أغاني سودانية قابلة للتطوير بقلم د.أمل الكردفاني

أغاني سودانية قابلة للتطوير بقلم د.أمل الكردفاني


02-01-2019, 02:35 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1549028116&rn=0


Post: #1
Title: أغاني سودانية قابلة للتطوير بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 02-01-2019, 02:35 PM

01:35 PM February, 01 2019

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر








طبعا الكثير من الناس -وخاصة في مرحلة الصبا- يكون لديهم رغبة في أن يكونوا مطربين. وطبعا لم أكن بعيدا عن ذلك ؛ إلى أن (قهمتني) سيدة كبيرة وقالت لي: صوتك شين. ومن هنا قررت الغاء الفكرة. مع ذلك فالمطروح الآن في الساحة جعلني ألوم نفسي على عدم تبني الغناء والطرب كمهنة صارت تدر الملايين بغض النظر عن الصوت الذي بات خاضعا لعمليات تجميل بأجهزة الكترونية سحرية تجعل صوت جون سينا كصوت فيروز. ناهيك طبعا عن تدني الذائقة السماعية ؛ فبعد العمالقة عثمان حسين وابو داوود ووردي وخلافه بتنا نسمع استنساخات من (علي كبك) ثم يقوم علي كبك بعد عدة حفلات مليونية بفسخ جلده وتمسيد شعره ولقط حواجبه وارتداء بدلة تركية بربطة عنق فيونكة وعينك ما تشوف الا النور. المهم كما قال الاصوليون (الساقط لا يعود) والبكاء على اللبن المسكوب لا فائدة منه.
في التسعينات وربما حتى اليوم انتشرت عمليات أخذ المطربين المصريين للأغاني السودانية وتطويرها عبر الهندسة الموسيقية المتطورة مع إضافة آلات جديدة وأصوات وايقاعات رقمية ، محمد منير الذي خرج ناقما من السودان عندما تم تهميشه هنا ؛ كان أول من قام بتطوير الأغنية السودانية لكنه لم يحترم الملكية الفكرية ولم يشر أبدا لشعراء أو ملحني هذه الأغاني. وتبعه محمد فؤاد وغيرهم. لقد غضب الكثير من الناس بسبب هذه التي اعتبروها (سرقات) والحقيقة أنني لم أتمكن من القاء اللوم على محمد منير لأنه في كل الأحوال لم يقف عند أخذ الأغنية وانما طورها بحيث تكون مهضومة للذائقة العالمية والعربية. في الوقت الذي رفض فيه السودانيون أي محاولة لتجديد الأغنية السودانية بل همشوا كل المواهب الشابة التي حاولت الخروج عن النموذج السبعيني والثمانيني ، واتجهت للدمج بين الايقاعات والسلالم الموسيقية لتطوير الأغنية ، أتذكر منهم الشاب أحمد محمد الأمين ، وأصوات المدينة وغيرهم.
مع ذلك دعنا نقول أن كل هذا العالم محكوم بقانون واحد هو قانون التوازن. فعملية التطوير نفسها يجب ألا تكون قفزة واسعة إنما قفزة موزونة كالشعر العمودي. بحيث لا يحدث صدام ثقافي بين الرؤيتين الحداثية والكلاسيكية. وهذا يحتاج لذكاء نجده لدى من خرجوا من ربقة أغاني الحقيبة ليخلقوا منظومتهم الخاصة ذات الابداع المستقل والمتميز دون أن يصدموا الأذن الجماهيرية بالمفارقات الحادة. الطرب السوداني لديه بنية ثرية يمكن تطويرها بشكل مذهل إذا حدث انفتاح تجاه هذا التطوير ، أثيوبيا اليوم استخدمت الأغاني السودانية كما فعل المطربون المصريون وطوروها بشكل مذهل ، فأعادوا انتاجها بعناصر الجدة التي يطلبها قانون حق المؤلف. فمثلا قام المطربون الأثيوبيون بتطوير أغنية تلقى الدنيا فرحة بشكل مدهش ، وعلى الجمال تغار منا وغيره. طبعا لم يثر ذلك حفيظة الشعب لأن الفارق بين المطرب المصري العربي والاثيوبي ان الأول أوسع انتشارا من الثاني.
هناك أغاني توقعت أن يتبناها المطربون المصريون مثل يا زاهية لأبي داوود ، وأحلى عيون لعبد العزيز المبارك ، وأغلب أغاني وردي الخفيفة وأغنية يا روحي سلام عليك...الخ فتطوير أي غناء هو تطوير قبل كل شيء في الايقاعات والآلات الموسيقية بحيث تستفيد من اللحن الأصلي فلا تتجاوزه ولكن تعزز قابليته للاستساغة على أوسع نطاق ، فالأذن الجماهيرية تؤسسها ثقافتها وتحتكر قابليتها لاستساغة ما هو خارج نموذجها التاريخي المكتسب. الطرب السوداني قابل للانتشار بقليل من الإضافات والحذوفات ، لأنه يمتلك عناصر أصيلة ومتميزة. ولكن طبعا ككل ما حدث لنا خلال العقود الماضية ؛ افتقدنا للذهنية القادرة على القيام بتلك الموازنات على نحو مبدع.