Post: #1
Title: الظل!! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 08-03-2019, 11:32 AM
11:32 AM August, 03 2019 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
* فقد وظيفته بالصالح العام.. *بحث عن عمل آخر ــ وهو في حالة نفسية سيئة ــ حتى فقد كثيراً من صحته.. * صاحب بقالة (الجرورة) كان يواسيه بعبارات رقيقة.. * ثم يطلب منه أخذ ما يريد إلى أن تُفرج.. * بعد أسبوعين ــ ولم تُفرج بعد ــ لاحظ تغيُّراً في تعامل صاحب البقالة تجاهه.. * هو لم يمنعه شيئاً طلبه؛ ولكن سلامه صار مقتضباً.. * وكذلك كلامه؛ بعد أن كان يجد عنتاً في التخلص من قيود كلامه (المحكمة).. * لم يعد يواسيه كما في السابق... ولا حتى يبتسم في وجهه.. * بعد فترة أخرى حلت التكشيرة محل عدم التبسم.. * ثم جاء يوم اعتذر له عن تجميد (كراسته) جراء ديون عليه هو نفسه في السوق.. * ففقد (مصدر عيشته)؛ هو... وزوجته... وأولاده.. * بلغ تذمر زوجته (المتذمرة) هذه مداه؛ عقب مرور شهر على انقطاع (الشُكُك).. * فيوم يجود عليه الطيبون من زملاء عمله السابق بشيء.. * وأيام لا يجودون... بل ولا حتى يسألون.. * وكذلك الأمر بالنسبة لأصدقائه الذين بدأوا يتناقصون سريعاً.. * ثم فقد زوجته ــ وأبناءه ــ حين رجع عصر يوم بخفي حنين فلم يجد أثراً لهم.. * أو بالأحرى؛ وجد آثار ذكريات مفعمة بالشجن.. * ثم وريقة مهترئة كُتب عليها بخط يعرفه جيداً (لن أرجع؛ فلا تبحث عني).. * وحان الأوان الذي فقد فيه كل أصحابه... وزملائه... ورفاق دربه.. * وعندما كان يسير صباح يوم ــ على غير هدى ــ استرعى انتباهه شيءٌ غريب.. * فهو ليس له ظلٌ يتبعه... رغم الشمس السافرة في كبد السماء.. * ورغم طوله؛ وقد كان أحد أسباب إعجاب زوجته به.. *وتلفت نحو السائرين من حوله؛ فشاهد ظلاً ممدوداً يتبع كلاً منهم... ولا عجب.. * تملكه رعبٌ مزلزل لم يشعر به طوال حياته.. * جالت بخاطره أفلام الرعب الأجنبية كافة التي تحكي عن مسوخ لا ظل لها.. *ولكنه ليس مسخاً أصيلاً... بل هو آدمي (مسخته) الظروف.. * هم بسؤال المارة هؤلاء إن كانوا يرون ظله...إلا أنه تراجع في آخر لحظة.. * فقد خشي أن يُرمى بالجنون... وما أكثر مجانين زماننا هذا.. * حين رأى رجلاً يهيم على وجهه ــ فَرِحاً ــ لملم أطراف شجاعته واتجه نحوه .. * وما أن فرغ من شرح حكاية ظله له حتى انفجر الرجل ضاحكاً.. * ثم غمغم بلسان ثقيل (يا عم أحمد ربنا أنه خلَّصك من همه).. * وما درى أن الرجل السعيد ذاك كان من (أهل المزاج)... الهاربين من دنيا الراهن.. * لم ينم ليلته تلك في انتظار الصبح... على أحر من جمر (الواقع).. * انتظره ليرى إن كان ظله قد عاد إليه...أم غادر بلا رجعة... كحال زوجته.. * توجه صباحاً إلى (كشك) الجرائد... دون ظل.. * هناك سمع حديثاً عجيباً من زبائن المكتبة... غلب على مألوف حديثهم كل يوم.. * وما كان مألوف حديثهم هذا إلا (الراهن الأليم).. * قيل أن (ظلاً) طويلاً شوهد ضحى البارحة فوق حافة الجسر الشمالي الجديد.. *وكان..... بلا (رَجُل !!).
alintibaha
|
|