Post: #1
Title: الأنا !! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 08-06-2019, 03:25 PM
03:25 PM August, 06 2019 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
*كثر ترديدنا لهذه المفردة.. *هي وشقيقتها (الآخر)..... في غالب الكتابات النقدية.. *فما من نص نقدي يخلو - تقريباً - من عبارة (الأنا... في مواجهة الآخر).. *ولا غرابة في ذلك إن نظرنا إلى (الأنا) بدواخلنا.. *فسوف نجد أنها تستسهل محاكاة (الآخر)... في كل الذي تحسد عليه الآخر هذا.. *تحسده أولاً... ثم تغار منه....... ثم تشرع في تقليده..
*فالحسد - كالمحاكاة - ظاهرة سودانية تفوق بنسب متفاوتة ما لدى شعوب أخرى.. *وقد أشرت إليها - مرةً - مثلما فعل العلامة عبد الـله الطيب.. *وإن كانت إشارتي من زاوية المعايشة فإن حديث الراحل تم من زاوية تاريخية.. *قال إن أشد قبائل العرب حسداً هي التي هاجرت إلى بلادنا.. *ثم تطبع بطبائعها من صاهروها منا، وانداح التأثير.. *وقبل فترة أشار إلى هذه الظاهرة أيضاً زميلنا زهير السراج، في مقال طويل.. *وهي - إلى جانب ظواهر أخرى - تفسر أسباب (حالنا) الآن..
*فحين تغلب الطبائع السالبة على الإيجابية تتباطأ مسيرة النمو... في كل شيء.. *في السياسة... في التنمية... في السلوك... وحتى في الرياضة.. *ولابد من نقد صادق لـ الأنا الجمعي إن كنا ننشد نُقلة حضارية لأنفسنا... وبلادنا.. *وربما كانت الأنا التي تخصنا أقرب إلى التفسير الفرويدي.. *ومن ثم فهذا يفسر جانباً من عللنا التي أتحدث عنها... من منطلق نفساني بحت.. *ومعروفة نظرية فرويد عن الـ(Ego)....والـ(Id).. *والتاريخ الذي لا يكذب - ولا يتجمل - يثبت بعضاً من صحة كلامنا هذا.. *فبلادنا سارت أولى خطوات التحضر إبان حقبة التركية.. *وعرفت لأول مرة الديوانية... والإنشاءات... والتخطيط... والتنمية... والبنى التحتية.. *وما قبل ذلك كانت حقب من سيادة الأنا العشوائية.. *ومع هذه العشوائية ميل إلى العنف... والحسد... والأنانية... وحب الشهوات.. *شهوات السلطة... والبطن...والفرج، وراجعوا كتابات الرحالة..
*فجميعهم بلا استثناء - قديماً وحديثاً - أفاضوا في الحديث عن هذه الطبائع.. *ثم توقفت مسيرة التحضر فور سيطرة المهدية على البلاد.. *وكانت الأنا الأنانية - ذات القسوة - هي الصفة الغالبة في مناحي الحياة كافة.. *وظلت العاصمة - طوال تلكم الحقبة - محض قرية بدائية.. *ثم تواصلت مسيرة التحضر ما إن جاء كتشنر.. *وكانت البداية بالسكة الحديد... ثم مباني الدولة... ثم تعبيد الطرق... ثم كلية جامعية.. *ومنذ الاستقلال - وإلى الآن - ظلت خطوات تحضرنا تتعثر.. *وازدادت تعثراً خلال سنوات الإنقاذ المديدة... لغلبة الأنا في أبشع تجلياتها.. *الأنا ذات الشبق لكل ما هو (أدنى).. *وذلك وفقاً لخارطة الرسم البياني القيمي... ولا نقول الديني.. *فالدين هذا محض غطاءٍ لأفعال تدمر (الآخر)، شعباً... أو دولة... أو أخلاقاً.. *وفضلاً عن هذا فهي مسمومة بكل سموم الحسد... والحقد.. *فكانت النتيجة أن دُمر السودان - بأخلاقه - تدميراً شبه كامل.. *بينما دولٌ نالت استقلالها معنا - أو بعدنا - تجاوزتنا بمراحل في سكة الحضارة.. *وبقينا نحن في محطة الانتصار لـ(الأنا) على حساب (الآخر).. *فليت جدل الأنا - والآخر - هذا في نقدنا الأدبي يتحول إلى جدل نقد ذاتي لأنفسنا.. *لك أنت... وهو... وهي....... والآخر.. *و...... أنا !!.
alintibaha
|
|