Post: #1
Title: وحدوووه!! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 06-24-2019, 01:20 PM
02:20 PM June, 24 2019 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
* خرجت من (الحسين) عقب الصلاة.. * ولكن من كان برفقتي لم يخرج...إلى أن كادت روحي تخرج... ويخرج النهار.. * وكلما دلفت إلى المسجد وجدته بجوار الضريح... يتضرع..
* واليدان مبسوطتان نحو السماء (كل البسط).... والبصر شاخص نحوها.. * فكذلك كان يدعو الله عقب كل صلاة... في سرِّه.. * ولكن أن يكون الدعاء بجوار ضريح فذلك ما لا أفهمه... ولا أهضمه... ولا أقبله.. * أو بالأصح لا يقبله الدين... ورب الدين... ورب الحسين.. * ولم يستطع إقناعي بفلسفته الصوفية... وعجزت أنا عن إقناعه بفلسفتي المنطقية.. * وهذه المنطقية عندي تنبع من منطقية الدين الخاتم.. * فلأنه آخر الأديان جعل الله إعجازه في التفكر... والتدبر... والتبصر... والتأمل.. * لا في العصا... ولا الناقة... ولا شفاء الأبرص.. * وإن كانت هذه وجهة نظري أعرضها فإن له وجهة نظر يعرضها بأفضل مني.. * ذلكم هو صديقي الحبيب وراق...الموصوف بالعلمانية.. * وحين طال بي الانتظار جلست في مقهى لأجعل من مراقبة الناس مصدر تسليتي.. * أو ربما كنت أنا مصدر تسلية بعضهم... ومنهم ذلكم (المجذوب)..
* فقد كان يحمل مسبحة بيمناه... ومبخرة بيسراه..... ويحملني أنا بنظراته.. * وحين يصيح (حيييي) أحس بجسدي يرتفع... ثم يهبط.. * وشعرت بأن ثمة رابطاً غريباً بينه وبين صديقي الذي بجانب الضريح.. * فكأنما كان يعنيني شخصياً بهمهمات المتصوفة الغيبية تلك.. * ومنها (وحدووووه)... و (لا دائم إلا هو)...و (مدد يا سيدنا الحسين، مدد).. * وبدا لي كأنه انفلت من أحد تكايا حرافيش نجيب محفوظ.. * بل وانفلت ــ بهيئته تلك ــ من بين ثنايا التاريخ... وأسوار ماضي التكايا هذه.. * وفي محاولة يائسة مني حاولت صرفه بـ (لحلوح)...فأباه.. * أبى أن يتسلمه... وأبى كذلك أن يدعني وشأني؛ أتلذذ بكوب سحلب دسم.. * وظل على حاله تلك إلى أن مرت أمامنا سائحة أجنبية.. * وكانت (لابسة من غير هدوم) تقريباً... وتتأرجح على صدرها العاري كاميرا.. * والتقطت لي بها صورة عجلى... وكانت على عجل.. * أو بالأحرى التقطت (لنا)... ولا أدري أأنا الذي لفت نظرها أم الدرويش؟.. * أما ما لفت نظره هو فالسائحة نفسها... وتبعها على (عجل)..
*وطفق يدور حولها... ويُدير مبخرته حول رأسها... ويصرخ (حيييي).. * ولكنها لم تتضايق مثلي... بل بدت سعيدةً تضحك بجنون.. * وبعد قرن من الزمان خرج وراق... وعلامات الرضاء (الغيبي) على محياه.. * ولم يُعر علامات ضيقي من الدرويش على محياي التفاتاً.. * وكأنما هنالك علامات تفاهم (سرية) بينهما...لا تفهمها العقول ذات التفكير (الظاهري).. * وما أن بلغنا مكان إقامتنا حتى سمعنا خبر الانفجار.. * انفجار قنبلة يدوية ربما.... بأحد الأزقة التجارية في محيط الحسين.. * وانتهزها وراق فرصةً ليقول (أرأيت بركات سيدنا؟).. * فرددت عليه حجته وقلت: (بل كاد تأخرك عنده أن يجعلنا من ضحايا الانفجار).. * ولا أدري ماذا دعا وقتها في سره... ولكني أدعو الآن في سري.. * ولا تسألوني : بماذا... وعن ماذا... وعلى ماذا أدعو.. * فأنا حرٌّ في (سري)؛ في زمان الهم... والغم... والقتل... والشرك هذا.. * و....... وحدوووه!!
alintibaha
|
|