دارفور اليوم ليس بدارفور 1964 و 1985. بقلم أحمد حسين سكويا

دارفور اليوم ليس بدارفور 1964 و 1985. بقلم أحمد حسين سكويا


09-02-2019, 06:52 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1567446721&rn=1


Post: #1
Title: دارفور اليوم ليس بدارفور 1964 و 1985. بقلم أحمد حسين سكويا
Author: أحمد حسين سكويا
Date: 09-02-2019, 06:52 PM
Parent: #0

06:52 PM September, 02 2019

سودانيز اون لاين
أحمد حسين سكويا-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




تباينت الآراء و وجهات النظر حول الذي حدث بالأمس في الفاشر و لكن إذا اتسمنا بالقليل من الواقعية نجد انه أمر متوقع الحدوث لأسباب متعددة أريد التركيز هنا مع سبب محدد و هو :

*إختلال ميزان التمثيل السياسي:

منذ خروج المستعمر ظل وريثه الغير شرعي (دولة الأيديولوجيا الاسلاموعروبية) تمثل السودان سياسيا و تحتكر سلطة و ثروة البلاد لنفسها فقط مع تهميش الآخرين و محاربتهم أو تمثيلهم عبر آلية الترميز التضليلي و ذلك من خلال إستغلالها لموارد البلد لمحاربة جزء كبير من أبناء ذات البلد و ابعادهم عن مواقع اتخاذ القرار و السلطة السياسية و هذا نهج قديم عمد النخب السياسية السودانية العمل به و ينتهجه قوى إعلان الحرية و التغيير الآن من خلال محاصصاته و طريقة تعاطيه مع فرص التمثيل السياسي.

دعونا نعود قليلا إلى أسباب أول حرب بعد الإستقلال بين الجنوب و الشمال و نعقد مقارنة بينها و بين ثورات الكفاح المسلح السودانية التي إنطلقت من دارفور و أماكن أخرى من السودان و كذلك مقارنتها بما حدث بالأمس في الفاشر.
في العام 1946 تم إنشاء المجلس الاستشاري للسودان من دون تمثيل الجنوبيين و مشاركتهم مما أثار حفيظتهم بعده حاول المستعمر أن يخلق نوع من التوازن في التمثيل السياسي و قال مفتش نهر الجور بغرب بحر الغزال حينها "ولسن" : أن أسلم طريقة لحل مشكلة الجنوب هو الاتحاد بينه و بين الشمال اي بمعنى الاتحاد الفدرالي بينهما ، و بعده بعام و تحديدا في 1947 إنعقد مؤتمر يشمل جميع المدراء الاداريين للسودان مهمته معالجة مشكلة الجنوب و خلق تنسيق بين الجنوب و الحكومة المركزية و اهم توصياته أن يكون للجنوب ممثلين في الجمعية التشريعية لكن الجمعية التشريعية في شمال السودان أرادت أن تكون هي الممثلة الوحيدة للسودانيين و أن تمثل الجنوبيين مركزيا" بالإنابة مما يعني احتكاره للتمثيل السياسي و تهميش الجنوبيين و تغييب دور جمعياتهم.
و حينها قال سكرتير مجلس الارساليات في جنوب السودان جون سبنسر ترمنجهام مقولته الشهيرة: (أن الشعار الذي يطلقه مثقفو الشمال بوحدة السودان لا يقوم على معيار واقعي).
و بعد الاستقلال تم تغييب شعب الجنوبيين و تنظيماتهم من المواقع الإدارية و التمثيل السياسي و بذلك أصبح الجنوبيين لا يملكون من يدافع عن قضاياهم و تطلعاتهم داخل الحكومة المركزية كما أن النخبة السياسية الشمالية تعمدت تمثيل شعب الجنوب و تجاهلت قضاياهم بعمد و أحيانا" بعدم دراية مثقف الشمال بطبيعة قضايا الجنوب مما أدى إلى تصعيد التمرد الذي كان موجود اصلا كبذرة.
الخلاصة هي أن حرب الجنوب الذي استمر نص قرن من الزمان و ادى في الأخير الى انفصال الجنوب كان سببها التمثيل السياسي الغير متوازن و عدم تساوي الفرص و غياب مبدأ العدالة في التمثيل مع انتهاج منهج المحاصصة السياسية بين الشماليين كما أن الذي يحصل اليوم بالفاشر مشابه تماما" لبدايات "انانيا 1" مع اختلاف في التوقيت إذ أن ثورة الكفاح المسلح قامت في دارفور منذ قرابة العقدين و احتجاج الامس امتداد لرفضهم لمبدأ المحاصصة بين مكونات قحت و كذلك إمتداد لمحاولات تمثيل أبناء دارفور لأنفسهم و تصدر قضاياهم و تقرير مصائرهم بأنفسهم و ليس عبر وصايا القادمين من الخرطوم و بهذا يكرر التاريخ نفسه فقط مع تغيير الأجسام إذ أن قوى إعلان الحرية و التغيير يمكن مقارنتها بأول حكومة بعد الإستعمار و الشباب الذين هتفوا بالفاشر بمثابة أنانيا 1.

لذا الآن امامنا فرصة عظيمة من أجل خلق سودان موحد يكون فيه التمثيل السياسي متوازن و حق للجميع و بلد قائم على أسس العدالة في توزيع السلطة و الثروة و التنمية و إعطاء الأولوية القصوى لقضايا الحرب و السلام قولا" و فعلا" و كذلك تصيح المسار الأحادي الذي ينتهجه قحت أو أن ينهار كل شيء و نظل نتباكى و نندم إلى الأبد.

[email protected]
02.09.2019