عبد الخالق والحزب الشيوعي: قتل الأب وعدم المشي في جنازته (4-4) بقلم عبد الله علي إبراهيم

عبد الخالق والحزب الشيوعي: قتل الأب وعدم المشي في جنازته (4-4) بقلم عبد الله علي إبراهيم


09-27-2019, 07:00 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1569607203&rn=1


Post: #1
Title: عبد الخالق والحزب الشيوعي: قتل الأب وعدم المشي في جنازته (4-4) بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 09-27-2019, 07:00 PM
Parent: #0

07:00 PM September, 27 2019

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر





ليس لاستأذنا عبد الخالق محجوب قبر "ظاهر يزار" كما كان يختم ود ضيف الله تراجمه لصفوة زمانه. وأنكى من هذا أنه لم يطلب رفاقه في الحزب الشيوعي إلى يومنا، وفي ظروف بعضها ملائم، معرفة الموضع الذي خبأ فيه نظام النميري جثمانه بعد إعدامه في 28 يوليو 1971 بعد فشل الانقلاب الذي اتهموا الحزب الشيوعي بتدبيره. وأزيدك من المأساة بيتاً. فمكان قبره (وقبر رفاقه المرحوم الشفيع أحمد الشيخ وجوزيف قرنق) قائم في مقابر السيد المحجوب ببحري حلة خوجلي. فكان المرحوم الدكتور الهادي، أخ الشفيع، قد استدل علي قبور قادة حزبنا ببحث دقيق من بعض المساجين الذين تولوا دفن الجثث بعد الإعدام. ولم يحرك هذا ساكن الحزب ليكرم مؤسسه بتبني المقبرة بعد فحص للجينات وتطييبها بأقداس "الرحيل المسلمة": قبراً ظاهراً يزار. ولم يكف رفيقهم الصديق ماجد بوب من دعوتهم إلى هذه الثقافة حتى رحيله عنهم ورحيله عن الدنيا الفانية.

قيل عن مكسيم جوركي، مؤلف رواية "الأم"، إنه عاد بعد غيبة طويلة إلى روسيا وكان انطباعه أن "كل من فيها مسحوق للغاية وخال من صورة الرب". وقال مراراً إن الحل الوحيد لهذا الوخم هو "الثقافة". وهذا حالنا، لا يخفى عليك، في الخلو من صورة الرب حيال رموزنا من طول عنف الدولة والعنف المضاد طار يقيننا به شعاعا. وأذكر محاولتي لبث شعيرة من هذه الثقافة في لقاء بالدوحة لجماعة من الصفوة في نحو 2012. عرضت عليهم تبني مسودة نداء حررته نطلب من الحكومة أن تكشف عن جثامين قتلى عنف الدولة. وهم نفر. ولم يتفقوا معي وردوني خائباً. وأعيد هنا نشر نص النداء . . . لأن الحل في الثقافة كما قال جوركي.

حق المثوى الأخير للشهداء
نجم عن عنف الدولة والعنف المضاد تشرد أليم لشهداء تلك المعانف. فقد أخفت الدولة قبور جيل من أولئك الشهداء الذين فدوا عقائدهم وقناعاتهم بالأرواح. واكتوت أسر كثيرة من فرط مجهولية قبور الشهداء منها. وكذلك تَبَلغ رفاق لهم الغصص وأحباب وحواريون. وهذا الحرج بالطبع بداهة تنشأ حين تتعرض الحقوق الطبيعية للإنسان، ومنها حق المثوى الأخير المعروف، للخرق والكرب. وهي حقوق أصَّلتها الديانات والإنسانية الكلاسيكية حتى صارت فطرة وغريزة.
لقد أصبح الجسد-الجثة في دولتنا المستقلة مسرحاً لعمليات سياسية بلغت الدرك الأسفل من الخلق. فالحد الفاصل بين الجسد والجثة هو الذي مايز بين السياسة من جهة والدين والأخلاق من الجهة الأخرى. فبينما ينتمي الجسد للسياسية، وهي باب للخصومة والشره أيضاً، تنتمي الجثة للدين والأخلاق، وهما باب للعفو والطقوس. فقد بعث الله غراباً ليرى قابيل، الذي قتل أخاه هابيل ولم يوار جثته التراب، كيف يستر الغراب سوءة (جثة) أخيه الغراب. كما نهت الشريعة عن "المثلى" من مثل كسر عظم الميت وإهانته بأي صورة. وبلغت من السماحة أن أعطت حتى الكفار حق استرداد جثث قتلاهم في حرب المسلمين بغير مقابل مادي.
وعليه نلتمس من الحكومة تكوين لجنة قومية من رجال ونساء فيهم دين وانصاف وقوة يتحرون أمر "نبش" هذه القبور وفق سلطات إدارية وقضائية دقيقة. يردون كل جثة مضيعة إلى أهلها وقبيلها وأحبابها لتنعم بالأنس بعد الوحشة وبالدين بعد الجاهلية.

وكما قال جوركي الثقافة قالها ثلاثاً.

صورة قبر المرحوم عبد الخالق محجوب ورفيقيه المرحومين الشفيع وقرنق بمقابر المحجوب بحلة خوجلي كما صورهما المرحوم ماجد بوب.