من أجل تحقيق السلام فى السودان ( من تجربة وزارة شئون الجنوب ) بقلم عبدالمنعم عثمان

من أجل تحقيق السلام فى السودان ( من تجربة وزارة شئون الجنوب ) بقلم عبدالمنعم عثمان


09-06-2019, 11:42 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1567809727&rn=0


Post: #1
Title: من أجل تحقيق السلام فى السودان ( من تجربة وزارة شئون الجنوب ) بقلم عبدالمنعم عثمان
Author: عبد المنعم عثمان
Date: 09-06-2019, 11:42 PM

11:42 PM September, 06 2019

سودانيز اون لاين
عبد المنعم عثمان-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





مقدمة
لاشك فى ان تحقيق السلام فى مناطق الحرب الثلاث هو أولوية الأولويات للحكومة الأنتقاليه ، كما عبر رئيس وزرائها. فمن غير الممكن الحديث عن تحقيق مجتمع ديموقراطى تماما ولا نهضة أقتصادية واجتماعية دون ذلك . ولكى يتحقق ذلك على اساس متين وثابت يخاطب جذور المشكله وليس مظاهرها ، فلا بد من مراجعة تجاربنا وتجارب الآخرين فى مثل هذه المعالجة . وبما اننى كنت احد المشاركين فى التجربة القصيرة للحكم الذاتى لجنوب السودان ، على أيام مايو الأولى البيض ، فقد رايت أن اساهم بايراد جزء من تلك التجربة ودعوة من شارك فيها من الزملاء للادلاء بدلوهم فى هذا الأمر بالغ الأهمية.
أسس التجربة :
قامت التجربة على قواعد بيان التاسع من يونيو 1969الذى انبنى على رؤية الحزب الشيوعى السودانى للقضية كما عبرت عنه آراء الحزب فى بيان الأستاذ عبدالخالق بمؤتمر المائدة المستديرة ، ومن ثم كتابات الأستاذ جوزيف قرنق , والتى عبرت جميعها عن الأسباب الحقيقية وراء المشكلة والمتمثلة أساسا فى التنمية غير المتوازنة التى سار عليها الاستعمار لغرض فى نفسه انكشف فى بداية الحرب الاهلية قبل نيل الاستقلال واستمرارها دون توقف تقريبا حتى بيان التاسع من يونيو ثم اتفاقية اديس التى منح الجنوب الحكم الذاتى بموجبها والتى كانت سببا فى ذلك التوقف حتى تراجع نظام نميرى عنها فى العام 1983.
أختلاف الرؤى والتطبيق بين رؤية بيان التاسع من يونيو واتفاقية أديس :
بما ان رؤية بيان التاسع من يونيو قامت ، كما ذكرنا ن على أن جذور المشكله تكمن فى التنمية الأقتصادية وألأ جتماعية غير المتوازنه . فقد أصبح من الضرورى التركيز على ازالة عدم التوازن ذلك ,
لهذا تكونت وزارة تحت مسمى وزارة شئون الجنوب ، ضمت مستشارين مختارين فى تخصصات التنمية الأقتصادية والأجتماعية ، الى جانب ممثلين من كل الوزارات المركزية كونوا ما عرف بمجلس شئون الجنوب للتخطيط والتنسيق تحت رئاسة وزير الدولة المختص ، وذلك لمتابعة عمل الوزارات المركزية المختلفة فى الجنوب . ولتكملة الأمر كان لابد أن ينعكس اهتمام المركز باعطاء تمييز ايجابى لتلك المنطقة فى شئون التنمية بشقيها ألاقتصادى والأجتماعى . غير ان الذى حدث كان يعبر عن نفس الرؤيا التقليدية للأمر . فعندما وضعت أول خطة تنمية للبلاد ( 1970\ 71- 1974\75) كان نصيب الجنوب منها لايزيد عن 14 % واكثر من ذلك فان الرقم لم يذهب لتنمية القطاعات الرئيسة فى الجنوب وانما وجه جله لأنشاء مصانع . وهو امر لم يكن مقبولا للوزارة وكان احتجاجها عليه سببا فى أن تقرر عمل خطة موازية تحت مسمى خطة التنمية المحلية للجنوب . وبالرغم من تواضع المبلغ الذى رصد لتلك الخطه الأولى، الا أن اهتمامها بتنمية قطاعات الثروة الحيوانية والزراعة والخدمات الساسية من تعليم وصحة ، كان يمثل البداية الصحيحة لردم الهوة التنموية بين شطرى القطر .
