علي محمود حسنين - رحل على صّلابة مواقفه معانقاً معشُّوقته الأرض.. بقلم عبدالوهاب الأنصاري

علي محمود حسنين - رحل على صّلابة مواقفه معانقاً معشُّوقته الأرض.. بقلم عبدالوهاب الأنصاري


05-25-2019, 09:46 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1558774008&rn=0


Post: #1
Title: علي محمود حسنين - رحل على صّلابة مواقفه معانقاً معشُّوقته الأرض.. بقلم عبدالوهاب الأنصاري
Author: عبد الوهاب الأنصاري
Date: 05-25-2019, 09:46 AM

09:46 AM May, 25 2019

سودانيز اون لاين
عبد الوهاب الأنصاري-
مكتبتى
رابط مختصر









(صوتك.. بيرق وجهك ..قبرك لاتحفروا لي قبرا

سأرقد في كل شبرٍ من الأرض

أرقد كالماء في جسّد النيل

أرقد كالشمّس فوق حُقول بلادي

مثلي أنا ليس يسكن قبرا

لقد وقفوا ووقفت) "الفيتوري"

نعى الناعي نداءً، لا خبر؛ أستاذ الأجيال الخبير القانوني الفذ، والمناضل الجسور علي محمود حسنين وهو متشبثاً على صلابة موقفه في ثبات الجبال أوتاد الأرض حتى أخر نفس، بعد أن خاض في إسبتسّال عظيم معركة الحرية والكرامة الإنسانية، ضد فراعنة (الجبهة الإسلامية القومية) التي خططت ونفذت إنقلاب يونيو 89 وشظاياها بمختلف مسّمياتها منافحاً في جلد وأتِّد حتى آخر نسَخ للروح صعد إلى السّماء، وستظّل سّيرتك في لوحٍ محفوظ يُشرف شُرفات التاريخ و############ات المُنافحة.

الرجل كان كتلة مًضيئة من تاريخ النضال الثوري الإنساني، وظل حتى العقد الثامن من عمره الأخضر مقاتلاً بلا هوادة، في سبيل دولة المدنية والقانون، وأنفق فيها أنضر السنوات من العمر، صادم متقدم صفوف النضال، لا متردد ولا هياب في وجه الديكتاتوريات العسكرية الثلاث التي (خوزقت) السودان وردّته إلى حِقب ما قبل التاريخ تخلفاً وجهلاً.

مواقف يقف العقل والقلم عندها عاجزًا عن وصّفها، تّتصف بالمبدئية الصّارمة والحزّم ؛ أيما شّرف أن يُقابل الفارس موته وهو يعتّلي صهّوة جواده مصادماً، من أجل إنجاز مطالب الثواروالوصول بالثورة إلى مرافيء غايتها المقدسة حرية، سلام، وعدالة، مدنية خيار الشعب، حتى ترتاح أرواح من بذلوا الروح وخضبوا بدمائهم الحية؛ الساحات والباحات ورفعوا الرايات وهم على صهوات العاديات ضبحاً وقدحاً لنار الثورة لترتقي صدر السماء إلى المجد بثبات.

إلتقيت بالفقيد الحاضر، آخر مرة يوم 22 مارس 2019- بعد مظاهرة جنيف بسويسرا من أمام (ميدان الأمم المتحدة) وهي التظاهرة التي حشد لها ونظمها بدقة وحذّق ساعة سويسرية، تجمع السُّودانيين بسويسرا، تضامناً ودعماً لثوار الداخل إستجابةً لنداء الوطن الذي يسّكن (الدياسبورا) السودانيين في أوروبا وفي كل العالم، التقينا بالفقيد في الندوة المصاحبة بقاعة (نادي الصحافة السويسري) بجنيف.

حيث كان أحد فرسان الحديث الرئيسين في هذه الليلة الوطنية، (والبلاد حينها تمور كالمرجل بين طياته شعب يثور من غفوته، (ينشد العلياء في ثورته كإندفاع السيل في قوته) ويزلزل الأرض من تحت أقدم الطاغية الفاشي المخلوع، البشير وحاشيته تضيق بهم الأرض الرّحبة)؛ إلى جانب الدكتور جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمسّاواة ، ومولانا إسماعيل الحاج- تجمع المهنيين ببريطانيا و الزميل الأستاذ محمد الإسباط – فرنسا عضو فريق إعلام تجمع المهنيين والناطق الرسّمي.

