أبعد من حق العمل بقلم د. رائد الحاج

أبعد من حق العمل بقلم د. رائد الحاج


08-04-2019, 10:33 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1564954403&rn=1


Post: #1
Title: أبعد من حق العمل بقلم د. رائد الحاج
Author: مقالات سودانيزاونلاين
Date: 08-04-2019, 10:33 PM
Parent: #0

10:33 PM August, 04 2019

سودانيز اون لاين
مقالات سودانيزاونلاين-USA
مكتبتى
رابط مختصر



                   أبعد من حق العمل

إنفجر الشارع الفلسطيني غضبا في مخيمات اللجوء في لبنان بعد إصدار معالي وزير العمل اللبناني قرار ضبط العمالة الأجنبية وما تبعه من خطوات تنفيذية على الأرض طالت العمال الفلسطينيين  في لبنان، في خطوة تعد الأولى من نوعها في السياق والإخراج والأداء والتوقيت... إذ لم يسبقها أي تحضير أو حوار أو شرح وإعلان ...وفي توقيت حرج بالنسبة للقضية الفلسطينية برمتها.
لقد تعاطى وزير العمل اللبناني مع ردة الفعل الفلسطينية بإستهجان وإستخفاف متذرعا بحماية العمالة الفلسطينية ومتسلحا بنص قانون العمل اللبناني وتعديلاته في العام 2010  (المادتين 128 و 129). مستخدما الصلاحيات الممنوحة له كوزير ( في التعقب والعقاب، لا في إستشراف الحاجات والظروف وايجاد الحلول).
رغم كل المناشدات الفلسطينية واللبنانية الشعبية والرسمية
خرج الوزير على الإعلام عدة مرات متمترسا خلف قراره، يحمل في يمناه نص قانون العمل ( الملتبس والغير قانوني في جوهره)  وفي يسراه سيرة وعجز وزارات العمل المتعاقبة ومن خلفه رئيس حزبه وجمهور وإعلام لم يخلع بعد عباءة الحرب الأهلية.
أوحى لنا كقديس، بأنه ما يريد من ذلك إلا تطبيق القانون الذي يصب في مصلحة فلسطين وعمال فلسطين.
وبدل أن يقوم بدوره كمحام متمرس في إعادة النظر بنص القانون وتصويب شوائبه، أخذته العزة بلعب دور رجل البوليس.
في أدائه كما في مقالة كتبها بجريدة الأخبار اللبنانية في الأول من أب لهذا العام، أغفل معالي الوزير عمدآ عدم تناسب قرارات وزارات العمل وقوانينها ذات الصلة مع الشخصية القانونية  للفلسطينيين في لبنان والذين يحملون صفة لاجئ هجر قسرا من أرضه الواقعة تحت الإحتلال (فلا هو أجنبي  يحتاج إجازة عمل ولا هو يستطيع المعاملة بالمثل).

لرجل قانون يتعاطى السياسة نقول التالي :
أولاً - الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( لبنان من أوائل الموقعين عليه(...
الديباجة
" ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء أخر الأمد إلى التمرد على الإستبداد والظلم"
ثانيأ -  المادة 6
" لكل إنسان في كل مكان، الحق بأن يعترف له بالشخصية القانونية ".
ثالثا - المادة 14
"لكل فرد حق إلتماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتع به خلاصا من الإضطهاد".
رابعا- المادة 23
" لكل شخص حق العمل وفي حرية إختيار عمله وفي شروط عمل عادلة ومرضية وفي الحماية من البطالة "
خامسا - بروتوكول الدار البيضاء للعام 1965
" يعامل اللاجئ الفلسطيني معاملة مواطني الدول العربية المضيفة  مع الإحتفاظ بجنسيتهم الفلسطينية"
إن نظرة سريعة على مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبروتوكول الدار البيضاء 1965 المنبثق عن القمة العربية ذات الصلة يحسم دون أي جدل تعارض قانون العمل اللبناني ومواده وتعديلاته مع الحقوق المشروعة للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

إذا عن أي قانون يتحدث وزير العمل؟!
نحتاج العودة بالتاريخ إلى الوراء لنفهم ما يجري، نستعيد معا بعض من الماضي القريب والبعيد بعناوين مختصرة.
الإحتلال ومفاعيله وأثاره المادية والمعنوية، الثورة الفلسطينية المعاصرة، الهوية الوطنية، الصراع الطبقي في لبنان والمنطقة، العبائة الطائفية, الفساد، غياب الديمقراطية، الإضطهاد والفقر، العسكرتاريا، حروب لبنان وتداعياتها، حروب المنطقة، مدريد، أوسلو، القمم العربية، صفقة القرن، ملتقى البحرين....الخ.
منذ الإجتياح الإسرائيلي للبنان وخروج الثورة الفلسطينية من بيروت بدأت القضية الفلسطينية تخسر (بالنقاط) مقومات دعمها وصمودها وإنعكاس ذلك على كل تفاصيل الحياة الفلسطينية في الداخل والشتات، غير أن أكثر المتضررين كان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ...
ما قبل ذلك ولظروف عدة إستطاع الفلسطيني التأقلم مع الحياة في لبنان بكل متطلباتها وبكل نواقصها, أغفل عن عمد وعن ضعف السعي لمكانة تليق بإنسانيته وهويته الوطنية، في حين إستسهل المستوى الرسمي اللبناني التعاطي الأمني المطلق اليد في الشأن الفلسطيني وأخرج الفلسطيني من فضاء الحرية والنضال من أجل القضية إلى فوضى السجون الكبيرة المسماة بالمخيمات الممنوعة من أي شيء وكل شيء يحفظ إنسانيتها وهويتها الوطنية. يأس الفلسطيني حتى من اليأس وأمعن الجميع في سلبه مبررات وجوده، ونسوا وتناسوا عن قصد وغير قصد جيناته البشرية القابلة للضغوط، لكنها غير قابلة للإنكسار.
في التوقيت والأداء والخلفية  أتت إجراءات وزير العمل اللبناني على جسد ما عاد يحتمل مزيدا من الألم، وما عاد بمقدوره الإستمرار بنصف حياة ونصف موت.

معالي الوزير
إنه أبعد من حق العمل ....
إنه الحق بالهوية ......
إنه الحق في الحياة وبكل تفاصيلها المثيرة والمملة.