنا منقسمين ثقافيا كما انقسمنا و انسلخنا و انضممنا رياضيا و سياسيا و لم ننجح في هذه او تلك.حتى انفصلنا بعد ان لم تكفنا مليون ميل مربع لنعيش فيها معا و ذهبنا ايدي سبا و نحن يسب بعضنا بعضا و لم نترك وصفا مسئيا الا وصفنا به هذا او تلك و لا نزال.

اين نحن الان من الهوية الكونية و التي تدغدغ عواطفنا منذ حين, فالحلم هنا يصبح حلم كل انسان من حلفا الي كوستي و من كسلا الي الجنينة, و هذا امر جدير بالاهتمام و نفترضه حاضرا في ضمائرنا و نفرد له حيزا مقدرا في مساحتنا الجمالية و حسب واقع الحال و ما تسمح به السلطة و اهل السلطان و بطانتهم من المثقفين الذين عشعشوا في اركان الوزارات و عاسوا فيها كما يشاءون:
فقالت لقد ازرى بك الدهر بعدنا فقلت معاذ الله بل انت لا الدهر
و لقد مارسنا ارهابنا الثقافي على الكثيرين حتى تخلوا عن تراثهم خوفا من الملاحقة و الرمي بالاوصاف الخطيرة كالكفر و الفجور و المعاصي و تخلوا عن ملابسهم و ازياءهم خوفا من الخلاعة, و البعض فاخر بالبراءة منها خصوصا بعد ان قبض الثمن مالا و جاها و تعيينا عند اهل الصولجان من الاخوات و الاخوان.و نرى وزير سياحتنا يقر بعدم دخوله المتحف القومي لرؤية اجدادنا و تاريخنا العظيم من ترهاقا و بعانخي و الكنداكة بحجة انها اصنام.’ بينما يتمرغ في نعيم الوالي و اموال المسحوقين و البسطاء و رسوم اطفال الدرداقات و جبايات بائعات الشاي’ فاي حرام اكثر من هذا لو كانوا يعلمون’ و كانهم لم يتعلموا ان من ياكلون اموال هؤلاء فانما ياكلون في بطونهم الممتلئة و كروشهم المنتفخة نارا’ و ان اوداجهم التي تمددت من اكل السحت سيحمى عليها ليذوقوا ما فعلوه بشعبنا المكلوم و الصابر.
هذه الحالة الثقافية تحيلنا فورا الي حالات مشابهة من تنازلات و انبراشات قمنا بها مرغمين و راغبين في مجالات شتى ووفقنا اوضاعها فقهيا ’ تارة بالضرورة و تارة بالسترة و تارة بالتقية و خلافها, و علماء السلطان جاهزين هنا بفتاوى الدفع المقدم و اليمين المغلظ و الذي سوف يغمسهم سبعين خريفا في مكان سحيق’ حتى ضاعت الثوابت و تبدى زيف القناع و ترهات الشعارات منذ زمن بعيد.
ماذا فعلنا لاجل الهوية الكونية و الضرورة الداخلية و الصيرورة النهائية و المعقدة’ و هل نحن حداثوين فعلا ام صرنا دون ان نعلم اصناما للرجعية و اوثانا للتقليدية, دون شك اننا قد اصبحنا غير مباليين بما يجري من انتقال ثقافي و ابادة الافكار و مصادرة الاحلام, و لم ننتبه لجرحنا الثقافي النازف و الملئ بالقيح و الصديد و نحن منشغلين باوهام الروائع و مهرجانات العلاقات العامة و جماعة شيلني و ااشيلك و الذين نصبوا انفسهم جورا و زورا و بهتانا ’ امراء للثقافة و اطلق بعضهم على بعض الالقاب و ملأوا الصحف بالصور و التقارير الضاربة ’ في اصدق تعبير عن كهنوت الثقافة الذي اتانا به هؤلاء الدهاقنة الجدد.الا ساء ما يفعلون.