Post: #1
Title: مواقف ! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 03-05-2019, 02:07 PM
Parent: #0
01:07 PM March, 05 2019 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
> الحياة عند صديقي النوبي مواقف.. > ولا يقصد بالمواقف معناها المجازي..وإنما الحرفي.. > وفي سياق هذا الفهم حكى لي ما حدث له لدى زيارته البلد؛ من بعد غيبة.. > وقد كان يعشق فاتنة هناك..اسمها فاتن.. > وماتت فجأة بكامل ألقها؛ لدغتها عقرب أول المساء..ففاضت روحها أول النهار.. > فوقف كل شيء بالبلدة في ذاك اليوم..حتى تغريد الطيور.. > ولكنه فوجئ عند زيارته هذه بكل شيء يسير سيره الطبيعي..ولا ذكرى لفاتن.. > وزار (مواقف) لهما..أحدها بجوار شجرة الجميز.. > ودهش إذ رآها لا تبالي؛ وكذلك الذين هم من تحتها..والطير الذي على أغصانها.. > والنيل هناك يجري منتعشاً..كدأبه قبل موت فاتن.. > وتساءل بحيرة طفولية: كيف للبلدة - بما فيها ومن فيها - أن تكون كما كانت؟.. > وكيف للجمال..أن يظل هو الجمال..رغم موت الجمال؟.. > وكيف للمواقف أن تنسى من كانا يقفان بين أيديها..وتربت عليهما بأيدها هذي؟.. > وكاتب هذه السطور حدثت له (مواقف) مشابهة بمصر.. > وكان في زيارة للقاهرة عقب وفاة صاحب عمود (مواقف)..أنيس منصور.. > فقد أدهشه ألا يزال كل شيء كما كان.. > فالبرج هو البرج..والنيل هو النيل..والزحمة هي الزحمة..والأهرام هي الأهرام.. > والأهرام - الصحيفة - هي الأهرام..رغم غياب (مواقف).. > ولم يستطع أن يقرأ من الأهرام هذه حرفاً..فقد حل محل أنيس فاروق جويدة.. > واختفى الإدهاش..والإمتاع..والإبداع.. > وغدت المدينة التي يهواها - في نظره - غير ذات ملامح..ومعالم..و(مواقف).. > وخلال انتفاضة أبريل، ثمة (موقف)..(وقف) في ذهني.. > وذلك حين وقع بصري على امرأة اتخذت من شجرة أمام مشفى الذرة (موقفاً).. > وطفقت منه تلهب حماس الثائرين بأعلى صوتها المشروخ.. > وأطراف ثوبها الأبيض النظيف ملفوفةٌ حول خصرها النحيل؛ تحزماً..وتلزماً.. > كانت عجوزاً جميلة ؛ كجمال السودان..وفاتن.. > ومن عباراتها التي ما زلت أذكرها (ما تخافوا يا أبنائي..السودان يناديكم).. > فهل كان السودان على وشك أن يلحق بفتاة صديقي النوبي؟.. > لعلها رأت الأمر كذلك..ورأت (مايو) عقرباً.. > في حين أن (مايو) - وعبر رمزها أبي ساق - كانت ترى الثوار هم العقارب.. > وتبقى الحياة مواقف..في كل الأحول.. > بالمعنيين؛ الرمزي وفقاً للفهم السائد..والحرفي كما لدى صديقي عاشق فاتن.. > ومن لا موقف له لا وجود له..أو هو وجودٌ كعدمه.. > والمرأة صاحبة موقف شجرة المشفى ما زالت ذات وجود في ذاكرة الانتفاضة.. > وما ذاك إلا بفضل (موقفها) المجازي..المُجاز.. > بينما صاحب موقف العقارب لدغت عقربٌ نظامه أول المساء..فمات أول النهار.. > ولم يصمد إلا بمقدار صمود فاتن.. > ويبقى الفرق بينهما أن هذه ذات (مواقف)..ما زال يذكرها صديقي النوبي.. > بينما هو لا (مواقف) له !!.
alintibaha.
|
|