Post: #1
Title: جهنم !! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 07-28-2019, 03:36 PM
04:36 PM July, 28 2019 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
*أو بتعبير آخر.. الجحيم.. *ودانتي يحاول رسم الجحيم هذا - شعراً - في ملحمته الشهيرة (الكوميديا الإلهية).. *وتخيل نفسه قد مكث يومين هناك... رأى خلالها أهوالاً..
*وسارتر لديه مسرحية اسمها (الجحيم هو الآخرون)... حين يكون الآخر مؤذياً.. *ففي رأيه أن الجحيم هنا في الدنيا... وهو يكفي.. *وكاتب هذه السطور ما زال يرتجف عند تذكره تمثيلية الجحيم.. *فقد شاهدها - طفلاً - أثناء ليلة ثقافية أقامها مركز شرطة كريمة... نعم الشرطة.. *وأسير الخليفة نيوفلد كتب عن جحيم فظيع بسجن (الساير).. *وفي رأيي إنه بزَّ كلاَّ من دانتي... وسارتر... وبوليس كريمة، وصفاً للجحيم.. *ففي داخل السجن حجرة يُطلق عليها اسم (أم حجر).. *ويُحشر فيها مساء كل يوم ما بين مئتي وخمسين إلى ثلاثمئة... من السجناء.. *وكثير منهم كانوا من أسرى الخليفة... أو معارضيه.. *وجميعهم مكبلون بسلاسل... وأغلال... وجنازير...ومكيات، من الأقدام للأعناق.. *وفي يوم جيء بأسير مصري... هو فوزي باشا.. *وأُحكم ضرب الحديد على رجليه فوق المعتاد - بأوامر عليا - فتورمتا مساءً.. *وكان أول من أُدخل (أم حجر)... مغشياً عليه.. *ثم أُهيل عليه الفوج الأول من (الجتت)، وهو الوصف الأصدق لكتل الجلد والعظم.. *وكان نيوفلد قدم وصفاً لأم حجر هذه - ولياليها - في فصل سابق..
*فالجالس فيها مقتول... والصارخ مضروب... واللاعن مفقود.. *وصباح كل يوم تُلقى في النيل جثث من ماتوا اختناقاً... أو مرضاً... أو (عفصاً).. *ولكن العدد لا ينقص أبداً... فآخرون يحلون محلهم دوماً.. *ولما سمع نيوفلد من موقعه أنين فوزي أسرع نحوه... يضرب يميناً ويساراً.. *وقوبل ضربه بضرب مماثل... واشتعلت أم حجر ضرباً في الظلام.. *ثم اشتعلت شرراً مع حشر عشرين آخرين... مشعَّبين.. *والمشعَّب هو الذي عنقه بين شقي فرع شجرة... أو جزعها، وبالكاد يتنفس.. *فذاك كان ضرباً من ضروب التعذيب في (قانون) الخليفة.. *ولكنه ولا شيء إلى جانب (بنت أم حجر)، وهي زنزانة أخرى صغيرة للإعدام.. *وفيها مات أعز رجال الخليفة... وأهم قواده.. *مات فيها - جوعاً وعطشاً - الزاكي طمل... وحسين زهرة... وأحمد القاضي.. *فبابها حين يُغلق لا يُفتح إلا لإخراج الجثة... متيبسةً.. *أما الشرر فكان نتاج الضرب بأعواد مشتعلة، بغرض إفساح مجال للقادمين.. *وظن فوزي أن تلكم النار هي نار جهنم ؛ وأنه قد مات... وبُعث.. *ولكن هناك جحيماً (آنياً) أفظع من هذه النماذج.. *وذلك حين تشاهد - داخل صيدلية - دموع شيخ جراء عجزه عن شراء دواء.. *وعندما تنشد مسح دموعه هذه تفاجأ بعجز فلوسك أنت نفسك.. *عجزها حتى عن دوائك... دعك من دواء المسن.. *فالأسعار تصعد كل يوم... وعملتنا تهبط كل ساعة... و(القطط) تسمن كل ثانية.. *فتحس أنك تهوي بأم رأسك في جحيم دانتي.. *أو يهوي عود مشتعل على رأسك - فيشتعل شيباً وناراً - وأنت في (أم حجر).. *أو لا تجد رأسك هذا نفسه - ولا أمه - وأنت داخل (بنتها).. *وتعرف معنى (جهنم) !!.
alintibaha
|
|