نصائح (توريطيه) ..!! - - بقلم هيثم الفضل

نصائح (توريطيه) ..!! - - بقلم هيثم الفضل


08-27-2019, 05:42 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1566880962&rn=0


Post: #1
Title: نصائح (توريطيه) ..!! - - بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 08-27-2019, 05:42 AM

05:42 AM August, 26 2019

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر



سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة

أتابع هذه الأيام كثافة غير مسبوقة وباعثة على الحيرة لمنشورات متعدِّدة المصادر في وسائط النشر الإلكتروني تنحاز وتؤيِّد وتطالب بتعجيل رفع الدعم عن دقيق الخبز والمحروقات مع زيادة متناسبة في مرتبات موظفي القطاعين العام والخاص ، وذلك في إطار (نصيحة) فنية موجَّهة للسيد رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ، مدافعين عن رؤيتهم هذه بمسببات عُدة أهمها تخفيف الأعباء عن كاهل الدولة حتى تتفرَّغ لدعم وتدوير عجلة الإنتاج ، بالإضافة إلى دفوعات أخرى تتعلَّق بعدم وصول الدعم إلى مستحقيه مما يفيد بإستفادة آخرين منه وهم من غير المستحقين ، مُشيرين كذلك إلى مشكلة تهريب هذه السلع المدعومة وفي مقدمتها الوقود والمحروقات إلى دول الجوار الإقليمي.
وقبل الولوج إلى تفنيد إيجابيات وسلبيات رفع الدعم في هذا التوقيت السياسي الحرج ، عليّْ أن لا أخفي عليكم ما ينتابني من هواجس وشكوك في مرامي هذه الدعوات وترويجها المحموم لدفع الحكومة الإنتقالية للإستعجال في رفع الدعم ، وكأن في ذلك محاولة خفية (لتوريط) الحكومة الوليدة في أولى خطواتها وقراراتها التنفيذية للوقوع في مستنقع الإحتجاجات الشعبية المضادة وشعور الرأي العام بمؤشرات سيرها في ذات الإتجاهات المناهضة للمصالح البسيطة والمرئية للشارع السوداني والتي هي ليست سوى إمكانية الحصول على الإحتياجات المعيشية الأساسية مُضافا إليها ما يتطلَّع إليه الناس في مجالي التعليم والصحة ، وبلا شك فإن رفع الدعم سيزيد من وتيرة إرتفاع الأسعار وكما هي العادة فإن أيي زيادة في المرتبات والأجور لن تصمُد في معركة موازاة ومُحاكاة ما يحدثه رفع الدعم من إرتفاع (غير منطقي ولا تناسبي) في الأسعار.
صحيح لا أحد يُنكر أن رفع الدعم عن السلع ، إذا ما تم إستثماره كمدخول قومي عبر تخطيط مُحكم ومُجدي ، سيؤدي إلى معالجة ملموسة الإيجابيات على الأداء المالي للحكومة لكنه أيضاً سيُفضي إلى حالة من الركود الإقتصادي خصوصاً في القطاع الخاص نتاجاً لإرتفاع مستوى ضعف القوة الشرائية ، كما أن رفع الدعم يحتاج إلى (حد أدنى) في المستوى المعيشي للمواطن يمكِّنه من الحصول على أساسياته الحياتية ، هذا الحد الأدنى لا يمكن لعاقل أن يوصف به ما وصل إليه حال الناس في هذا الوطن المكلوم ، لذا وحسب وجهة نظري الشخصية وجب أن يبقى رفع الدعم عن السلع الأساسية (واجباً مؤجلاً) إلى حين التأكَّد من قُدرة وجاهزية المواطن المنكوب على تحمُّل تبعاته وعواقبه التي لا شك ولا إختلاف في أنها ستكون موجعة ومُهلكة خصوصاً على أصحاب الدخل المحدود ولو زيدت مرتباتهم مئات الأضعاف ، لأن آليات السوق السوداني ببساطة لم تعُد تعترف في تقييمها للسلع بمجرَّد حساب رأس المال والمنصرفات وهامش الربح المعقول ، فسعي التجار لموازنة هوامش أرباحهم مع ما يُمكن أن يطرأ على سعر الصرف غير المُستقر من زيادات ، يجعل من إيجاد حلول لإنهزام الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية أمراً أكثر أهمية وحيوية من رفع الدعم نفسه .
هل يستقيم حرق وتدمير مُجمل الصرح ، فقط لوجود عُطبٍ فيه ؟ ، لوكانت مشكلة الدعم السلعي كما يقول هؤلاء هي مجرد عدم وصوله لمستحقيه عبر التهريب والتلاعب والفساد الإداري ، فالأجدى والأجدر هو تطوير وتجويد آليات الرقابة عليه وليس إلغاءه ، والسلبيات الفرعية كالتهريب والفساد في مجال الدعم لا تجُب ولا تلغي إيجابياته الكثيرة ودورهُ في تيسيير العيش الكريم في هذا الوطن المكلوم.