كان الفقيد الحاضر فينا الأستاذ علي محمود حسنين رئيس الجبهة الوطنية العريضة، والقيادي بالإتحادي المعارض المعروف، و القاضي العالم، والقانوني الحِّبر، والمحامي البارع، والسياسي الفارع؛ سيد الأُمسّية وفارس الحلبة؛ بخبرته الوافرة وحنكته المعهودة؛ تحدث وأوُفى؛ أوُضّح وكفّى؛ قابلني بترحاب بشوش؛ طلق المُحيا كعادته، تعّرف على والدي المرحُّوم الشيخ عبدالله عبدالوهاب الأنصاري؛ حيث جمعتهم المنطقة الأصل دنقلا؛ والمدينة الأم الرءوم أمدرمان و الساحة السياسية؛ رغم إختلاف الإتجاهات السياسية؛ كان يُحفظ للود مكانة، هوالإتحادي المعروف، ووالدي كان حزب أمة وأنصاري صميم.

تبادلنا أرقام الهواتف، ثم أرسل لي في اليوم الثاني، عبر خدمة التراسل الفوري (واتساب) ثمين إنجازه فيما يخص العدالة همه الذي نذر نفسّه له حتى رحيله الفاجع؛ مشاريع القوانيين " دستور إنتقالي، قانون جنائي ..الخ" مُتكاملة للتأسيس لمُجتمع ديمقراطي معّافى و بناء بيئة مدنية حية، مُسّلحة بالإستنارة الوّعي..يا إلهي.. آخر رسائله كانت مقطع (فيديو) عن لقاء له في قناة سودانية 24 تقديم الأستاذ عمر عائس في برنامج بعنوان (أجندة سودانية) بجانب، الأستاذ نبيل أديب المحامي الشهير والأستاذ محمد لطيف الصحفي المعروف – (إنا لله وإنا إليه راجعون).

سيكتب التاريخ، كان من كوكبة الصامدين، و مابدل تبديلا إختار خندق شعبه ممسك بلهب القضية كموقف مبدئي لا حياد فيه، متسقاً مع نفسه، لا تَزحزّح مُتزلفاً، ولا تراخى مُهادناً، وفي سبيل ذلك تعرض للسّجن، والمضايقات، والمنافي، بل وصلت لدرجة التهديد بالقتل، والتصفية الجسدية، من قبل القاتل محمد عطا المولى رئيس جهاز أمن المخلوع السفاح البشير؛ كما ذكر في بنفسه تلك الأمسية بجنيف.

نحمد الله أن حقق له أمنيته أن يرى عرش الطاغية المخلوع يتهاوى، وغيض له أن يعيش كيف تتحقق إرادة الشّعب، وتهزم جبروت الطغيان وتزلزل عرش نظامهم الظالم تلك اللحظات التي قدح لها جهده، وبذل كل حياته وعلمه وخبراته لها. لقد تحققت له أمنية الشعب الأعزل يقاتل أساطين الطغيان بثبات ومازال في ميدان الإعتصام صابيها ثبات حتى مطلع الفجر..!!

الثورة مهدت له طريق العودة إلى عرينه، إلى الأرض التي أحب، وشعبه الذي عشقه، بفضل من الله ثم بجهد أبنائه وأحفاده الثوار. ليحتضن معشوقته الأرض ،

(وما تدري نفسٌ ماذا تكسِبُ غدا، وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت )

رحم الله أستاذ الأجيال الفقيد علي محمود حسنين، اللهم أجعل قبره روضة من رياض الجنة وأمطر مثواه بهتون الغفران وشبائيب رحمتك التي تسع كل شيء وألهم مقربيه وأهله، والإتحاديين في حزبه الإتحادي المعرض وعارفي فضله حسن العزاء

إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