ناس قحت يزايدون على وطنية الآخرين بقلم أمل الكردفاني

ناس قحت يزايدون على وطنية الآخرين بقلم أمل الكردفاني


08-19-2019, 03:24 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1566224652&rn=1


Post: #1
Title: ناس قحت يزايدون على وطنية الآخرين بقلم أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 08-19-2019, 03:24 PM
Parent: #0

03:24 PM August, 19 2019

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر





العمليات النفسية التي يقوم بها اعلام البروبغندا القحتوي يتفتق ذهنه كل يوم عن عدو جديد ومحاولات لاغتيال الشخصية ، لم تنته من المزايدة على وطنية الاحزاب والقيادات (بما لها وما عليها) حتى بدأت المزايدة على وطنية الحركات المسلحة الثورية. دعونا نتأمل كيف بدأت هذه المزايدات عبر الطعن في كل من يحاول الخروج عن عباءة مجلس التنسيق بدءا من:
الطعن في وطنية الشيوعيين.
الطعن في وطنية الصادق المهدي.
بل حتى الدقير عندما حاول الفلفصة...
الطعن في وطنية الحلو
الطعن في وطنية مناوي
الطعن في وطنية عبد الواحد
الطعن في وطنية....الخ الخ الخ.
المزايدة على وطنية الآخرين المخالفين تدل أولا على جهل سياسي مدقع ، مهما خدعت تلك المزايدة أدمغة العوام. فالسياسة تنقسم الى نوعين: علم السياسة (ذو الأصول المستنبطة من التاريخ التفاعلي للشعوب والدول). والسياسة العملية أو فن السياسة ، أي العمل الداخلي والمنفعل بالواقع والذي يتعامل مع المعطيات كممكنات. والسياسة ليست صراخ وضجيج فهذا من عمل الغوغاء والمغفلين النافعين ولكنها رؤية تتباين حول الحقوق.
الوطنية بلا حقوق لا تعني شيئا سوى مثالية أشبه بحب المرأة لطفل بالتبني. ولا وطنية لمن لا يملك حقا..وأول هذه الحقوق هو حقي في أن أكون أنا وليس أنت. لكل فرد أو فئة أن ترى كيفية انتزاع حقها وفق الرؤية الخاصة بها. ليس هناك شخص واحد يمتلك وصاية منزلة من السماء على أولويات الآخرين. الذين خوزقونا بالمجلس العسكري وبشهوره الثمانية عشر لم يملكوا تلك الوصاية التي ضربوا عبرها بأطناب فسطاسهم فوق أرض الآخرين.
ما الذي جرتنا إليه تلك الوصاية تحت مزاعم القيادة الزائفة؟ لقد جرتنا إلى سيطرة العسكر على السلطة ، وبدلا عن أن يمنح الثوار الضوء الأخضر للقضاء الدستوري كي يمارس مهامه وفق الدستور ووفق قانونه منحوها للعسكر. رفضت هذه القوى الوصائية كل المبادرات القانونية العميقة والتي كانت لتغير وجه الحاضر وتختصر المسافات وتقلل الخسائر حينما دعونا إليها ثم لجأوا للعسكر. المرحوم علي حسنين قال ان المحكمة الدستورية فاسدة وكأنما الجيش أقل فسادا... ثم قاد العسكر كل المشهد كما يحلو له ودق مسماره في نعش الثورة بفضل الوصاية والمزايدة على وطنية كل من ينصح بالرشد فهم فيه يطعنون.
دعني أقول وملء فمي: السيد الصادق المهني كانت كلمته التي ألقاها أقوى واكثر دربة وخبرة وامتلاء من كلمة الأصم الهشة المملة والطويلة التي أحاطوها بالقداسة وطافوا حولها بالمكاء والتصدية.
قبل فض الاعتصام بشهر كان هناك حوار في قناة العربية وكان الضيوف هم الصادق المهدي وأحد شباب تجمع الوهميين. وقد حذر الصادق من التصعيد غير المدروس فأرغى الشاب غض الإهاب أخضر العود وأزبد وقال إن المعتصمين معنا ولا مكان للمفاهيم القديمة. بعد أسابيع قليلة قتل المئات وحرقوا في فض الاعتصام وصدق حديث رجل مخضرم له تاريخ لا يمكن انكاره وعاد الشاب بملأه يجرون أذيال الخزي بما اجترحت أيديهم عن صلف وعنجهية الجهلاء قليلي الخبرة. ثم عادوا وقدموا التنازل تلو الآخر بعد أن كانوا من قبل فض الاعتصام من المستكبرين.
ما ذنب المئات من القتلى.
ثم هاهم يعودوا ليزايدوا على وطنية كل من خالفهم فيطعنونه من الخلف.
البروباغندا هذه لا تستخدم هدعلى هذا النحو الفاسد وفي نفس الوقت لا نطالبهم بالمثالية المستحيلة وإنما بترشيد خطاباتهم السياسية وما فتئنا ننادي بذلك حتى انقسمت القوى كلها وتشرذمت.
القوى الثورية. القوى الأهلية . الحرية والتغيير . القوى الشبابية والتي سيكون لها كلمتها. وجلس العسكر يقهقون ساخرين من الجميع.
الصلف كان ديدن الحركة الإسلامية وكذلك الشيوعيين من قبلهم ثم من بعدهم. الكيزان لم يسمعوا صوتا غير صوتهم ، وزايدوا على دين الآخرين كما يزايد هؤلاء على وطنية غيرهم.
نعم كأفراد لنا رؤيتنا الرافضة لأشخاص بعينهم ؛ فشخصيا أرفض كل من ذكرتهم أعلاه وأكثر. ولكن عندما يتعلق الأمر بالتوافق فكان من الأجدى أن يستمع هؤلاء لمطلب المؤتمر الجامع الذي لا يجمع فقط كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني بل وحتى الاسلاميين والعسكر لوضع النقاط على الحروف ورسم الخطوط الحمراء التي يمكن أن ينطلق منها حكم رشيد وتداول سلمي للسلطة وتوزيع عادل للثروة وترسيخ دولة القانون والمؤسسات.
ما الذي يحدث الآن: هل يعتقد البعض أن مجرد عمل احتفالات يمكن أن يحل كل مشاكل الوضع الراهن؟ هل يعتقدون انهم يملكون قدرة وضع الآخر أمام الأمر الواقع؟ لو كانوا يعتقدون ذلك فليعيدوا حساباتهم من جديد. فالقوى التي قاتلت لثلاثين عاما لا يمكن أن تخضع في بضعة أشهر.
الذي قالوا بأن الحركات الثورية والأحزاب السياسية كانت فاشلة ؛ اسئلهم:
- ماذا لو لم تكن تلك القوى موجودة منذ عام 89؟
الإجابة كان السودان سيتحول إلى نظام الخميني الإيراني الحالي. نعم احزاب ضعيفة والكثير من قياداتها انتهازية لكنها مع ذلك وبمرونة عالية لم تترك النظام يهنأ بأحلام ليلة واحدة. فلا تزايدوا على وطنية الآخرين.
الوطنية حقوق وواجبات متساوية..لنا كما لكم وعلينا كما عليكم ، والوصائية لن تفلح أبدا ؛ فشلت النظرية الوصائية عندما كانت تستند إلى الدين وهو الأكثر قداسة من الدولة. فهل تنجحون.
ألا هل بلغت..اللهم فاشهد.