Post: #1
Title: مات جوبا !! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 03-23-2019, 02:33 PM
03:33 PM March, 23 2019 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
> وقد يستوقف عنواننا هذا البعض.. > هل هو يعني ماتت جوبا... ولكن غلب عليه لسان بيئته فجعل المؤنث مذكراً؟.. > أم يعنيها ــ عاصمة الجنوب ــ ولكن بعربي جوبا؟.. > أم تراه يعني بمفردة جوبا هذه شيئاً آخر...لا علاقة له بمدينة جوبا المعروفة؟.. > وكلها أسئلة مشروعة... بيد أنها طاشت عن المعنى المقصود..
> فالمعنى هنا أحد ظرفاء أهل حي القنا الجميل... وقد لبثت فيهم من عمري سنين.. > واسمه كمال... وجوبا هذه لقبه الذي اشتهر به.. > لماذا؟...لست أدري ؛ ولست أدري أيضاً لماذا لم أسأله عن سر هذا اللقب.. > وما من فرصة كي أسأله الآن... فقد مات.. > مات فجأة منذ أعوام... ونعيته بكلمة... ومازلت أحس تجاه روحه بالتقصير.. > توقف قلبه الكبير عن الخفقان... دون سابق إنذار.. > رغم أنه كان من ذوي (العافية) بالحي... ولا يضاهيه طولاً ــ وعرضاً ــ إلا مجروس.. > ومجروس هذا اسمه جمال... وسُمي مجروساً للذي ذكرنا.. > فأهل القنا يحبون الألقاب... وما من أحد منهم ــ ممن عرفت ــ نجا من هذا (الحب)..
> فهذا كع... وذاك تالولة... وثالث دكتور... ورابع ود النجل.. > ثم لقبٌ كان يدهشني جداً وهو كشا مشا... أو كشة مشة... أو ربما كشَّ مشى.. > بل حتى كاتب هذه الأسطر كاد أن يلصق به لقبٌ ما.. > لقب من (بنات) أفكار جوبا هذا نفسه... وهو أبو (بنت)... يوم أن رُزق بـ (بنت).. > وكان اليوم يصادف يوم تمرين... بملعب البرنس.. > نعم؛ فقد كان يلعب... ويتمرن... وينطط ؛ بما أنه تزوج فور تخرجه في الجامعة.. > وصاح جوبا بتأتأته المحببة (أبـ بـ بـو بـ بـ بـ ت).. > ومازال صاحب هذه الزاوية يذكر جملةً من المشاعر اضطربت بداخله آنذاك.. > شعور أنه بات أباً... وأنه كبر... وأن مكانه لم يعد الملعب.. > ثم شعور لاحق حين نُبه إلى أن اللقب هذا يُطلق على (مشهورَين) وقتذاك.. > أحدهما لاعب قمة.... والثاني مشروب مسكر.. > ولما انتبه جوبا ذاته إلى أن لقبه حمال أوجه كف عن ترديده... وزجر مردديه.. > فقد كان إنساناً خلوقاً؛ كحال أبناء القنا أجمعين.. > إن كانت هناك (فزعٌ) بالحي فأول من يُهرع إليه جوبا... وآخر من يغادره جوبا.. > لم يُر يوماً متجهماً... ولا مبتئساً... ولا متذمراً.. > وفلسفته عن الدنيا يلخصها في عبارة بسيطة معبرة هي (ما تسوى أبو النوم).. > ولا أدري ما أبو النوم هذا... ولكن المهم أنها لا تسوى؛ الدنيا.. > كان كارهاً بالفطرة للنظم السياسية الظالمة... بما أنه يكره الظلم بأشكاله كافة.. > ومن ثم كان يكره نظام (مايو)... وظلمه.. > ويكره تشبث قادته بالدنيا التي (لا تسوى أبو النوم)... ويكره هتاف (أبوكم) مين؟.. > وعندما نعاه لي الناعي ــ تالولة ــ حزنت على شيئين: > إن صلتي به انقطعت منذ زمن... فلم أدر حتى إن كان أضحى (أبو بت) أم لا.. > وإنني لم أكن بجانبه لحظة الفراق...لأرى فلسفته على المحك.. > فلسفة (ما تسوى أبو النوم)!!
alintibaha
|
|