لسوء الحظ ن فان تلك التجربة قد انتهت حتى قبل تطبيق أول ميزانية للتنمية المحلية ، وذلك فى التاسع عشر من يوليو 1971 ، عند انقلاب هاشم العطا والذى كانت احدى نتائجه الكارثية أغتيال الشهيد جون قرنق وحل وزارة شئون الجنوب ، بل وحرق ملفاتها وتشريد كوادرها . وقد كانت عودة مايو بعدها هى عودة عن كل الشعارات المتقدمة التى أعلنها انقلاب مايو بغرض ايجاد السند الشعبى الضرورى لتثبيت أركان الحكم بداية . جاءت بعدها(1972 ) اتفاقية اديس التى اهتمت بمظاهر القضية فسلمت السلطة لقادة الحرب بينما تواصلت الهوة التنموية بين شطرى الوطن حتى بعد الأنفصال . وعلى الرغم من ان من نتائج اتفاقية اديس أن دام السلام لمدة تجاوزت العشر سنوات ، الا أن القضية ظلت تنتظر حلا نهائيا يخاطب جذورها . فبالأضافة الى توسع الهوة التنموية ، فان الصراع على السلطة ظل سائدا بين قادة الحرب السابقين والساسة الجنوبيين الممثلين لسلطة المركز الديكتاتورية الذين ظل همهم مرتبط بذواتهم واستمرار سلطتهم . والأهم من ذلك ، أن غياب التنمية ظل موضوعيا وذاتيا اساس رغبة الجنوب فى الأنفصال . فماهى الدروس التى يمكن استخلاصها من هذه التجربة المحدودة فى تقديرى ؟
أولا : الحلول المتعجلة ، المرضية لأصحاب الصوت العالى والمصالح الذاتية ، لاتجدى على المدى الطويل ، وبالتالى لابد من مخاطبة الجذور اذا كنا نسعى لحل نهائى .
ثانيا :لابد من مجابهة الساعين للتمتع بالسلطة والثروة على حساب اصحاب المصلحة فى الحل الجذرى ، والذين لن يتوقفوا عن السعى لاجهاض أى محاولة لأيجاد حل نهائى يتعارض مع أهدافهم . الأمثله كثيرة فى العهود الماضية والآن !
ثالثا : لابد من السير فى طريق الحل الجذرى بتصميم لايعرف الكلل أو التراجع فالبداية الصحيحة لاتضمن النهاية المرجوة الا بذلك التصميم والمتابعة .
اذا كان هذا العرض المختصر يضيف شيئا لرؤية الحل المنتظر لهذه القضية المركزية والتى يعتمد على حلها انفاذ شعارات الثورة (سلام ..حرية ..عدالة)، فاننى ارفع المقترحات التالية لمن سيعهد اليهم وضع الأسس لهذا الحل :
تعيين وزراء دولة لمتابعة الخطة التى ستوضع لكل من المناطق المعنية بالسلام .
تكوين لجان متابعة من الخبراء والممثلين للوزارات المركزيه وذلك لتنسيق أعمال هذه الوزارات فى الأقاليم المعنيه مع حكوماتها سواء بالنسبة للاعمال الجارية او الخطط التنموية .
البدأ بحل المشاكل العاجلة كتصفية معسكرات اللجئين فى الداخل والخارج واعادة توطينهم فى المناطق التى نزحوا منها . وكذلك وضع خطة لتوطين الرحل أو أيجاد المسارات التى تضمن استقرار وتطوير انشطتهم المرتبط بانعامهم وفى نفس الوقت تمنع الأحتكاك بالمزارعين المستقرين فى مزارعهم وقراهم .
وضع خطة متكاملة لتنمية الأقاليم اعتمادا على تطوير الأنشطة المحلية التقليدية بالأضافة الى الأستثمار فى الأنشطة الجديدة التى تتوفر لها المواد الخام مثل التعدين والتصنيع الزراعى مع الوضع فى الأعتبار النصيب الأوفر للأقليم للمساعدة فى ردم الهوة التنموية وبالتالى معالجة عنصر التهميش الأساسى .