أزمة عقول بقلم د. محمد مصطفى محمد فضل

أزمة عقول بقلم د. محمد مصطفى محمد فضل


06-28-2019, 04:20 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1561735228&rn=0


Post: #1
Title: أزمة عقول بقلم د. محمد مصطفى محمد فضل
Author: د. محمد مصطفى محمد فضل
Date: 06-28-2019, 04:20 PM

04:20 PM June, 28 2019

سودانيز اون لاين
د. محمد مصطفى محمد فضل-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





معلوم أن مساحة الدولة وحجم مواردها ومدى تنوعها وطبيعة حدودها ومعدل تضاريسها هي التي تحدد مستوى قوة الدولة الإستراتيجية، والدولة القوية إستراتيجيا إذا فقدت القيادة الرشيدة قد تظل مأزومة وضعيفة وفقيرة تتنازع حولها قوى إقليمية ودولية، منها من تسعى لتحقيق مصالحها السياسية والإقتصادية والأمنية باستغلال مواردها المادية والبشرية، ومنها من تسعى لتحقيق مصالحها الثقافية المرتبطة بمصالح أحد مكوناتها الإجتماعية وذلك بتمكين ذلك المكون عسكريا واقتصاديا وتوفير الغطاء السياسي والدبلوماسي له إزاء كل المخالفات القانونية والإنسانية التي يرتكبها أثناء تنفيذ تلك الإستراتيجية، ومنها من تسعى لإضعاف الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وبنيويا وذلك إما لتضمن سيادتها عليها وعلى الدول الشبيهة بالمنطقة، أو خوفا من فقدان مكاسب غير شرعية أو ناقصة الشرعية أو غير منطقية وموضوعية إذا توفرت القيادة الرشيدة والإستقرار السياسي والأمنى والإقتصادي للدولة المعنية، ومنها من تسعى لتقسيم الدولة المستهدفة لتضمن مصالحها ولتتقي أي خطر محتمل من قبلها وفقا لتوقعات إسترتيجية. والسودان يعد دولة قوية إستراتيجيا، حيث تتمتع بمساحة كبيرة تبلغ واحد مليون وثمانمائة اثنان وثمانون ألف كلم مربع، منها نحوا من إثني عشر مليون هكتار صالحة للزراعة، ويشق أراضيها نيلان عظيمان، تغذيهما عدد من الأنهر موسمية الجريان، يلتقيان في نهر النيل العظيم، إضافة الى موارد أخرى كالثروة الحيوانية والسمكية والغابية وكذلك المعادن والبترول وفوق هذه وتلك فالسودان إذا استقر سيكون قبلة للسواح، كيف لا وإنه الأرض التي قامت عليها أولى الحضارات في الدنيا بآثارها ومعالمها المميزة وكذا أقوى الثورات في القرن ال 19 متمثلة في الثورة المهدية التي هزمت أعظم الإمبراطوريات، أضف اليها معالم أخرى كجبل مرة وحظيرة الدندر وسواكن وغيرها، فدولة كهذه تظل فقيرة ومأزومة تنهش جسدها الهش حرب أهلية سياسية وإجتماعية طاحنة منذ استقلالها، لا يعني سوى حقيقة واحدة وهي أن هنالك أزمة عقول تغذيها ثقافة تربوية منزلية ومدرسية من ناحية وعادات وتقاليد وأعراف سالبة من ناحية أخرى، فهذين الرافدين قد أنتجا وينتجان شخصية سودانية معقدة وضعيفة ومنفصمة تعرف أصل السودان وهويته المتنوعة لكنها تهرب من التفكير الجاد في أس الأزمة لإيجاد حل جذري لها وفي الحقيقة أن تشخيص الأزمة ووضع الحلول العادلة لها تبدو سهلة وبديهية لولا سيطرة التعقيدات النفسية على النسق الفكري للطبقة الحاكمة ودفعها للتمسك بهوية ناقصة وإقصائية تثير خلافات عبثية بين أبناء الوطن الواحد وتصنفهم على أساس عرقي وثقافي وديني فأزمة العقول هذه هي التي جعلت النخبة تفشل في بناء دولة العدالة والحرية والمساواة التي كانت ستقي بلادنا من الحرب والظلم والفساد والإنقسام وكذلك هي التي جعلتها تفشل في الوصول إلى إتفاق شامل وعادل يعيد بلادنا إلى السلام والإستقرار وكما هي التي تعمل الآن لإشعال الوضع في السودان.
أيتها النخبة السياسية والعسكرية السودانية، أتعلمين لماذا تعيشين في حالة إنفصام دائم عن الشعب ولماذا يظل هذا الشعب السياسي المعلم يحملك مسؤوليته وتخزلينه وتخونينه كل مرة؟؟؟؟؟ أتعلمين لماذا؟؟؟؟ لأنك فاقدة للهوية وفاقدة للثقة بالنفس ولا تملكين قرارك بل لم ولن تترددين في إدخال السودان وشعبه وسيادته في أية صفقة سياسية كانت أم إقتصادية لتحقيق مصالحك الخاصة.

الحرية لنا وللمجلس العسكري المختطف من قبل دول محور الشر.
د. محمد مصطفى محمد فضل