حكم الشمال وبداية التفكك..نبوءة أخرى تتحقق بقلم د.أمل الكردفاني

حكم الشمال وبداية التفكك..نبوءة أخرى تتحقق بقلم د.أمل الكردفاني


08-16-2019, 03:48 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1565966892&rn=1


Post: #1
Title: حكم الشمال وبداية التفكك..نبوءة أخرى تتحقق بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 08-16-2019, 03:48 PM
Parent: #0

03:48 PM August, 16 2019

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر





لا أقف مع الجبهة الثورية ولكن عندما يقول تجمع السخرية والتحيير أننا لن نقبل بمحاصصات ؛ فيبدو لي أن هذا اسوأ من خطابات الكيزان المستخفة بالشعب ؛ الفرق أن الكيزان كانوا يرفعون شعار الله وهؤلاء يرفعون شعار الثورة وما بدلوا تبديلا. فإن لم تكن هناك محاصصات فما معنى السبع وستون في المائة التي حولها يختلفون؟ هل تختلف حول منح أطراف لا علاقة لك بها كراسي في لعبة الكراسي؟
لكن هذه ليست مشكلة ؛ بل الاشكالية الحقيقية هي ما تنبأت به قبل سنوات في مقال عنونته ب (هذا الكيان) ، أي الكيان الذي خلقته بريطانيا جنبا إلى جنب مع الكيان الصهيوني (إسرائيل).. وأوضحت فيه نهاياته الحتمية بالتفكك وها هو بعد سنوات يتحقق ويعمق عوامل التفكك كما لو كان كل هدف تلك المسرحية الدموية ليست اسقاط البشير فقط بل تفكيك هذا (الكيان).
وإليكم المقال القديم:

#هذا_الكيان




ربما ما يحدث الآن شيء أكثر من طبيعي ؛ بل هو العودة الحقيقية الى طبيعة دولة تمت صناعتها من العدم. وتم فرض مسمى قوميا على جماعات لا رابط بينها ؛ وتم تركيز السلطة في يد فئة معينة ترتبط بالدين او السلاح او بتحالف الاثنين معا. فهذا النزوع نحو تفكك هذا الاتحاد المصطنع أمر حتمي ، ونهاية هذا الكيان الذي لم تتآلف اعضاؤه حتى اليوم هو أفضل ما يمكن أن يحقن شلشل الدماء.
نتج هذا الكيان كمزحة سمجة في صراع بين طرفين وفي ظل وضع دولي أهل لانبثاقه من العدم ، وتحفزت عقول مثخنة بالرؤية الضبابية لفهم معنى الدولة ، تلك التي اودعت أذهانهم قسرا عبر تكرار الخطاب الانجليزي ، وبين الطبيعة البسيطة التي شكلتهم وحددت قراراتهم قبل أن يتخذوها.
ليس من المستبعد أن تكون دعوة عبود لحرق الجنوبيين حقيقة او اعتبارهم ارهابيين كما قال الصادق المهدي ... ففكرة رجل الدولة لا تتأسس الا على من لديه اقتناع بالدولة نفسها. وهذا ما كان هذا الكيان يعوزه بل ولا يزال. الآن مرت أكثر من اثنين وستين عاما من السنين ، نصفها تحت حكم الاخوان المسلمين ، ونصفها الآخر بين غيرهم ، لكن فلنراجع كل ما تم طرحه على مستوى الايدولوجيا (غيبية كانت أم وضعية) ، سنجد أنه لم ينشأ حتى اليوم تيار قادر على احتواء فكرة الدولة واجتراح فلسفة تسيير شاملة لها. ليس فقط ذلك اللا فهم لأنصار الايدولوجيات لأيدلوجياتهم المستوردة من الخارج نفسها (شيوعية ، بعثية ، ليبرالية ، اخوانية...الخ) وبالتالي عدم القدرة على أقلمتها بحسب خصائص هذا الكيان المصطنع ، بل حتى في اطروحات جديدة تم تبنيها على عجل ليس لبناء مشروع قومي بقدر ما هو تكريس للتفكك كطرح ما يسمى بجدلية المركز والهامش. حيث تتضمن الاقصاء المموه في شكل اعترافات بحقوق مهضومة.
اكثر من اثنين وستين عاما لم يتمكن أحد ممن طرحوا أنفسهم كوكلاء عن هذا الكيان سواء اعتبروا عملاء او أبطال ، تأسيس بنية تحتية ولو لمجال واحد أو قطاع اقتصادي ما او تيار ثقافي فني ، ولم يعد يملك هذا الكيان أي ميزة نسبية يمكن ان تعينه على المنافسة في ظل موجة العولمة العاتية التي تغرق العالم.
لا زال كل شيء ناقص بشكل مخز ، جماعيا او فرديا ، وهو نقصان ناتج عن ثقافة الرفض للكيان نفسه ، حيث لا يعترف به الا حين يمكن حلب ضرعه تحقيقا لمصالح البعض. هذا الذي هو وطني خارج السلطة وهو ذاتي متقوقع داخل السلطة ، هو قومي خارج السلطة ، فئوي او طائفي او اثني داخل السلطة. فليس من المستغرب أن يتناقض السلوك مع الطرح ، والتطبيق مع التنظير ، كما لو كان ذلك نفاقا شائعا. لكنه في الحقيقة ليس نفاقا ، بل المسألة أعمق من ذلك ، المسألة هي أن فكرة الدولة القانونية نفسها غير مستقرة بل ويمتعض منها العقل الباطن لكنه لا يقر بهذا الامتعاض . وهكذا نرى صراعا شديد التكلف تحت قباب انصاف أو حتى ارباع النظريات. ولا يعني ذلك ان تبني أي ايدولوجيا هو تبني كاذب ، بل على العكس هو تبني حقيقي ، لكنه تبني فوقي ونخبوي له أغراض ليست الدولة أحد أولوياتها.
إذن فانحلال هذا الكيان أمر وارد ان لم يكن هو المتوقع بشدة ، بل ان لم يكن هو الحل الأوحد. ربما لن يحدث ذلك قبل عدة سنوات قادمات لكنه مؤكد ،ولكل أجل كتاب.