انقلاب يقربنا من المدنية بقلم عبدالمنعم عثمان

انقلاب يقربنا من المدنية بقلم عبدالمنعم عثمان


07-25-2019, 06:33 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1564076035&rn=0


Post: #1
Title: انقلاب يقربنا من المدنية بقلم عبدالمنعم عثمان
Author: عبد المنعم عثمان
Date: 07-25-2019, 06:33 PM

06:33 PM July, 25 2019

سودانيز اون لاين
عبد المنعم عثمان-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





لأول مرة منذ ان تسلم الحكم بوضع اليد ، يعلن المجلس العسكرى عن انقلاب بحيثياته ، أى من قام به بالأسم والرتبة وحتى البيان الأول بحذافيره ، وكذلك السياسيين الذين شاركوا فى التخطيط له ..الخ . وبالرغم من ماأثير من بعض المحللين لأهداف غير التى أشار اليها بيان المجلس العسكرى ، الا ان الكثير من الحقائق والمؤشرات تدل على ان الموضوع جدي هذه المرة .
ولعل أول هذه المؤشرات ، هو تصريحات وتلميحات السادة رئيس ونائب رئيس المجلس العسكرى قبل الأنقلاب ، الى انهم ليسوا أعداء قوى الأعلان ، بل وأن العدو المشترك هو الحزب الوطنى ، هكذا وبالاسم . بل أن تلك التصريحات أشارت الى قرب الأتفاق مع قوى الثورة وامكانية التنازل عن طلب الحصانة وغيره من الشروط التى كانت تعتبر من الأسباب التى قد تعطل الأتفاق .
اما ماحدث بعد أعلان الأنقلاب " الجد " فهو يذهب فى نفس اتجاه المصالحة وبشكل عملى وليس حديثا قد يتم تكذيبه غدا او القول الذى أصبع شائعا ، أخراج الحديث من مقصد القائل! وذلك بدليل أعتقال عدد من قادة النظام البائد ، وقد كان غريبا انهم كانوا لايزالون طلقاء ، بل وبعض مدراء البنوك معلومة الفساد وبعض الصحفيين الفاسدين قلما وجيبا ،بما فيهم الخال الرئاسى .
ولعل هذه الحقائق والمؤشرات عن جدية أمر الأنقلاب هذه المرة ، تثبت أن المجلس العسكرى قد تأكد من أمرين لم يكونا يحتاجان الى جهد ، وهما ضرورة تفكيك كل مؤسسات النظام السابق بدءً بالعسكرية ومرورا بكل المؤسسات المدنية وعلى راسها حزب المؤتمر الوطنى وتوابعه ، ان صح ان تعتبر مدنية ! والأمر الثانى هو ضرورة الشراكة الحقيقية مع قوى الثورة ، ان كان فعلا يسعى الى تحقيق أهدافها مع الآخرين . ولكن يبدو أنه بحكم تكوينه ، ومن يقفون وراء بعض اعضائه ، كان يظن أمكانية اللعب بالبيضة والحجر . ولعل اولئك الأعضاء قد تصوروا ما كان ممكن الحدوث لو ان ذلك الانقلاب قد قدر له النجاح !
وعلى أى حال ، ولأنى اعتقد ان ألأنقلاب سيكون نقطة تحول رئيسة فى العلاقة مع المجلس العسكرى وقد التقت مقاصده ، على الأقل فى المرحلة الحالية ، مع مقاصد الثورة فى ازالة كافة آثار النظام البائد ، فقد توصلت الى ماجاء بالعنوان من ان الأنقلاب – الأخير بأذن الله – سيكون سببا للتقارب .
يقول البعض انه ربما يكون الأنقلاب مجرد خدعة للتخلص من بعض معارضى المجلس العسكرى ، او بالتحديد حميدتى ودعمه السريع ، ويقول آخرون أن وراء الأنقلاب جهات خارجية ظلت تنسج الخطط والمؤمرات ضد وصول الثورة الى غاياتها المرعبة لها . وقد يكون كلا الأحتمالين ممكن ، غير ان الواقع يقول بفشل المحاولة . أفليس من الواجب أن نستفيد من النتائج الجيدة ، ثم نفكر فى ماهو آت وفى المقدمة الأستعداد للمؤامرات التى لن تتوقف حتى مابعد المرحلة الأنتقالية ، خصوصا وان هناك من العناصر الجاذبة لتلك الجهات المذكورة خارجيا وداخليا ، والتى لن تدعها تتوقف عن التآمرطالما بقيت المصالح ووجدت العناصر المحلية المساعدة القابلة للبيع والشراء .
