السلام استحقاق وطني وليس منحة بقلم محمد عبدالله ابراهيم

السلام استحقاق وطني وليس منحة بقلم محمد عبدالله ابراهيم


09-20-2019, 11:36 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1569019007&rn=0


Post: #1
Title: السلام استحقاق وطني وليس منحة بقلم محمد عبدالله ابراهيم
Author: محمد عبدالله ابراهيم
Date: 09-20-2019, 11:36 PM

11:36 PM September, 20 2019

سودانيز اون لاين
محمد عبدالله ابراهيم-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




[email protected]

يعُد السودان من اكثر الدول التى عانت من النزاعات والحروبات الأهلية، وحيث صنف بعضها من ضمن اطول الحروب التى امتدت سنواتها في افريقيا مثلما في حالة حرب جنوب السودان، والذي انفصل عن السودان في العام ٢٠١١ عند طريق استفتاء شعبي بموجب حق تقرير المصير الذي اقرته معاهدة اتفاقية نيفاشا للسلام والتى وقعت في العام ٢٠٠٥ بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة السودان وانهت اطول حرب في افريقيا امتدت اعوامها لما يقارب ٢٣ عاما من الحرب.
واسباب حرب جنوب السودان لا يختلف عن اسباب الحروب الاخرى التى اندلعت في السودان، حيث لا يخرج عن الاقصاء والظلم العميق والاضطهاد والتهميش الممنهج الذي ظل يمارس من قبل حكومات المركز منذ الاستقلال، ولقد أحدثت سياسة الاقصاء خلالا كبيرا في موازين الدولة، وضررا واسعا في جسد الوطن حال دون ان ينمو ويزدهر، كما ترك اثرا بليغا ومرارت لاذعة في نفوس السودانيين، وعلى اثره هاجر الآلاف الى خارج السودان بحثا عن حياة أفضل، وآلالاف اخرى حملوا السلاح لمواجهة الظلم وانخرطوا في صفوف الكفاح المسلح، والذي يعتبر الوسيلة الوحيدة المتاحة للتعبير عن الرفض واستنكار سياسة المركز الاقصائية، بعد ان استخدمت الانظمة الشمولية ابشع الوسائل لكبت الحريات وقمع وقتل المواطنين الذين يهتفون ضد ظلم الفاشية والتهميش مطالبين بحياة افضل.
فكان لا خيار امام الناس سوى حمل السلاح من اجل ردع الظلم وحماية الممتلكات ولا سيما العرض والدفاع عن النفس.
وعلى الرغم من مرور ٦٣ عاما على استقلال السودان، الا اننا نجد ان الحروب اخذت ذهاء ال ٥٣ عاما من عمر الاستقلال، وفي خلال هذه السنوات فقد السودان الملايين من شعبه قتلوا تحت هبات نيران الحروب، كما فر ملايين اخرى الى معسكرات النزوح واللجؤ في بلدان الجوار ودول اخرى، وظلت قضية الحروب واسبابها عالقة على مر السنين على الرغم من مرور عدة حكومات بما فيها المسماه بالحكومات الديمقراطية، الا ان النهج السياسي والتفكير في كيفية التعامل مع هذه القضية وبحث حلولها ظل واحدة، ولم تختلف عن سابقاتها رغم اختلاف الشخصيات والحكومات، حيث ظلت الحروب موجودة واسبابها باقية على الرغم من الفرص التى اتيحت بفضل ثورات الشعب السوداني في ١٩٦٤ و ١٩٨٥ والتى اسقطت حكومتين شموليتين، فكان من الممكن الاستفادة من التغيير الذي حدث بفضل هذه الثوارت ومعالجة اسباب هذه الحروب من الجزور، الا انه وللاسف الشديد ظلت سياسة النخب كما هى، مستهترة بهذه القضية ولم تضع ادنى اهتمام للنظر فيها والبحث في عمقها.
وظل الحال كما هو الى ان جاءت حكومة الجبهة الاسلامية واستولت على الحكم بانقلاب عسكري في ١٩٨٦.
وبدأت هذه الحكومة في تنفيذ برنامج سياسي يعد الاسوأ في تاريخ الحكومات السودانية، وخاصة فيما يخص قضايا الحروب في السودان، وبدلاً عن يسعى النظام الجديد لتحقيق سلام شامل بموجبه يتم انهاء الحروب، عمل على خلق العديد من الحروب في الشرق والغرب والجنوب، مستخدمة فتاوي دينية سياسية، ووسائل الحسم العسكري، والذي ادت الى تعقيد هذه القضية وتصعيدها، ولقد احدثت ضررا بليغاً، ادى الى المزيد من القتل والتشريد وتمزيق اوضاع الوطن الداخلية، فكانت النتائج هو انفصال جزء عزيز من الوطن وهو جنوب السودان.
وعلى الرغم من سقوط نظام الجبهة الاسلامية عبر انتفاضة وثورة شعبية هى الثالثة من نوعها، وتعتبر الاكبر في تاريخ الثورات السودانية، ونحن الان على مشارف ٧ اشهر من تاريخ سقوط النظام، الا ان قضية الحروب واسبابها في السودان لا تزال قائمة، كما يعمل آخرين من اجل عرقلة الخوض والبحث العميق داخل ثنايا هذه القضية، منطلقين من مبدأ ذات فكرة خاطئة هى نفس تلك الفكرة التى دفع السودان بموجبها ثمناً غالياً وفشل في الحفاظ على وحدته، وهاؤلاء هم الذين يعتبرون السلام منحة وليس استحقاق وطنى، وظلوا على الدوام يظهرون معارضتهم للأنظمه الشمولية من جانب ويعارضون الحلول التى تفضى الى وضع نهاية لمشاكل السودان بما فيها الحروب كحزمة واحدة من جانب اخر،
وهاؤلاء النفر ينافقون بالانحياز والوقوف لدعم قضايا الوطن، ويعارضون كل ما ليس فيه تحقيق مصالح ومكاسب شخصية لهم ولأتباعهم، وهذه السياسة لا تختلف عن سابقتها من السياسات التى ظلت على الدوام تمثل حجر اثر في تقدم الوطن واذدهاره، وغض النظر عن الذين يقفون خلف هذه السياسة، نجد ان الواقع يفرض علينا بأن نقف بكل عزيمة وصلابة ضد هذا التوجه السياسي، ولقد لاحظنا ان هنالك بعض الاصوات ارتفعت في خضم الحديث عن استحقاقات السلام، وبدأوا في المذايدات وتلفيق الحقائق ضد الذين يتحدثون عن السلام واستحقاقاته، بداية من موقف البعض الرافض لتضمين وثيقة السلام التى وقعت في اديس ابابا بين قوى الحرية والجبهة الثورية في الاعلان الدستوري ومرورا بالمناقشات التى تمت مؤخرا ما بين السيادي وقوى الحرية ورئيس الوزراء، ولا يستقيم السودان إلا بمعالجة جزور الحرب وتحقيق السلام الشامل، ولا ينبغى للحركات المسلحة والحكومة ان تنظر الى السلام كإتفاق بموجبه يتم منح المناصب والاموال، وإنما هو قضية تحمل في طيأتها استحقاق لرد ظلم عميق وقع على الآلاف، ونازحين ولاجئين ومتأثرين حروب، واذا اردنا ان نقضي على دولة النظام العميقة، علينا ان نحقق السلام اولاً، ونعمل بمسؤولية وطنية ونضع قضية السلام كأستحقاق وطني وليست منحة.