إحذروا هذا الإمام بقلم إسماعيل عبد الله

إحذروا هذا الإمام بقلم إسماعيل عبد الله


01-26-2019, 04:12 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1548515530&rn=0


Post: #1
Title: إحذروا هذا الإمام بقلم إسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 01-26-2019, 04:12 PM

03:12 PM January, 26 2019

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-
مكتبتى
رابط مختصر


الصادق المهدي يلتحم مع الثورة و الثوار بعد ثلاثين يوماً من إنفجار بركان الهبة الديسمبرية , و بعد تقديم الشعب السوداني لأكثر من ثلاثين شهيداً , ضمخوا بدمائهم الطاهرة تراب الوطن العزيز ,فإنّ حفيد المهدي الأول (ذلكم الثائر الوطني الأجدر بالاحتفاء والتبجيل) , قد تردد شهراً كاملاً واستهتر بانطلاقة غضبة الشباب و انتفاضتهم من اجل العزة و الكرامة في أيامها الأولى , ثم جاء بخطبة جمعة الأمس مقدماً خطاباً طويلاً وعريضاً , شارحاً ومفنداً ومعرفاً للغضب الشعبي العارم , وواضعاً خارطة طريق لشباب شقوا طريقهم غير مبالين باملاء ولا وصاية من أحد , متجاهلاً أن هؤلاء الشباب قد حزموا امرهم ولم يعودوا كما كانوا في السنين السابقة , ينتظرون إشارة من السادة الكبار حتى يخرجوا إلى الشارع لكي يعبروا عن طموحهم السياسي , فاليوم قد برز الى سطح الحياة السياسية جيل جديد بعزم أكيد , ولعهد حديث , لا يقاد بل يقود و يضع النقاط فوق الحروف , و ما على كل الذين طرحوا أنفسهم ملوحين بعصا موسى حل الأزمات الوطنية , إلا أن يبصموا بأصابعهم العشرة على وثيقة شباب ديسمبر , و ينخرطوا تابعين لهؤلاء الفتية و ليسوا متبوعين , هؤلاء الفتية الذين آمنوا بوطنهم وازدادوا يقيناً بأن لا أحد سواهم , يستطيع رسم لوحة مستقبل هذا الوطن الجميل , فقد ولى زمان الوصاية الأبوية القديمة و جاء زمان (ما حك جلدك مثل ظفرك) و (لن أعيش في جلباب أبي) , والثورة الحقيقية هي ثورة استبدال جيل بجيل آخر , فمن كان رئيساً للوزراء قبل نصف قرن مما نعد ونحسب , لا يستطيع تلبية طموح من هو له جد اليوم , فلكل زمان رجال و لكل أوان تحدياته التي لا ولن يقوى على مجباهتها , إلا من ينتمي إلى ذات الجيل القوي العود و النابض بالحياة روحاً وبدناً.
إنّ التاريخ السياسي لهذا الرجل يفيض بالخزي و التراخي و الميوعة و اللزوجة , فهو يعتبر الداعم الأساسي لبقاء و استمرارية حكم الإخوان المسلمين في السودان , وأولى هذه الدعامات هي رعايته لباكورة نواة تنظيم الاسلاميين , وذلك بأن جعل من إرث الأنصار وتاريخهم المجيد حاضنة شعبية واجتماعية , لهذا التنظيم الأصولي المتشدد الذي عصف بكيان الدولة السودانية , و الكل يعلم بتلك العلاقة الحميمة بينه وبين مؤسس جبهة الميثاق الاسلامي , الدكتور الراحل حسن عبد الله الترابي , فجيل الساسة السودانيون في ستينيات القرن الماضي شهود عصر , على تآمرهذين الرجلين الذي أدى لخروج نواب الحزب الشيوعي من البرلمان , الحدث الذي يؤرخ لنقطة بداية ذبح بقرة الديموقراطية وقصم ظهر مبدأ التداول السلمي للسلطة , فلولا ذلك العسف و التطرف في عدم تقبل الآخر المختلف أيدلوجياً , لما سعى الشيوعيون للسلطة عبر انقلاب الضباط الأحرار , بقيادة اللواء جعفر محمد نميري في شهر مايو الخاتم لستينيات القرن السالف, هذا إضافة إلى خذلان الصادق المهدي لرفقاء دربه في الجبهة الوطنية المعارضة لنظام نميري , عندما أبتعثوه مفاوضاً للنظام نيابة عنهم , فقام بركل أجندة الجبهة الوطنية جانباً وعمل على تحقيق وإنجاز أجندته الخاصة , وهنالك تسجيل فيديو تحدث فيه الراحل الشريف حسين الهندي موثقاً لهذه المناسبة , ثم جائت الطامة الكبرى بتراخيه في تأمين سلطة الشعب في الثلاثين من يونيو في ذلك العام المشؤوم , فهو المسؤول الأول عن الإخفاق والفشل في سد الثغرة الأمنية التي ولج من خلالها (الكيزان) إلى دهاليز السلطة , حين تمكنوا من تنفيذ الإنقلاب العسكري الثالث في دولة ما بعد الإستقلال , فهو يتحمل المسؤولية لأنه كان رئيساً للجهاز التنفيذي في الدولة , وكان يأتمر بأمره جميع الوزراء , العسكريون منهم و المدنيون على حد سواء , ففي ذلك الزمان تقع تبعات الواجب الإدراي والأخلاقي على رئيس الوزراء (رئيس الجسم التنفيذي) , فتلك المسؤولية لا علاقة تجمعها برئيس الجمعية التأسيسية ولا برئيس مجلس السيادة , فبعد زوال دويلة الفساد والاستبداد وكبت الحريات الانقاذية , سوف يتم عقد لجان للتحقيق الشفاف و المحايد , التي سوف يكون واجبها البحث و التقصي في أسباب حدوث إنقلاب يونيو , وكشف من حنث بقسم الدستور وقيامه بتقديم معلومات وأسرار الدولة إلى الإنقلابيين , فما يزال ذلك العميد الركن الذي كان عضواً بالمجلس العسكري لقيادة إنقلاب الجبهة الاسلامية , والذي كان على رأس شعبة الأمن و الإستخبارات في حكومة الصادق المهدي , موجوداً , وسوف تطلب منه لجان التحقيق هذه تقديم الأسباب والتفاصيل الدقيقة التي دفعته للإنحياز لإنقلاب الاسلاميين , فدولة الدستور و القانون و العدالة الاجتماعية القادمة , لا تتحقق بالمجاملات الإجتماعية ولا بالوجاهات الطائفية , فهي دولة بكل ما تعنيه كلمة دولة حديثة من معنى , إنها دولة يخضع فيها الجميع إلى الرقابة و المحاسبة و المحاكمة , بصرف النظر عن دين وطائفة وعرق وجهة و حزب و لون المدعى عليه.
أما الذين وصمونا بالسعى لشق صف الثورة الشعبية , بسبب توجيهنا لسهام النقد الصريح و الأليم للسيد الإمام , فنقول لهم إنّ قطار الهبة الديسمبرية قد سار ولا يبالي بنا ولا بالسيد الإمام , وأن هذا الزعيم السياسي الكبير عمراً و الصغير تأييداً شعبياً , قد أهمل قاعدته الجماهيرية في إقليمي (دارفور) و(كردفان) , عندما اندلعت ثورة الكرامة و الحرية و الانعتاق , المطالبة بالعدالة الاجتماعية و التوزيع العادل لموارد البلاد الاقتصادية , فتركها تكابد ويلات الحرب و آلام النزوح لأكثر من عقد من الزمان , ولم يكترث لأمرها , وشغل نفسه بالبحث عن إيجاد موطيء قدم له ولأبنائه , في كابينة قيادة نظام الجبهة الاسلامية القومية الإنقلابي , فما نمارسه الآن من نقد قاسي منقطع النظير , ماهو إلا واحدة من محفزات الفعل الديموقراطي الذي هو أكثر قسوة من مشرط الطبيب والجراح الماهر , فهذا الفعل الديموقراطي لن يستطيع الكثيرون ممن طربوا لأهزوجته الصمود امام مده العاتي , فالديموقراطية ليست نزهة رومانسية تسمح للزعماء بأن يمشوا على البساط و السجاد الأحمر , بخيلاء وتفاخر دون حسيب أو رقيب , أو كما ظل يفعل الدكتاتور طيلة الثلاثين عاماً الماضية راقصاً وملوحاً بعصاه , أمام الفقراء و المعوذين مقصّراً في توفير لقمة العيش والخبز لهم , فالديموقراطية حقوق وواجبات و التزام أخلاقي تجاه رأي ورغبة الأغلبية , فالذين اعتادوا على تقبيل الأيدي و حرق البخور في السنوات المظلمة الماضية , عليهم أن يصحوا من غفوتهم و أن يهيئوا أنفسهم لعهد جديد , وعلى زعمائهم الترجل عن كابينة قيادة الحزب , إذا بلغ حجم تصويت عضوية الحزب النصاب الذي يفرض عليهم التنحي.
وأخيراً , الرسالة موجهة إلى من تبقى من أعضاء وقيادات حزب الأمة القومي : إذا لم تقدروا على تجديد القيادة و تغيير النمط الوراثي فيها , فانشقوا و أسسوا حزباً ديموقراطياً يحفظ إرث الثورة المهدية التي آخت بين كل من محمد أحمد المهدي و عثمان دقنة وعبد الله بن محمد , حزباً مؤسسياً لا تكون فيه رابطة الدم عاملاً مؤثراً في الترقي التنظيمي , وباعدوا بين المؤسستين السياسية و الدينية , بحيث لا تجعلوا ممثلي المؤسسة الدينية يخوضون في امر السياسة , فدولة ما بعد البشير هي دولة مدنية وخدمية بامتياز لا شأن لها بالعلاقة الخاصة بين العباد وربهم , ولا تتدخل في اختيارات الناس الروحية , و تعمل على تطبيق مبدأ (لكم دينكم ولي دين) , ففي هذه الدولة المرتجاة لن يكون للسيد الإمام فيها قصب سبق بحكم إنتمائه السلالي للإمام الأول محمد احمد المهدي , قائد ثورة التحرر السودانية التي بفضلها حصلنا على سودان اليوم , بحدوده غير المنقوصة إلا بخطيئة علي عثمان محمد طه في ضاحية نيفاشا , قائد كتائب الظل المهددة لطموحات شباب الثورة الشعبية الظافرة.

إسماعيل عبد الله
[email protected]