وهنا لابد من العودة الى مواصلة موضوع المقال بسؤال ضرورى : هل من الممكن ان يستمر التقارب مع المجلس العسكرى ، ام انه سيكون توافقا مرحليا ؟ وللاجابة فلابد من مراجعة بعض ماتم من صعود وهبوط فى العلاقة مع المجلس نتيجة الأحداث التى مرت والمواقف التى اتخذت منها :
أولا : لكى يستمر التقارب ، بل وربما التوحد ، فلابد من توفر الشروط التاليه من طرف المجلس:
أن يكون المجلس قد حسم أمره وبدون رجعه للوقوف فعلا مع تحقيق أهداف الثورة ، وبالتالى مع ضرورة تصفية آثار النظام البائد .
ان يعترف المجلس بضرورة حصر مهامه الى جانب السيادية ، فى الأمور ذات الطابع العسكرى ، خصوصا وربما يكون قد اتضح له من تجربته القصيرة، ثقل المهمة بوجود النظام السابق بكل اسلحته النارية وغير النارية .
أن تصح دعاوى المجلس بعدم تدخله كمؤسسة وكأفراد فى قرار وتنفيذ فض الأعتصام ، وبالتالى القبول بسحب طلب الحصانة والموافقة على تكوين لجنة تحقيق قادرة على الوصول للحقيقة .
أن يبتعد المجلس عن المحاور الأقليمية والدولية ، الا فى اطار تبادل المصالح مع الاخرين ، وان يتم ذلك بالشفافية المطلوبة لشركائه .
ثانيا : ان تتوفر الشروط التاليه من الأطراف الأخرى:
وحدة قوى الثورة وراء الأهداف المعلنة والمتفق عليها فى اعلان الحريه ، خصوصا بعد النجاح الرائع الذى أنجز باجتماعات أديس ، مع عدم السماح لأهتزاز الثقة داخل مكونات الأعلان وبينها وبين جماهيره .
لتحقيق الشرط أعلاه فقد تم بالفعل من ضمن بنود اتفاق اديس مايبشر بأيجاد وسائل تحافظ على اساليب اتخاذ القرارات والتنفيذ بالصورة التى تحافظ على حقوق كل مكونات الأعلان ، ولم يتبق غير ايجاد وسائل الأتصال السريع والصريح والفعال مع جماهير الثورة ، التى سيتصاعد دورها فى المرحلة الأنتقالية الى المشاركة فى التخطيط والتفيذ والرقابة على اجهزة السلطة .
واخيرا : لابد من كلمة موجهة الى اعضاء المجلس العسكرى والجهات الاقليمية والدولية التى حاولت عبثا وستستمرفى المحاولات ، وقد ثبت لكل قارئ حصيف لأحداث ثورة السودان بانها ثورة مبدعة ومتفردة ، استفادت من تجاربها المحلية وتجارب من حولها ، وحددت أهداف نهائية لابد من انجازها طال الزمن أم قصر . وقد اثبتت الأحداث خلال السبعة اشهر الماضية ثباتها وتصميمها بما جعل عباقرة التخطيط الاقليمى يعودون بالخفين المشهورين ،وقد ظنوا انهم غاب قوسين او أدنى من تحقيق المراد ، الا ان موكب الثلاثين من يونيو قد جعلهم ربما يعودون بخف واحد أو بغير خف . وتجربة أخرى : فض الأعتصام الذى كانوا يظنون بأنه سيكون قاصمة ظهر الثورة ،فاذا به يحول كل مدن وقرى السودان الى كتلة من الأعتصامات والمظاهرات , وكذلك محاولة فض اجتماع أديس ليكون سببا فى عدم اكمال الأتفاق مع المجلس العسكرى ، فاذا به يعود بوحدة شاملة وتسبقه بشارة انقلاب التقارب .
فهل تكون هذه التجارب التى قدمت منحا غير متوقعه للمجلس العسكرى ، هل تكون سببا فعليا فى التقارب المأمول ، وفى بذل محاولة جادة لدخول التاريخ ولو من الشباك ؟!