الخطأ الجسيم .. !! - - بقلم هيثم الفضل

05:33 AM February, 17 2019

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر

سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة



خطأٌ جسيم وأظنه قاتل وسيكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير أن يعيش الإسلاميون الفكرة الوهمية التي باتت تسيطرعلى مجريات نقدهم لذاتهم الفكرية والسياسية والمتمثلة في كون جُل خصومهم في الساحة هم الشيوعيون ، ولعل هذا ما يدفع بالكثيرين إلى تأكيد إصطفاء الإسلاميين في السودان لذواتهم عبر إعتبار كل من خالفهم الرأي (كافر) ومارق أو أقل درجةً في الإسلام والإيمان ، وفي هذا الإطار يمكن إستكشاف حالة المنهج المتطرِّف في تقييم الذات وتقييم الآخرين من نواحي هي في الحقيقة لا يعلمها إلا رب العالمين ، وللحقيقة فإن مادة (من يقف ضدنا ويكرهوننا حد الموت هم الشيوعيون) أو بصيغة أخرى أعداء الإسلام والشريعة والقيَّم الدينية ، كانت على مر الدوام السلاح الجدلي الذي يلجأ إليه الإخوان المسلمين كلما ضاق بهم الخناق أو غلبهم المنطق في مُحاججة الآخرين ، وفي أحيانٍ كثيرة محاججة الحق حين يلبسهم ثوب الباطل بلا سٍتر ولا غطاء ، ليس من المنطقي إعتبار كل الخارجين اليوم في الشوارع في المظاهرات يطالبون بدولة المؤسسات والعدالة والحرية والتنمية النزيهة والمستدامة ، جميعهم من الشيوعيين أو الرافضين لتطبيق شرع الله وإرساء قواعد الإسلام كمعتقد يخص الفرد ويحتوي علاقته مع ربه وينظم علاقاته مع الآخرين ، هل من المنطقي أن نجعل كل هذا الحماس المنبث في روح الشباب في الشوارع وفي مثابرتهم على فضح النظام السياسي وبيان سلبياته منحصراً فقط في دائرة الشيوعيين أو الذين يحااربون الدين ؟ وهل بالفعل يرفض الشيوعيون الدين ويعتبرونه هدفاً مستباحاً لطرحهم الفكري والسياسي في بلدٍ مثل السودان لا يستقيم مثول حاجاته الإجتماعية والإقتصادية واالثقافية دون التوكل على الله والإتكاء على تعاليم الدين ، لا أظن أن الشيوعيون أغبياء إلى هذا الحد الذي يجعل من دعوتهم الفكرية والسياسية (حائلاً صلداً) بين الأمة وثقافتها ومعتقداتها ، الإخوان المسلمين أو الإسلاميين أو المؤتمريون بشقيهم لا يستوي أمر جدالهم السياسي والفكري دون الطرق على باب عداء الآخرين لهم لكونهم يحملون راية الإسلام ، يفوت عليهم أن هذا الجيل قد قيَّض الله له أن يرى فضائح ومصائب من يحملون هذه الراية بل ويتذوقون مُرَّ نتائجها في شتى قطاعات التدهور الإستراتيجي والمُمنهج الذي تعانيه البلاد ويدفع ثمنه وجعاً عامة العباد ، لا مجال بعد الآن للمقارعة براية الإسلام في عهد التكنولوجيا وثورة المعلومات وحالة عدم الحياء والخوف من الله ومن المجتمع التي أصابت الإسلاميين فيما أصابوه من خيرات البلاد وثرواتها دون الآخرين وأيضاً تحت مبدأ (إحتكاريتهم للدين الإسلامي دون غيرهم) ، الآن يعلو صوتنا لنقول لهم نحن وغيرنا من الذين لم تتدنَّس أيدينا بصنع هذا الخراب العام أكثر حرصاً على الإسلام منكم ، وننحن الأكثر ترقباً لأن تبرز تعاليم وقيَّم الدين الإسلامي في ثوبها الحقيقي الذي يشرِّف الإسلام والمسلمين والداعين إليه , الدين هو الأخلاق والعمل الصالح والعبادة الحقة في كل مقامٍ و مقالٍ و زمانٍ ومكان ولا شيء غير ذلك .