مضامين الشكليات ..!! - - بقلم هيثم الفضل

مضامين الشكليات ..!! - - بقلم هيثم الفضل


09-16-2019, 05:50 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1568609401&rn=0


Post: #1
Title: مضامين الشكليات ..!! - - بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 09-16-2019, 05:50 AM

05:50 AM September, 15 2019

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر



سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة


أتفهم جيداً (خِضَم) الأحزان والهواجس والمرارات التي تجيش بخاطر شخص في مقام الطيب مصطفى بإعتبار أن سقوط الإنقاذ ونموذج الإسلام السياسي المُدعى يمثٍّل بالنسبة إليه خسارتين ، الأولى عائليه بإعتباره خال الرئيس المخلوع والثانية إستراتيجية تتعلَّق بمهددات فكرية وسياسية ومنفعية ، ولكن شد ما يُدهشني في تعبيره عن أحزانه تلك والتي شابهت العويل ولطم الخدود وشق الجيوب ، أنه ما زال يُجاهد في إزكاء نار الكراهية والبغضاء لحكومة حمدوك عبر طَرْق باب إستعطاف الشعب السوداني بما يسميه الغيره على الإسلام والمسلمين ، وكأن هؤلاء الذين ثاروا ضد الإنقاذيين ومشروعهم الإسلامي المزعوم ليسوا من مِلة المسلمين ، فقط لأنهم صعَّدوا بإرادتهم الجماعية قوى الحرية والتغيير وحمدوك وحكومته (أُمناء) على مكتسبات الثورة ، وماذا كان يتصوَّر الطيب مصطفى ؟ هل كان يتوقَّع من الشعب السوداني ومن باب أن (حواء السودانية قد باتت عقيمة) أن نستجدي فلول الإنقاذ لتقترح لنا بديلاً بعد سقوط البشير من ذات الدائرة المشبوهة التي إنكب عليها بُغض الشعب وغضبه إلى حدٍ لا أظن أن صاحبنا يتصوَّره أو يتخيَّل مداه.

يتباكى الطيب مصطفى على الإسلام (الزُخرفي) الذي صنعته الإنقاذ وأفرغته من محتواه ومضامينه السمحة ، وجعلت أعداءه يتهكمون على نموذجه الذي طبقوه بما فيه من تناقض بين الشعار والعمل ، فقد قالوا (هي لله) ، و إتضح بعد ثلاثون عاماً أنها لم تكن له جلَّ وعلا بقدر ما كانت لذواتهم وشهواتهم وتكالبهم نحوالدنيا الزائلة ، ثم قالوا (لا لدنيا قد عملنا) ، حتى أخذتهم الدنيا بذخرفها ومتاعها الزائل على حين غرة فباتوا عند الناس مثالاً (لدنيوية) الإنسان بكل ما تحمل الكلمة من معاني ومضامين ، حين رفعوا راية الإسلام كان عامة الناس يضربون أوجُه المقارنة بين ما يفعلون وما هُم عليه من حال وبين المباديء والقيَّم الإسلامية التي لا يجهلها حتى البسطاء ، فإكتشفنا أنهم كانوا نقيضاً بائساً ومفضوحاً لمباديء وقيِّم الإسلام وفي مقدمتها الأمانة والنزاهة والعدل والمساواة وخضوع القوي والضعيف للقانون والمحاسبة ، هذا أبسط ما يمكن أن يُبرزه المشروع الإسلامي الحقيقي في منسوبيه ناهيك عما ما يمكن أن يُبرزهُ في نطاق الدولة وقطاعاتها المجتمعية وتأثيراتها الخارجية.

يريد الطيب مصطفى للإسلام في السودان أن يتقوقع شعاراً برَّاقاً في سطحٍ زُجاجي على شاشة التلفزيون القومي ، كما يريده خطوطاً زاهية تنضحُ بالألوان على خلفيات المنابر والمسارح والمهرجانات التي يعقبها التهليل والرقصُ طرباً على أوجاع معاناة المسلمين وبؤسهم ، يريدون الإسلام مجرد شعارات وهتافات ومُسميات مؤسسية مثل (الذكر والذاكرين) وهيئة (تعظيم شعيرة الصلاة) ، وهيئة (إسلامية المعرفة) وغيرها من المسميات التي تعُج جحافل قياداتها وروادها بكل ما لا يمُت للإسلام بصلة ، بدءاً بتعيينهم في وظائفهم تحت طائلة محسوبية (التمكين) ونهايةً بالفساد المالي والإداري والإستعلاء على مؤسسات الدولة الرقابية وفي مقدمتها ديوان المراجع العام ، هذا العهد هو عهد الشفافية والحقيقة المحضة والمُطلقة ، وهو أيضاً عهد المضامين ، فالإسلام لن نخذلهُ مرةً أخرى بالـ (الحبس) في شعاراتٍ فضفاضة ومخادعة تُمثِّل في حقيقة الأمر العدو الأول لمضامينه ومبادئه وروحهُ الطاهرة ، هذا الشعب ومعه قوى الحرية والتغيير وحكومة حمدوك سيحرصون جداً أن يكون الإسلام واقعاً ماثلاً في حياة الناس اليومية عبر الإهتمام بمضامينه قبل شكلياته.