من يقف وراء إرهابي نيوزيلندا؟ بقلم د. ياسر محجوب الحسين

من يقف وراء إرهابي نيوزيلندا؟ بقلم د. ياسر محجوب الحسين


03-23-2019, 03:36 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1553351795&rn=0


Post: #1
Title: من يقف وراء إرهابي نيوزيلندا؟ بقلم د. ياسر محجوب الحسين
Author: د. ياسر محجوب الحسين
Date: 03-23-2019, 03:36 PM

03:36 PM March, 23 2019

سودانيز اون لاين
د. ياسر محجوب الحسين-UK
مكتبتى
رابط مختصر



أمواج ناعمة





رقص سكان نيوزيلندا الأصليين (ماوري) رقصتهم التقليدية "هاكا" أمس الجمعة، تضامنا مع الجالية المسلمة وضحايا هجوم مسجد النور الإرهابي الذي هزّ نيوزيلندا والعالم أجمع. هناك إذن سكان أصليون لهذه البلاد وهم أصحاب الأرض الحقيقيون.

الإرهابي الذي نفذ تلك العملية لتي حصدت أرواح 50 مصليا، قال في رسالته إن "أرضنا لن تكون يوما للمهاجرين، وهذا الوطن الذي كان للرجال البيض سيظل كذلك ولن يستطيعوا يوما استبدال شعبنا".

وفي تبريره لما أقدم عليه من فعل شنيع ترفضه النفس السوية، قال الارهابي إن أسباب هجومه ترجع إلى "التزايد الكبير لعدد المهاجرين".

ومعروف أن منفذ تلك العملية الارهابية استرالي الجنسية ومن أصل أوروبي وتبعد بلاده الأصلية أوروبا نحو 20 ألف كيلو متر عن نيوزيلندا ولو افترضنا على سبيل المثال قيام رحلة طيران مباشرة بين العاصمة نيوزيلندا ولندن فإنها ستستغرق نحو 24 ساعة بالتمام والكمال. ثم يأتي ليقول إن نيوزيلندا وطن للبيض الأوروبيين؟.

رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أردرن، أجتهدت كثيرا للتعبير عن حزنها وغضبها قائلة: "كان هذا أحد "أحلك الأيام في بلادنا". وارتدت جاسيندا اللون الأسود وحجابا وذهبت تعزي أقارب الضحايا وتواسيهم وأعلنت عن نقل أذان الجمعة عبر الإذاعة والتلفزيون.

بيد أن كل هذه الانسانية الصادقة وعلى أهميتها، إلا أنها تبدو بلا تأثير أمام الدعاية اليمينية ضد كل ما يمت إلى الاسلام. لقد تغذى ذلك الارهابي من نشر وتعزيز الإسلاموفوبيا أو الرّهاب الإسلامي، وذلك مثل ما قال به المفكر الأمريكي صامويل هنتنجتون بأن "حدود الإسلام دموية وكذا احشاءه". وكان الرجل قد كتب مقالة شهيرة في مجلة النيوزوييك السنوى منذ نحو 18 عاما بعنوان "عصر حروب المسلمين" مؤكداً أن حروب المسلمين ستشكل الملمح الرئيسي للقرن الحادي والعشرين.

وأغفل هنتنجتون القراءة الموضوعية لحقيقة الدين الإسلامي وحضارته. ولم يبن هنتنجتون نظريته المختلة على رؤية موضوعية للحضارة الإسلامية التي لا يمثلها بالضرورة لا الإرهاب ولا الإستبداد.

وترتبط نيوزيلندا ممثلة في نخبتها البيضاء المسيطرة على الثروة والسلطة، برباط قوي مع الغرب وتحديدا بريطانيا. ونيوزيلندا New Zealand قبل الهجمة الغربية الاستعمارية قبل عدة قرون كانت تسمى بلغة الماوري سكانها الأصليين ببلاد أوتياروا وتعني أرض السحابة البيضاء الطويلة.

لكن اليوم غالبية سكان نيوزيلندا من أصل أوروبي 74%، بينما أصبح الماوري أكبر أقلية 15%، بينما يشكل الآسيويون وشعوب جزر المحيط الهادئ النسبة المتبقية من سكانها الحاليين.

وتعتبر الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، هي قائدة نيوزيلندا وتُدعى ملكة نيوزيلندا بموجب قانون الألقاب الملكية لعام 1974. ويمثلها هناك الحاكم العام. ويشير المؤرخون إلى أن أول حكومة ممثلة لتلك المستعمرة شكلت في العام 1852 بعدما مرر في المملكة المتحدة قانون نيوزيلندا 1852. ولم يكن الارهابي بعيدا في تصرفه بعيدا عن التصرفات الشاذة في دياره الأصلية؛ فقد شهد يونيو من العام الماضي على سبيل المثال، مقتل النائبة البريطانية عن حزب العمال جو كوكس بعدما أطلق النار عليها توماس مير المؤيد لليمين المتطرف، وكانت جو قد دافعت عن استقبال اللاجئين بالاضافة إلى أنها من مؤيدي بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي.

وتزامنا مع حادثة نيوزيلندا شهدت بريطانيا في الأيام الماضية سلسلة من الهجمات والاعتداءات، ففي بلدة ستانويل جنوب شرقي انجلترا، اعتقل شخص يبلغ من العمر 50 عاما بتهمة تتعلق "بالارهاب" بعد أن طعن شابا عمره 19 عاما مطلقا عبارات وصفت بالعنصرية.

وقالت شرطة مكافحة الارهاب إن الهجوم كان "يستلهم الأفكار اليمينية المتطرفة". كما تعرض سائق سيارة أجرة إلى اعتداء لفظي باستخدام عبارات عنصرية مما دفع الشرطة إلى اعتقال رجل وامرأة بتهمة ارتكاب اعتداءات ذات دوافع عنصرية تتعلق بحادث نيوزيلندا.

وجعلت هذه الأحداث الارهابية ذات الدوافع الدينية والعنصرية وزير الداخلية يحث المواطنين على "رفض الارهابيين والمتطرفين" الذين يسعون إلى إحداث شرخ في المجتمع البريطاني.

إن الإرهاب ظاهرة مركبة تختلط فيها الجوانب الجنائية والإجرامية والنفسية مع الجوانب السياسية والاقتصادية والأيديولوجية، فهو في الأساس سلوك منحرف يهدد النظام العام ويخالف قواعد القانون والعرف الإنساني، ويؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار ويشيع الرعب والذعر في النفوس.