الفلاسفة الحكام .. أفلاطونية معكوسة بقلم د.أمل الكردفاني

الفلاسفة الحكام .. أفلاطونية معكوسة بقلم د.أمل الكردفاني


10-15-2019, 02:19 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1571145541&rn=1


Post: #1
Title: الفلاسفة الحكام .. أفلاطونية معكوسة بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 10-15-2019, 02:19 PM
Parent: #0

02:19 PM October, 15 2019

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر






لقد ذهب أفلاطون في جمهوريته إلى أن الفلاسفة يجب هم أن يحكموا...ومن الواضح أن افلاطون يضع الفيلسوف على رأس الرمح. الفيلسوف الذي يحمل الحكمة ، لكن ما هي الحكمة؟ إن أفلاطون كان سببا رئيسيا لتوجيه البشرية في الاتجاه الخطأ ، لأن الحكمة عنده هي حكمة باردة مثالية ، لكنه لم يدرك شيئا مهما جدا ، وهي أن الحكام الجبابرة والدكتاتوريين هم أصحاب الحكمة الاكبر والتي تتفوق على حكمة أفلاطون ، وهي حكمة الصراع ، أي أنها حكمة وضعية منبسطة على الأرض ، لا تعترف بما هو خارج كهف أفلاطون الوهمي. وهي الحكمة التي جعلتهم حكاما وطواغيت في نفس الوقت. لقد درسنا في المدرسة الابتدائية قصة الراهب الذي يتابع النجوم ، فسقط في حفرة ، وحين أخرجه شخص آخر قال له: أنظر في الأرض قبل أن تنظر إلى السماء. لقد تعلمت من كتب المطالعة في المدرسة الابتدائية أكثر مما تعلمته من أفلاطون. والحق أن أفلاطون يريد حكاما ينظرون إلى السماء قبل أن ينظروا لما تحت أقدامهم على الأرض. وهذا قد يصلح ويصدق على ممالك العشاق وليس الآدميين. إن الحكام الجيدين لا يحاولون تغيير مفاهيم البشر بل التعامل معهم كحقيقة وواقع ، ثم السيطرة على الشعوب من داخل مفاهيمها. وهذا هو النجاح لكل حاكم لا يملك حكمة سماوية بل حكمة أرضية. لا أعرف كيف لفيلسوف أن يناقش الحق والخير والجمال أن يخوض حربا تحت تبريرات كاذبة لتوسيع مداخله الاقتصادية. نعم يمكن للحاكم أن يتدخل في المفاهيم وأن يحرفها قليلا ولكن نحو مصلحته التي تتداخل مع مصلحة الشعب ، ولكن كلما خاطب الحاكم حدود الوعي الجماهيري وكان شعبويا استطاع الحصول على التأييد العام. وحينما يحاول الحاكم أن يكون فيلسوفا فليس ذلك لأنه يؤمن بالحق والخير والجمال فهو لا يحكم شعراء ، وإنما يكون حاكما لأنه يدمج مصلحته مع مصلحة الجماهير وهكذا يكون الحكام الشعبويون أكثر مقبولية من الفلاسفة ، ولذلك أيضا تفشل تلك الحكومات التي تتبنى آيدولوجيات تحاول اجتثاث الوعي الجماهيري السائد. والأصوب أنه حتى عندما يحاول الحاكم الخروج من حقيقة الصراع الإنساني إلى حكمة الفلاسفة فهو يخرج منها ليدخل إليها فتكون سلاحا للسيطرة والتحكم.