التحرُّش الفكري والثقافي ..!! - - بقلم هيثم الفضل

التحرُّش الفكري والثقافي ..!! - - بقلم هيثم الفضل


10-01-2019, 05:23 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1569903805&rn=1


Post: #1
Title: التحرُّش الفكري والثقافي ..!! - - بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 10-01-2019, 05:23 AM
Parent: #0

05:23 AM September, 30 2019

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر



سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة



تداولت وسائل التواصل الإجتماعي ومن بعدها بعض الصحف قصة الطالبة المراهقة ساريا التي تدرس بالمرحلة الثانوية وهي في ربيعها السادس عشر والتي نختصرها في إتهامها لمعلمها بمدرستها الثانوية بالتحرش الجنسي وقد قامت بنشر قصتها وشكواها بشجاعة على إحدى وسائط النشر الإلكتروني وطالبت فيها عامة الجمهور بمساندتها في قضيتها العادلة بعد أن هدَّدتها إدارة المدرسة في حال عدم إزالة رسالتها الإلكترونية بالفصل من الدراسة فإختارت ساريا بلا تردُّد الفصل من المدرسة ، ثم تطورَّت الأحداث بعد ذلك ليصل الأمر إلى فصل المعلم المتهم نفسه من التدريس بالمدرسة ، وفي هذه القضية الهامة والمؤثِّرة على مستقبل البلاد والعباد في ما نستشرفهُ من آمال لهذا الوطن وهذا الجيل من أبناءنا وبناتنا ، وبما أنني لم إطلِّع إلا على أقوال إبنتنا ساريا وزميلاتها بحسب ما تم نشره ولم أستمع حتى الآن إلى دفوعات من طرف المعلم المتهم فلن أستعجل بالحكم الإندفاعي لأن في ذلك (إخلال) بقاعدة هامة من قواعد العدالة المُطلقة والمُتمثلة في الإستماع إلى دفوعات المتهم كما إستمعنا إلى إتهامات المُدعية ، وهي قاعدة هامة تقينا فيما بعد الندم على رأيٍ أطلقناهُ جُزافاً ودون تحري .

لكن ما يمكن مناقشته في هذا الموضوع هو ردود فعل الناشطين والمهتمين والذين يُشكرون مبدئياً على إهتمامهم بهذ الموضوع الهام والمفصلي في التعبير عن مستوى التدهور العام الذي ساد في البلاد في معظم الإتجاهات لا سيما الأخلاقية والعُرفية ، وفي ذات السياق نلوم كثيراً أولئك الذين يُصرِّون على السير في نفس الطريق الشائك الذي طالما أدمى أقدام من سعوا فيه مواراةً للحق مُكابرةً وجهلاً ، عبر مقولتهم أن ما تلبسه الفتاة من ملابس هو المُحرِّك الأساسي للمُتحرش ، متناسين أن حتى الصبية من الذكور في المدارس يتعرضون للتحرُّش الجنسي ولو كانوا يلبسون الجُلباب والعمامة ، لهؤلاء نقول أن عقل وضمير المُتحرِّش هما (المُتعرِّيان) على الدوام لذا فهو دائماً يرى الآخرين عُراة ، فلتعودوا إلى رُشدكم وإلى المنطق في تحليل الأمور إن كنتم فعلاً تبحثون عن حلول.

وهناك فئةٌ أخرى تحاول أن تُشكِّك في مصداقية الفتاة عبر (تحليل) شخصيتها من خلال إطلاعهم على صفحتها الشخصية بفيس بوك والتي إحتوت على حدِ فهمهم ما يفيد ميولها اليسارية أو إنتمائها إلى منهج فيه ما يمكن أن نسميه تحرُّراً من مجموعة من القيود المجتمعية (المُعتاد) الإتفاق حولها ، وذلك أيضاً في إشارةٍ (خفية) إلى (تبرير) أو (مباركة) ما يمكن أن تتعرَّض له من تحرُّش بسبب أفكارها وتوجهاتها متناسين ما يسود البلاد الآن من إيمان عام ومساندة رسمية وشعبية لحرية التعبير عن الذات في شتى الإتجاهات فيما يضير بمصالح وحريات الآخرين ، فإن كنا نستهجِن على الدولة (تحرُّشها) بمن يمارسون حرياتهم الثقافية والفكرية فكيف لنا أن نقبل ذلك من معلم ومُربي ، ثم نوجد له من خلال ذلك المبرِّرات ، ذاك لعمري أسوأ أنواع التحرُّش لأن (التحرُّش الفكري والثقافي) يكون تأثيره عاماً وأكثر شمولاً وتدميراً ، في حين أن التحرُش الجنسي وبالرغم من تأثيراته المجتمعية العامة إلا أن دائرة المتضرِّرين المباشرين منه تظل محدودة ومُخصَّصة.