في إنتظار ( أبو حريرة ) جديد لتحسين معايش الناس بقلم د. عمر بادي

في إنتظار ( أبو حريرة ) جديد لتحسين معايش الناس بقلم د. عمر بادي


08-05-2019, 11:28 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1565044135&rn=0


Post: #1
Title: في إنتظار ( أبو حريرة ) جديد لتحسين معايش الناس بقلم د. عمر بادي
Author: د. عمر بادي
Date: 08-05-2019, 11:28 PM

11:28 PM August, 05 2019

سودانيز اون لاين
د. عمر بادي-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




عمود : محور اللقيا
هل تذكرون الدكتور محمد يوسف أبو حريرة الأستاذ الجامعي القانوني و وزير التجارة في عهد الديموقراطية الثالثة في حكومة السيد الصادق المهدي الإئتلافية بين حزبي الأمة و الإتحادي الديموقراطي و التي قدم فيها إستقالته و قبل أن ينظر فيها تم حل الحكومة لإبعاده في عام 1987 ؟ لم يكن أبو حريرة سياسيا تقليديا حرفته الكلام ثم العمل بما تقتضيه المصلحة الشخصية و الحزبية فقد شغل منصب وزارة التجارة التي كانت تعتبر ملكا خاصا لحزبه الإتحادي الديموقراطي الذي يضم الغالبية العظمى من شريحة التجار و رجال الأعمال و قد كانوا يدفعون الكثير لتمويل الحزب و يريدون مردودا أكثر شأنهم في ذلك كشأن من يستثمر ماله بذكاء ! هكذا حصلت المجابهة و المصادمة منذ الأيام الأولى لتوليه منصبه الوزاري بينه و بين هؤلاء المنتفعين , لكنني لا أغمط هنا دور بعض رجال الأعمال الوطنيين الذين أيدوا أبا حريرة من أجل مصلحة الشعب في تخفيف أعباء المعيشة عليهم من خلال ضبط السوق من الإحتكاريين و مفتعلي الأزمات و الوسطاء الذين يتسببون في غلاء الأسعار و من أجل ذلك أتت التسميات الشعبية لبطلهم ابي حريرة فسموه ( العريس ) و ( أبو حديدة ) ! يرحمه الله .
الناس يعيشون هذه الأيام في ( رحم المعاناة ) جراء الضائقة الإقتصادية التي أحكمت قبضتها عليهم و لا زالت ضغوطاتها تتفاقم عليهم يوما بعد يوم . لقد إرتفعت هذه الأيام أسعار كل شئ , بدءاً بالدولار و العملات الصعبة الأخرى التي عاودت إرتفاع قيمتها مقابل الجنيه السوداني مع الإستمرار في سياسة تحرير سعر الصرف فارتفعت بذلك اسعار السلع الإستهلاكية كلها و الأدوية و إرتفعت أسعار الأراضي و الإيجارات و العربات و إرتفعت تعرفة المواصلات للركاب و لنقل البضائع و إرتفعت تذاكر البصات السفرية و تذاكر خطوط الطيران الداخلية و العالمية و هذه قد زادت زيادات تثير الدهشة و تتجاوزها بقرار معظم شركات الطيران أن يتم شراء تذاكرها بالدولار ! زد على ذلك فقد عادت أزمات شح الوقود و الخبز و صرافات النقود أشد ضراوة و عادت الصفوف إلى محطات الوقود و إلى المخابز و إلى البنوك و الصرافات !
الشئ الملفت هذه الأيام أن الزيادات العشوائية علي السلع من التجار ضعاف النفوس قد أوصلت السوق إلي درحة الفوضى , ففي كل يوم يزيدون أسعار سلعهم و هي رابضة علي الأرفف حتى صارت أسعار السلع مختلفة في كل متجر عن الآخر ! في الغرب الأوربي لاحظت في متجر أن نفس السلعة تباع بسعرين مختلفين فسالت البائع مستغربا فكان رده أن تلك السلعة ذات السعر الأقل كانت لديهم على الأرفف و حدثت زيادة في السعر عند شرائهم لنفس السلعة من تجار الجملة و لذلك وضعوا لها سعر بيع به زيادة ! أنظروا كيف يطبق هؤلاء الأمانة . عندنا هنا قد بلغ سعر كيلو الطماطم 250 جنيها و كيلو الخيار 180 جنيها و كيلو الليمون 150 جنيها و لا تفسير لهذه الزيادات سوى الطمع !
ماذا حلّ بالمواطنين السودانيين الذين إزدادت أعباء الحياة عليهم و صاروا في ضيق متزايد ؟ لقد صار جلهم تحت خط الفقر بل و صارت أعداد متزايدة منهم في فقر مدقع ! تجد عند إشارات المرور و في الأسواق أعدادا متزايدة من المتسولين الذين يسالون الناس إلحافا , و إن إستنكرت بعض الجهات الحكومية سودانيتهم و إعتبرتهم أجانب فماذا يقولون في المتسولين الآخرين الذين يتخيرون السيارات و البيوت الفارهة لطرق أبوابها و سؤال من بالداخل و إبداء ما يمرون به من ظروف قاهرة أملا في مساعدتهم و ماذا يقولون في الذين ينتظرون إنتهاء الإمام من صلاته في المسجد ليقفوا محملين بأوراق و تقارير طبية و يستجدون المصلين كي يمدوا إليهم يد العون و ماذا يقولون في النسوة اللاتي يقفن أمام أبواب المساجد يحملن أطفالهن و يرجون مساعدة المصلين , أليس كل هؤلاء سودانيون ؟ التسول و الإستجداء السلمي مع إشتداد وطأة الفقر و الجوع قد تنمو له أنياب و أظافر فتتحول سلميته إلى شراسة تفتك بالآخرين في شكل تعديات و نهب للمارة متى تحينت الفرص و إلى كسر للبيوت و للمحلات التجارية و نهب ما بها في الخفاء أو مع التهديد بقوة السلاح .
الآن و بعد التوقيع بالأحرف الأولى علي الإعلان الدستوري الذي إنتظرناه طويلا و الذي سيعقبه تكوين مجالس الحكم السيادية و التنفيذية و التشريعية , ارى أن عبئا كبيرا سوف يقع علي وزير التجارة القادم و سوف يكون من أهم وزراء المرحلة القادمة لأن من أهم واجبات الحكومة القادمة أن تلتفت إلى معايش المواطنين و تحسنها بقرارات و خطط قصيرة المدى و متوسطة المدى و طويلة المدى تنأى بالسوق عن تحرير سعر الصرف و تعويم الجنيه السوداني الذي لا يجدي مع شح الإنتاج و الندرة و لذلك علي وزير التجارة أن ينتهج سياسة تحديد الأسعار و فرض قوائم الأسعار في كل المحال التجارية علي أن يراقبها مفتشو وزارة التجارة . نحن في إنتظار أبي حريرة جديد لتحسين معايش الناس .